السعودية وجهة سلطان عُمان في أول زيارة خارجية له منذ تسلّمه السلطة – مصدر24

السعودية وجهة سلطان عُمان في أول زيارة خارجية له منذ تسلّمه السلطة

الرياض – يعكس لقاء قمّة يجمع الأحد القادم في السعودية بين العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وسلطان عمان هيثم بن طارق التطوّر السريع في علاقة البلدين على أساس مجموعة واسعة من المصالح تمتزج فيها الاعتبارات الاقتصادية والمالية بحسابات السياسة الإقليمية.

ويصل السلطان هيثم الأحد إلى مدينة نيوم بشمال غرب السعودية في زيارة رسمية للمملكة ستكون الأولى له خارج بلاده منذ تسلمه زمام الحكم في يناير 2020 خلفا للسلطان الراحل قابوس بن سعيد.

ويمنح تحرّك عُمان صوب السعودية حلولا إضافية لمشاكلها الاقتصادية والمالية التي أخرجها إلى السطح تذبذب أسعار النفط وتأثيرات جائحة كورونا على اقتصادات مختلف الدول، لاسيما تقييدها لحركة السفر الذي خلّف ضررا بالغا لقطاع السياحة الحيوي بالنسبة إلى السلطنة.

أما السعودية فتتطلّع إلى دور عماني في حلحلة الصراع اليمني الذي أثقل كاهل المملكة ماليا ودبلوماسيا، وكذلك في تبريد الصراع مع إيران وفتح قنوات للتفاهم معها وتحييد خطرها، وذلك بالنظر إلى العلاقات الجيّدة التي ربطت دائما بين مسقط وطهران وفي مختلف الظروف.

محمد مبارك العريمي: التنسيق العماني – السعودي يشمل ملفات داخلية وأخرى خارجية

وقالت مصادر خليجية في الرياض لوكالة الأنباء الألمانية إن وفدا رفيع المستوى يضم عددا من الوزراء سيرافق السلطان هيثم في زيارته إلى السعودية والتي تدوم يوما واحدا ويستقبله خلالها الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان.

وأضافت المصادر “أن المحادثات السعودية العمانية ستتركز على تطورات الوضع على الساحة اليمنية في إطار استمرار الحراك الدبلوماسي المكثف من قبل سلطنة عُمان لحلحلة الأزمة اليمنية وفق توافقات إقليمية ودولية لإنهاء الحرب المستمرة منذ عام 2014 وإجراء حوار مباشر بين الأطراف المتقاتلة، وكذلك دعم وصول المساعدات الإنسانية للشعب اليمني ونتائج مفاوضات الملف النووي الإيراني إلى جانب دفع مسيرة التعاون بين دول مجلس التعاون وتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في شتى المجالات بما في ذلك سبل دعم الاقتصاد العماني”.

وتعليقا على زيارة السلطان هيثم المرتقبة إلى السعودية قال رئيس جمعية الصحافيين العمانية محمد مبارك العريمي في تصريحات خاصة لـ”العرب” إنّ الهدف من الزيارة هو “توثيق العلاقات المتينة بين البلدين”، مبينا أن تلك العلاقات تشمل “مجالات كثيرة ومتعددة منها السياسية والأمنية والاقتصادية، كما أنّ مجالات التنسيق بين الطرفين تشمل ملفات وقضايا ذات طبيعة استراتيجية مثل الملف النووي الإيراني ومستقبل العلاقة مع إيران والأزمة اليمنية والانسحاب الأميركي من المنطقة وما يترتب عليه من استحقاقات ربما تؤثر على المنطقة ككل. هذا بالإضافة إلى مستقبل مجلس التعاون الخليجي والقضية الفلسطينية والتطورات المرتبطة بها”.

وكثفت مسقط خلال الأشهر الماضية جهودها المتمثلة في تنسيق لقاءات على مستوى منخفض بين التحالف العربي والحوثيين، إضافة إلى تنظيم سلسلة من اللقاءات بين مسؤولين دوليين وغربيين والوفد الحوثي.

المختار الهنائي: في أوج الأزمة مع إيران احترمت الرياض ومسقط مواقفهما السيادية

وكان بيان نشرته وكالة الأنباء العمانية الرسمية في أواخر مارس الماضي أفاد بأنّ “السلطنة مستمرة في العمل عن كثب مع المملكة العربية السعودية والمبعوثين الأممي والأميركي الخاصين باليمن والأطراف اليمنية المعنية بهدف التوصل إلى تسوية سياسية شاملة للأزمة في اليمن”.

ورأى الكاتب السياسي العماني المختار الهنائي أنّ توجّه السلطان هيثم إلى السعودية، في أول زيارة رسمية له إلى خارج السلطنة منذ توليه الحكم، يعكس “متانة العلاقة بين البلدين بالرغم من الأزمات التي مرت بالمنطقة على مختلف الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية، ومنها المشكلات التي عصفت بمجلس التعاون الخليجي وأبرزها الأزمة الخليجية التي انتهت مؤخرا وكذلك حرب اليمن حيث ظلت السلطنة والمملكة على تواصل مستمر، ولم تؤثر تلك الصراعات على حالة التعاون بين الجانبين وإن شهدت فترات هدوء في بعض الأحيان، وحتى في أوج الأزمة بين بعض دول الخليج وإيران فقد ظلت تلك العلاقات متينة، واحترم الجانبان القرارات السياسية التي اتخذها البلدان بشكل متبادل تعبيرا عن احترام المواقف السيادية لكل جانب وعدم التدخل في شؤون الغير”.

كما توقّع الهنائي في تصريح خاص لـ”العرب” أنّ “يتم خلال الزيارة الإعلان عن مجموعة من القرارات المشتركة في ما يخص الجانب الاقتصادي والتعاون في مجال الاستثمار وافتتاح الطريق البري المشترك”، مضيفا “ربما نشهد توقيع اتفاقيات مهمة في هذا الجانب خاصة مع ارتفاع أسعار النفط والاستقرار الاقتصادي الذي ستشهده المنطقة خلال الفترة القادمة”.

ووصل حجم التبادل التجاري بين عمان والسعودية خلال الربع الأول من العام الجاري إلى نحو 570 مليون دولار بزيادة نسبتها 6.2 في المئة عن الفترة نفسها من العام الماضي.

وينتظر أن يتم قريبا افتتاح أول طريق بطول 800 كيلومتر يربط بين السعودية وسلطنة عمان بعد اكتمال إنشاء المرافق اللاّزمة لتقديم الخدمات لمستخدمي الطريق. ويمر الجزء الأكبر من الطريق عبر السعودية ويمتد إلى بعض أصعب التضاريس في العالم بما في ذلك الربع الخالي.

'