السفير السعودي يلبي دعوة عون ويذكره باتفاق الطائف – مصدر24

السفير السعودي يلبي دعوة عون ويذكره باتفاق الطائف

يسعى الرئيس اللبناني جاهدا لدفع الحريري إلى الاعتذار وتكليف شخصية أخرى برئاسة الوزراء، وآخر محاولاته هي فتح قنوات اتصال مع المملكة العربية السعودية التي كانت واضحة لجهة رفضها التدخل في شؤون لبنان الداخلية من منطلق مبدئي.

بيروت – كشفت مصادر سياسية في بيروت أن دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون للسفير السعودي في لبنان وليد البخاري تندرج في سياق محاولة عون الالتفاف على رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري عن طريق فتح قناة اتصال مباشرة مع الرياض.

جاء ذلك في الوقت الذي أبدى فيه رؤساء حكومات سابقون تضامنا مع موقف رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري من أزمة التشكيل الحكومي التي تحولت إلى أزمة حكم في علاقة بمسعى الرئيس عون وضع يده على صلاحيات رئاسة الوزراء.

وأوضحت المصادر أن ما يقوم به الرئيس اللبناني يأتي بغطاء من حزب الله الذي لا يعترض على علاقة بين رئيس الجمهورية والمملكة العربية السعودية.

واستقبل الرئيس اللبناني الثلاثاء السفير السعودي بعد انقطاع دام لأكثر من عامين، وأوضح البخاري عقب اللقاء أن الزيارة أتت بدعوة من رئاسة الجمهورية في رسالة لا تخلو من دلالات سياسية.

وسبق أن أوفد عون قبل أيام مستشاره سليم جريصاتي إلى السفير السعودي. وتمنى جريصاتي، وهو وزير سابق، على البخاري زيارة القصر الجمهوري، مؤكدا أن الرئيس يكن كل الاحترام للمملكة وأنه مستعد لفتح صفحة جديدة معها.

وترافقت زيارة موفد الرئيس للسفير السعودي مع طرد المذيع جورج ياسمين من محطة “أو.تي.في” بعد إجرائه حوارا مع الصحافي غسان سعود، وهو من فريق عمل رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، انتقد فيه المملكة ووليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

البخاري يشدد على ضرورة تأليف حكومة لبنانية قادرة على تلبية ما يتطلع إليه الشعب اللبناني وأهمية تغليب المصلحة الوطنية العليا

وذكرت المصادر أن جريصاتي طلب من السفير السعودي خلال اجتماعه به أن تختار المملكة رئيسا للوزراء مكان الرئيس المكلف سعد الحريري. وأبدى استعداد عون لدعم من ترشحه المملكة إلى أبعد حدود، بيد أن السفير السعودي رفض الأمر من منطلق أن سياسة بلاده تقوم على عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد.

وقال البخاري عقب لقائه مع عون إن “السعودية لطالما أعلنت وقوفها وتضامنها مع الشعب اللبناني الشقيق الصامد في وجه الأزمات، والرؤية السعودية للبنان تنطلق من مرتكزات السياسة الخارجية للمملكة التي تؤكد احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها”.

وشدد السفير السعودي على أهمية الحفاظ على اتفاق الطائف بوصفه “المؤتمن على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في لبنان”، في وقت يواجه هذا الاتفاق محاولة للالتفاف عليه من خلال سعي الرئيس عون وفريقه السياسي إلى إفراغ رئاسة الوزراء (تعود وفق اتفاق الطائف للطائفة السنية) من أية صلاحيات وتحويلها إلى مجرد منصب شكلي ينحصر دورها في إدارة جلسات مجلس الوزراء.

وكان الحريري انتقد الاثنين طريقة تعاطي الرئيس عون مع أزمة التشكيل الحكومي على إثر لقاء عاصف بينهما، وقال “الرئيس المكلف ليس عمله أن يقوم بتعبئة أوراق من قبل أحد، ولا عمل رئيس الجمهورية أن يشكل حكومة”.

وجاء موقف الحريري الحاسم ردا على إرسال عون قبل يوم من اللقاء وثيقة للحريري تضمنت ثلثا معطلا لفريقه السياسي، مشفوعة بطلب من رئيس الوزراء المكلف اقتراح أسماء للحقائب حسب التوزيعة الطائفية والحزبية الموجودة في تلك الوثيقة.

ويواجه لبنان أزمة حكومية منذ استقالة حكومة حسان دياب في أغسطس الماضي في ظل إصرار الرئيس عون وحلفه السياسي على أن يكون لهما اليد الطولى في تشكيل الحكومة.

وشدد البخاري على إثر اللقاء على ضرورة تأليف حكومة لبنانية قادرة على تلبية ما يتطلع إليه الشعب اللبناني، مشدداً على أهمية تغليب المصلحة الوطنية العليا للشروع بتنفيذ إصلاحات جذرية تعيد ثقة المجتمع الدولي بلبنان.

رؤساء حكومات لبنان السابقون يطالبون بضرورة التوجه فورا نحو اتخاذ خطوات إنقاذية وتشكيل حكومة بمهمة محددة
رؤساء حكومات لبنان السابقون يطالبون بضرورة التوجه فورا نحو اتخاذ خطوات إنقاذية وتشكيل حكومة بمهمة محددة

ودعا جميع الفرقاء اللبنانيين إلى تغليب المصلحة الوطنية العليا، وأعاد التأكيد على مضامين قرارات مجلس الأمن 1701 و1559 والقرارات العربية من أجل الحفاظ على استقرار لبنان.

وينص القراران الأمميان رقم 1701 و1559 على الاحترام التام لسيادة لبنان وسلامته الإقليمية ووحدته واستقلاله السياسي تحت سلطة حكومة لبنان وحدها دون منازع في جميع أنحاء لبنان، كما ينص القرار رقم 1559 على ضرورة حل جميع الميليشيات.

وبدا تذكير السفير السعودي، لاسيما بالقرار رقم 1559، رسالة بأن موقف المملكة لن يتغير حيال لبنان طالما استمرت سيطرة ميليشيا حزب الله المدعومة من إيران على البلد. كما أن تشديد السفير على ضرورة احترام اتفاق الطائف رسالة واضحة من المملكة مفادها أنها ترفض محاولات التغول على صلاحيات منصب رئاسة الوزراء.

وتثير محاولات الرئيس عون وحلفه السياسي ضرب موقع رئاسة الوزراء غضب الطائفة السنية وسط مخاوف من انجرار البلاد إلى فتنة طائفية.

وأبدى رؤساء حكومات لبنان السابقون مساء الثلاثاء أسفهم واستغرابهم من التصرفات والمواقف التي تخالف الدستور وتخرج عن الإطار المألوف واللياقات والأعراف في تشكيل الحكومات في لبنان، ومن تجاوز الرئيس عون لأحكام الدستور وكأن المقصود إحراج الحريري لإخراجه.

ودعا الرؤساء فؤاد السنيورة ونجيب ميقاتي وتمام سلام عقب لقاء جمعهم مساء الثلاثاء مع رئيس الوزراء المكلف في بيت الوسط الحريري إلى “الثبات على موقفه الوطني والدستوري الحازم، لاسيما في ضرورة استعادة الدولة القادرة والعادلة لسلطتها الكاملة وقرارها الحر”.

وطالبوا بضرورة المسارعة والتوجه فوراً نحو اتخاذ خطوات إنقاذية وتشكيل حكومة ذات مهمة محددة مؤلفة من أصحاب الكفاءات من المستقلين غير الحزبيين.

'