السلطة الجزائرية تتجاهل رسائل الحراك الشعبي – مصدر24

السلطة الجزائرية تتجاهل رسائل الحراك الشعبي

السلطة الجزائرية تتجاهل رسائل الحراك الشعبي

محامون وجامعيون وطلبة يدخلون على خط الغضب وسط توقعات بتوسع الاحتجاجات.

الجزائر – بدا رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى غير مكترث بتطورات الحراك الشعبي في بلاده، وبالرسائل السياسية التي أطلقتها المظاهرات في مختلف مدن البلاد، بما يوحي بأن السلطة ماضية في مكابرتها، وبأن الوضع مرشح للمزيد من الاحتقان خلال الأيام المقبلة.

يأتي هذا في وقت التحقت فيه فئات شعبية جديدة بموجة الغضب الشعبي الذي يستمر لعدة أيام متتالية.

وتجاهل أحمد أويحيى المظاهرات التي عاشتها العاصمة الجزائرية، الأحد الماضي، ولم يتطرق إليها في الكلمة التي ألقاها في مبنى البرلمان بمناسبة عرض بيان السياسة العامة للحكومة، واكتفى بالإشارة إلى الاحتجاجات التي شهدتها مدن أخرى الجمعة الماضي.

ولم يظهر رئيس الوزراء الجزائري أي نية لدى السلطة للتفاعل مع المطالب السياسية المرفوعة في الحراك الشعبي المستمر، خاصة في ما يتعلق بانسحاب مرشح السلطة الرئيس الحالي عبدالعزيز بوتفليقة، المتواجد في جنيف السويسرية، منذ مساء الأحد، لإجراء فحوصات طبية.

أحمد أويحيى: جهات مجهولة تحرّض الشارع على الاحتجاج ضد الولاية الخامسة

ووضع بوتفليقة في 10 فبراير الجاري حدّا للتكهنات بشأن نيته الترشح، معلنا في “رسالة إلى الأمة” أنه يسعى لولاية خامسة في انتخابات 18 أبريل الرئاسية.

ومنذ ذلك الوقت تشهد البلاد حراكا شعبيا ومظاهرات شبه يومية ودعوات إلى تراجع بوتفليقة عن الترشح لولاية خامسة، لكنْ نُقلت عنه، الأحد، دعوة إلى الجزائريين لـ”الاستمرارية” من أجل تحقيق التقدم، وسط تمسك أنصاره من الموالاة بترشيحه.

وتمسك أويحيى في كلمته بـ”إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، والرهان على صناديق الاقتراع لتكون الفيصل بين المترشحين”، في إشارة إلى عدم استعداد السلطة لتقديم أي تنازلات من أجل احتواء الغضب الشعبي، خاصة في ظل التهديد بالاستمرار في الاحتجاج.

ولم يفوّت الفرصة للتحذير من انفلات الوضع والانزلاق إلى أعمال الفوضى والشغب، بسبب ما أسماه بـ”الجهات المجهولة التي تحرّض الشارع على الاحتجاج، لاسيما وأن العدوى امتدت لتشمل تلاميذ وأطفال المدارس″.

وأثنى على القوات الأمنية و”مهنيتها في تسيير الوضع والحفاظ على النظام العام”، لكنّه تجاهل سلوكيات التعنيف واستعمال الغاز المسيل للدموع، والتوقيفات التي طالت بعض الناشطين والحقوقيين، في الاحتجاج الذي عاشته العاصمة الأحد.

وعاد أويحيى ليذكّر نواب البرلمان بأحد أبرز المحاور، التي أعلن عنها في البرنامج الانتخابي لمرشح السلطة، وهو الندوة الوطنية الشاملة المنتظرة، والتي ستشمل جميع الأطياف والتيارات السياسية، والمفتوحة لكل الفاعلين في المجتمع، من أجل مراجعة العديد من الملفات والقضايا المطروحة.

وخرج المئات من طلاب المدارس في مدينة أوقاس بمحافظة بجاية، أمس، من قاعات التدريس إلى الشوارع، لرفع المطالب والشعارات التي ترددت في الحراك الشعبي، والحاثة على التغيير.

وسعى الشيخ بربارة، رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الموالاة، الحركة الشعبية الجزائرية، إلى التقليل من حجم المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع للاحتجاج في مختلف ربوع الجزائر، واصفا إياهم بأنهم “أقلية قليلة”، وأن نسبة “90 بالمئة من الشعب الجزائري داعمة لبوتفليقة”.

وينتظر أن تتجدد الاحتجاجات الشعبية، اليوم، لتشمل جميع الجامعات الجزائرية، بعد الدعوات التي أطلقت على شبكات التواصل الاجتماعي، من أجل تعبئة طلبة الجامعات للخروج إلى الشارع للتعبير عن موقفهم الرافض لترشيح بوتفليقة ولبقاء النظام.

وفي أول ردّ فعل من نواب معارضين بالبرلمان، عبرت الكتلة النيابية لحزب جبهة القوى الاشتراكية المعارض والمقاطع للانتخابات الرئاسية، عن استنكارها لتوظيف وتسخير مؤسسات الدولة لتمرير الولاية الخامسة لبوتفليقة.

وعبر النائب البرلماني صادق سليماني عن “رفض حزبه لبيان الحكومة المغالط وتسخير إمكانيات الدولة لخدمة مرشح السلطة”.

وأكد أساتذة جامعيون في بيان لهم انحيازهم لصالح الإرادة الشعبية والمطالب السياسية المرفوعة في الحراك القائم، ودعا هؤلاء إلى “تنظيم وقفة للتعبير عن دعمهم ومساندتهم لأصوات الشعب”، في ما أسموه بـ”اللحظة الحرجة والمنعرج الحاسم في مسار البلاد، والذهاب بثبات إلى تحقيق الانتقال السياسي والاجتماعي”.

ودعا البيان “إلى انخراط الأكاديميين والأساتذة الجامعيين وعموم النخبة، في مسار الحراك الشعبي، من أجل إعادة الجامعة الجزائرية إلى محيطها وبيئتها الشعبية، وللتأكيد على تفاعلها مع التحولات الاجتماعية ومواكبتها لإرادة التغيير والإصلاح والمرور إلى جمهورية ثانية”.

ولفت إلى أن “النخبة الجامعية ملزمة اليوم بعدم السماح للفراغ بأن يتسلل إلى الحراك الشعبي، والحيلولة دون أجندات الالتفاف عليه من طرف السلطة والأذرع السياسية والمالية والإعلامية الموالية لها، لاسيما في ما يتعلق بالتزام الطابع السلمي الهادئ، وعدم الانجرار إلى العنف”.

وبالتوازي، نظم العشرات من المحامين وقفة سلمية، أمس، في محكمة عبان رمضان وسط العاصمة، عبروا خلالها عما أسموه بـ”الانحياز لصالح الحراك الشعبي” ورفعوا شعارات مناهضة للولاية الخامسة.

وتشهد العاصمة الجزائرية، خاصة في الأحياء التي تضم مقار المؤسسات السيادية كرئاسة الجمهورية والحكومة والبرلمان، تعزيزات أمنية كبيرة وسخرت آليات لوجستية على حواف وأرصفة المباني، تحسبا لأي احتجاجات منتظرة تصل إليها.

'