السودان يطالب بمساعدات واستثمارات أميركية قبل التطبيع – مصدر24

السودان يطالب بمساعدات واستثمارات أميركية قبل التطبيع

الخرطوم – تنطوي زيارة رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان لدولة الإمارات، التي بدأها الأحد، على أهمية نوعية بالنسبة إلى الخرطوم على أكثر من مستوى، ففيها يمكن أن تساعد الإمارات على إنهاء خلافات الخرطوم مع واشنطن، وتتحدد ملامح توجهات السودان في المنطقة، وخاصة ما تعلق ببناء علاقة مع إسرائيل، والشروط التي تطالب بها الخرطوم.

ومن المنتظر أن يلتقي البرهان بمسؤولين أميركيين خلال زيارته لأبوظبي.

وكشفت مصادر سودانية أن البرهان طالب برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وتحصين قيادات الجيش من أي ملاحقات مستقبلية، علاوة على عشرة مليارات دولار كمساعدات، وتقديم استثمارات سخية في مجالات الزراعة والصناعة والسكة الحديدية، لتخفيف حدة الضغوط الاقتصادية.

عصام دكين: السودان قد ينضم إلى قوات عربية إسرائيلية تراقب البحر الأحمر

وتسربت معلومات عبر وسائل إعلام محلية تقول إن واشنطن على استعداد لرفع اسم السودان من لائحة الإرهاب، ومنحه حزمة مساعدات بملياري دولار، وكذلك ضمانات للدعم الاقتصادي خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، وقبلت أوراق اعتماد نورالدين ساتي السفير السوداني الجديد في واشنطن، بعد انقطاع دام نحو ربع قرن.

وعولت تقارير إعلامية أميركية وسودانية قبل أيام على تفكيك عقدة العلاقات بين البلدين، وطرحها بصراحة على طاولة الاجتماعات خلال زيارة البرهان الى الإمارات بوصفها وسيطا مساعدا، حيث تتمسك واشنطن بإقدام السودان على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، كشرط جوهري لرفع اسمه من قائمة الإرهاب، ولا توجد ممانعة سودانية من حيث المبدأ حول هذه القضية.

وينخرط الوفد الوزاري المرافق للبرهان برئاسة وزير العدل نصرالدين عبدالباري والخبراء، في تفاوض مباشر مع فريق من الإدارة الأميركية متواجد في الإمارات، حول رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ودعم الفترة الانتقالية، وإسقاط الديون الأميركية عن السودان وحث باقي الدول الصديقة على اتخاذ خطوات جادة في إعفائه من الديون.

وتنحصر الخلافات في الجهة التي تتخذ القرار في هذا الشأن داخل الخرطوم، حيث اعتذر رئيس الحكومة عبدالله حمدوك خلال لقاء سابق له بالخرطوم في أغسطس الماضي مع وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو عن اتخاذ قرار التطبيع، بذريعة أنه يرأس حكومة انتقالية ليس من حقها اتخاذ قرارات مصيرية، في وقت تصاعدت فيه حدة الانتقادات لخطوة من هذا النوع داخل تحالف قوى الحرية والتغيير.

في المقابل التقى البرهان، في خطوة نادرة ومفاجئة، رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في عنتيبي بأوغندا، في فبراير الماضي، وبدت تصريحات الأول آنذاك إيجابية، بما يصب في الاتجاه الذي تريده الإدارة الأميركية بشأن منح أولوية لملف التطبيع، لكن تلك الجهود تعطلت على وقع تصاعد حدة التراشق بين قوى سودانية حيال من يصنع السياسة الخارجية، والجهة المخول لها اتخاذ قرار التطبيع.

وتلقى البرهان دعوة لزيارة واشنطن ولقاء الرئيس دونالد ترامب في الخامس من أكتوبر المقبل، والتوقيع على الاتفاق الثنائي لرفع اسم السودان من لائحة الإرهاب، والذي أشارت الكثير من المصادر الأميركية إلى أنه بات قاب قوسين أو أدنى، وأن الإدارة الأميركية ستتكفل بحل المصاعب السياسية داخل الكونغرس.

وقال المحلل السياسي السوداني عصام دكين، إن مباحثات البرهان المرتقبة مع المسؤولين الأميركيين خلال زيارته إلى الامارات تضع الخطوط العريضة لبنود التوافق مع واشنطن، وتذليل كافة العقبات الدولية أمام قرار فك الحظر الاقتصادي، ومناقشة الضمانات التي ستقدم إلى السودان مستقبلاً.

وأكد دكين، في تصريح لـ”العرب”، أن الخرطوم سوف تحصل على إعانات مالية كبيرة تخرج البلاد من الدائرة الاقتصادية الصعبة، وتساعد في التأسيس لشراكة مستقبلية في محور الاعتدال العربي مع مصر والسعودية والإمارات والبحرين.

Thumbnail

وكشف دكين، المقرب من مجلس السيادة السوداني، عن مشاركة عناصر من الجيش السوداني ضمن قوات عربية – إسرائيلية يجري الإعداد لها لتأمين الملاحة البحرية في البحر الأحمر، “فقد اختار السودان طريقه بالدخول في النظام العالمي الذي يقوم على أسس بناء السلام في الشرق الأوسط”.

وأضاف أن البرهان قرر المضي قدما في هذا الطريق، الذي يضمن استقرار المؤسسة العسكرية، وقد يتجاوز الأمر ذلك ليمتد إلى أن يكون هناك دور أوسع للجيش في نظام الحكم لاحقا.

وأنهت الخرطوم تسوية مادية عصيبة لملف ضحايا تفجير المدمرة الأميركية “يو إس إس كول”، وتوصلت إلى تفاصيل كثيرة في اتفاق آخر بشأن ضحايا تفجير سفارتي الولايات المتحدة في كل من كينيا وتنزانيا، بما يعني انتهاء صفة استمرار وضع اسم السودان على قائمة الإرهاب.

ولدى كل طرف أهداف يريد تحقيقها في هذه المرحلة، فالسودان يرى أن الصفقة السياسية مربحة بالنسبة إليه، فالتطبيع مع إسرائيل قادم قادم، في ظل تطورات إقليمية متلاحقة، وأن يقبض ثمنا ماديا ومعنويا باهظا لهذه الخطوة أفضل من لا شيء، لأن حدة الممانعات العربية في هذا الملف تنكسر بالتدريج.

كما أن الولايات المتحدة أجادت الاستثمار في هذه القضية التي تمثل لها مكسبا سياسيا جديدا، في ظل توجه أميركي يضع ملف التطبيع بين دول عربية وإسرائيل في سلم الأولويات، ويريد ترامب التفاخر بأنه كسر حاجزا بدا مخيفا للبعض.

وتتجاوز حدود المنافع المتبادلة هذه المسألة بالنسبة إلى البلدين، فإذا كانت واشنطن تريد إدخال تعديلات على خارطة المنطقة من باب التطبيع، فإن كسب السودان لهذا الصف ربما ينطوي على مكونات بعيدة، تتعلق بتوجهاته الإقليمية، وقطع الصلة مع الماضي، والدوران في ملف معسكر مناهض للمتطرفين.

'