السودان يعتمد ضوابط جديدة لتحسين مناخ الأعمال – مصدر24

السودان يعتمد ضوابط جديدة لتحسين مناخ الأعمال

استطاع السودان طيلة الفترة الماضية تجاوز العديد من العقبات قبل انعقاد مؤتمر المانحين المقرر في العاصمة الفرنسية باريس الشهر المقبل. وكان آخر هذه العقبات اعتماد ضوابط جديدة لتحسين مناخ الاستثمار في بلد هو في أمسّ الحاجة إلى الأموال من أجل النهوض باقتصاده العليل.

الخرطوم – يتعرض السودان، أحد أكثر الدول مديونية، لضغوط لإظهار أنه مستعد لتنفيذ حزمة من الإصلاحات قبل المؤتمر المقرر في منتصف مايو المقبل، والذي يعول عليه لجمع المليارات من الدولارات.

وتتمتع البلاد بمقومات طبيعية متعددة وبمميزات تهيّئ المناخ الملائم للاستثمار مع تقديم الدولة للتسهيلات والامتيازات الجاذبة التي تشجع المستثمرين العرب والأجانب في العديد من المجالات وخاصة الزراعة لاسيما وأن هناك دعما أميركيا لمساعدة السودان.

وسعت الحكومة الانتقالية طيلة الفترة الماضية إلى إصلاح الاقتصاد بالرغم من الأزمات التي أثرت على بنتيه الأساسية، وذلك من خلال تنفيذ سلسلة من الإجراءات والتدابير الهيكلية لتهيئة مناخ الاستثمار عبر سياسة تحرير سعر الصرف، الذي يعتبر إحدى الخطوات المهمة لتحسين بيئة الاستثمار وجذب المستثمرين الأجانب.

كما نفذت وزارة الاستثمار والتعاون الدولي حزمة من التدابير لجذب الاستثمار الأجنبي عبر إجازة قانون الاستثمار الجديد وإجازة قانون الشراكة ما بين القطاع الخاص والقطاع العام وإجازة قانون النظام المصرفي المزدوج.

ونسبت وكالة الأنباء السودانية الرسمية إلى الهادي محمد إبراهيم وزير الاستثمار والتعاون الدولي قوله، إن “الحكومة اتخذت قرارات مفصلية لإصلاح الاقتصاد الكلي في الدولة على رأسها قرار توحيد سعر الصرف ورفع الدعم وتخفيض عجز الموازنة وترشيد الإنفاق الحكومي إلى جانب خفض مستويات التضخم وجميعها تصب في تهيئة المناخ الاقتصادي”.

وكشف إبراهيم أن الوزارة وضعت ضوابط لتحسين المناخ الاستثماري وتسهيل خدمات المستثمرين وذلك بتجهيز دليلي المستثمر والإجراءات ومشروع السودان الواعد الذي يحوي تفاصيل عن الفرص والمجالات المتاحة للاستثمار.

وأكد أن الوزارة مستمرة في طريق الإصلاح الاقتصادي وجذب الاستثمارات، وأن جميع الأبواب مفتوحة للاستثمارات في مختلف المجالات بالتركيز على مشروعات الطاقة والنقل، كما أنها مشرعة أمام المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية دون استثناء لتحقيق المنفعة الاقتصادية المتبادلة.

وحتى العام 2017، كان حجم الاستثمارات الأجنبية بما فيها العربية وخاصة الخليجية في السودان يتجاوز 74 مليار دولار، لكن لا توجد أرقام دقيقة اليوم عن حجمها بعد أن دخلت البلاد مرحلة جديدة عقب الإطاحة بنظام عمر البشير مما أدى إلى ظهور علل الاقتصاد بشكل أكبر.

وفي إطار التحضيرات لمؤتمر باريس المقرر في الـ17 من مايو المقبل، قال إبراهيم إن “الحكومة وضعت عدة مشاريع لتقديمها في المؤتمر على مستوى القطاعات الاقتصادية الحيوية وأن ملتقى التجويد والتحسين والعرض سيقوم بمتابعة تلك المشاريع قبل عرضها أمام رجال الأعمال والمستثمرين”.

الهادي محمد إبراهيم: الحكومة ستقدم في مؤتمر باريس حزمة متنوعة من المشاريع

ويتوقع أن يمثل المؤتمر فرصة للجانب الأميركي الرسمي، الذي أكد مشاركته في المؤتمر، ليثبت لمجتمع المال والأعمال أن السودان بعد خروجه من قائمة الدول الراعية للإرهاب ما عاد معزولا عن العالم ولا توجد عقبات أو عوائق تقف دون الاستثمار أو التعامل المالي والمصرفي معه.

وسيكون النظام المصرفي السوداني حاضرا بقطاعيه الحكومي والخاص لتأكيد استعداده لبدء خطوات إعادة اندماجه في النظام المصرفي الدولي بعد إجازة قانون المعاملات المصرفية الجديد في منتصف أبريل الجاري والذي يسمح للبنوك العاملة في السودان بالعودة إلى النظام المصرفي التقليدي بعد ثلاثة عقود من الغياب عن هذه السوق.

وتراهن جهات دولية مقرضة على أن تتمكن السلطات الجديدة من نفض غبار ديون بمليارات من الدولارات تمثل فيها الفوائد قرابة 28 مليار دولار، والتي تخلفت الخرطوم عن سدادها منذ وقت طويل.

وتتركز معظم التعاملات في ديون السودان حول قرض مضمون من الدولة صدر في 1981، في إطار اتفاقية لإعادة هيكلة دين قيمته الأصلية 1.64 مليار دولار.

وبعد فترة قصيرة من ذلك، تخلفت الخرطوم مجددا عن سداد التزاماتها بشأن القرض، ولم تقدم الحكومات المتعاقبة في عهد البشير على فعل شيء أيضا. ويقدّر محللون الآن المبلغ المستحق، بما في ذلك حوالي أربعة عقود من الفوائد غير المدفوعة، بنحو 8 مليارات دولار.

ويربط المراقبون فرص نجاح السودان في إخراج الاقتصاد من أمراضه المزمنة بمعالجة ملف الديون القديمة، المقرون في جانب رئيسي منه بإنهاء العقوبات الأميركية المفروضة وشطب الخرطوم من قوائم دعم الإرهاب.

ونفذت الحكومة التي شُكلت عقب الإطاحة بنظام البشير إصلاحات شملت تقليص دعم الطاقة وخفض قيمة العملة، مع تطبيق البلاد برنامجا تحت

إشراف صندوق النقد الدولي في خضم أزمة اقتصادية. ويأمل السودان في أن يبدأ عملية للإعفاء من الدين في يونيو المقبل بعد مبادرة من الولايات المتحدة.

وفقد السودان حوالي 80 في المئة من إيرادات النقد الأجنبي بعد انفصال الجنوب عنه في العام 2011، على خلفية فقدانه ثلاثة أرباع آباره النفطية، بما يقدر بنحو 50 في المئة من إيراداته العامة.

'