السياحة والطيران وترميم الآثار تعزز العلاقات بين مصر وإسرائيل – مصدر24

السياحة والطيران وترميم الآثار تعزز العلاقات بين مصر وإسرائيل

توقيت اندلاع الاشتباكات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي في القدس يضع الحكومة المصرية تحت ضغوط، حيث تزامن ذلك مع ترميم الآثار اليهودية بالقاهرة وعودة السياحة والطيران ما ساهم في تزايد توافد السياح الإسرائيليين على مصر.

القاهرة – أحرجت أحداث المسجد الأقصى وتزايد الاشتباكات بين قوات الاحتلال الإسرائيلي وفلسطينيين في القدس حاليا الحكومة المصرية، حيث اندلعت في توقيت بدأت السياحة والطيران وترميم الآثار اليهودية بالقاهرة تستعيد زخمها، وهو ما ينطوي على إشارات إيجابية سياسية وأمنية واقتصادية.

وغابت أحداث القدس كما غابت التطورات الجديدة في العلاقات بين الجانبين عن وسائل الإعلام المصرية ولم يتم التوقف عندهما كأن لا علاقة للقاهرة بهما، وهي التي تبذل جهودا لوقف الصدامات ومنع الاشتباكات وتتجه للمزيد من التعاون.

وتتعامل الحكومة المصرية مع إسرائيل بطريقة تبدو مزدوجة، لا يمنعها تصاعد الأوضاع في الأراضي الفلسطينية في أوقات الحرب أو بعد وقف إطلاق النار من التعامل مع إسرائيل بطريقة حذرة تمكنها من وضع حد للتفاعلات أو الخلافات.

وقاد اتساع نطاق الدور الذي تلعبه التنظيمات الإرهابية في المنطقة إلى فرض أطر معينة للتفاهم بين الأجهزة الأمنية في البلدين الفترة الماضية، ومن المتوقع أن يتزايد التنسيق مع عودة السياحة الإسرائيلية للتدفق على المنتجعات المصرية في سيناء.

تنسيق أمني واقتصادي

الآلاف من الإسرائيليين وصلوا سيناء لقضاء عيد الفصح، وأقلعت أول رحلة تابعة لشركة «العال» نحو مطار شرم الشيخ

ذكرت قناة “كان” العبرية الرسمية الاثنين أن تل أبيب تنسق مع القاهرة لضمان أمن الإسرائيليين الذين بدأوا في التوافد على سيناء الأيام الماضية لقضاء عطلة عيد الفصح اليهودي، والتي ستنتهي الجمعة المقبل.

وقالت القناة إن المؤسسة الأمنية تراقب عن كثب دخول الإسرائيليين إلى سيناء لضمان أمن العشرات من الآلاف الذين وصلوا، وأن القيادة الجنوبية في الجيش رفعت حالة التأهب على طول محاور السفر في إسرائيل.

وكانت السياحة الإسرائيلية هدفا لجماعات إرهابية في فترات سابقة قبل أن تتمكن أجهزة الأمن المصرية من القضاء على قوتها الضاربة مؤخرا، بما شجع على استئناف الإسرائيليين عمليات دخولهم سيناء، وتعويض جزء من الخسارة التي يتعرض لها قطاع السياحة بمصر عقب الجمود الذي أصاب رحلات القادمين من روسيا وأكرانيا.

وأصدر رئيس الأركان أفيف كوخافي تعليمات بزيادة الجهود الاستخباراتية بشأن تنظيم داعش في سيناء ونقل بعض المعلومات إلى الأجهزة الأمنية المصرية.

ويقصد السياح الإسرائيليون المنتجعات المصرية في سيناء بسبب الأسعار التفضيلية مقارنة بأسعار منتجعات إيلات في إسرائيل، وسافر أكثر من 700 ألف سائح إليها عام 2019 قبل انتشار وباء كورونا، ومن المرجح أن تعود الأوضاع لما كانت عليه.

مهرجانا الموسيقى “غراوند” و”نابيا” أثارا عند انطلاقهما الأحد الماضي في سيناء المصرية ردود فعل شعبية رافضة لهما بحجة أن منظميهما من الإسرائيليين

ووصل الآلاف من الإسرائيليين إلى سيناء عبر معبر طابا الحدودي لقضاء عيد الفصح، وأقلعت أول رحلة طيران إسرائيلية تابعة لشركة “العال” لمطار شرم الشيخ وتبعتها رحلات لشركتي “أركياع” و”يسرائير” بعد أن اتفق البلدان على تدشين خط طيران مباشر بين مطار ديفيد بن غوريون ومطار شرم الشيخ في مارس الماضي.

وبدأت شركة مصر للطيران الحكومية رحلات إلى إسرائيل في أكتوبر الماضي بعد أن ظلت شركة سيناء للطيران التابعة لمصر للطيران تسير الرحلات على هذا الخط منذ توقيع اتفاقية السلام بين الجانبين عام 1979.

وأكد اللواء يحيى الكداوني عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري أن عودة الوفود السياحية والطيران تعكس مدى التنسيق والتفاهم الأمني والسياسي والاقتصادي بين البلدين وتبرهن على الأمان في مصر بعد فترة من التوتر.

وأضاف لـ”العرب” أن التعاون المتشعب تحرص عليه القاهرة وتل أبيب كجزء من الاستقرار في المنطقة وتأكيد لتمسك مصر تحديدا بتقديم نفسها أنها بلد السلام.

وأوضح أن العلاقة بين مصر وإسرائيل كانت حساسة وشائكة، والتقارب يعطي الكثير من الرسائل، لأنه لا بديل عن تذليل التحديات لأجل تثبيت الاستقرار، فعندما تتعاون مصر مع إسرائل في ملفات عديدة تدفع للمزيد من التقارب بينها ودول أخرى.

خفوت صوت المقاطعة

 

أحداث القدس غابت عن وسائل الإعلام المصرية كما غابت التطورات الجديدة في العلاقات بين الجانبين، وكأن لا علاقة للقاهرة بهما، وهي التي تبذل جهودا لوقف الصدامات

 

تزامن مع الانفتاح السياحي والجوي إعلان وزارة السياحة والآثار المصرية العمل في مشروع ترميم معبد بن عزرا بمنطقة مجمع الأديان في مصر القديمة بوسط القاهرة كنوع من التأكيد على أهمية السياحة الإسرائيلية التي يمكن أن تتجاوز جولاتها لاحقا مسألة الاستجمام في منتجعات سيناء.

ومع أن صوت تيار المقاطعة الشعبية للخطوات الرسمية التي تتبناها القاهرة حيال تل أبيب انخفض إلى أدنى مستوياته بعد ثورات الربيع العربي، إلا أنه يعلو من وقت لآخر كعلامة على أن هناك حدودا للمدى الذي تصل إليه العلاقات بين مصر وإسرائيل.

ويقول مراقبون إن القاهرة كانت تستعين بهذا التيار بصورة غير مباشرة لتبرير تجميدها بعض استحقاقات بنود اتفاقية السلام، لكن الآن لم يعد لهذه الورقة دور كبير في ظل زيادة التضييق على حركة القوى والأحزاب السياسية في المجال العام بمصر.

ويرى هؤلاء المراقبون أن التطورات التي أدت إلى نمو التعاون العربي مع إسرائيل في بعض القضايا الإقليمية وضع على القاهرة أعباء تجعلها تتخلى عن توظيف أداتي الانفتاح وفرملة التطبيع معا في هذه المرحلة، ما يعني أن حملات رفض التعاون مع إسرائيل في المجالات الفنية والثقافية يفتر حماسها تدريجيا.

وأثار مهرجانا الموسيقى “غراوند” و”نابيا” عند انطلاقهما الأحد الماضي في سيناء المصرية ردود فعل شعبية رافضة لهما بحجة أن منظميهما من الإسرائيليين.

ودعا الفرع المصري لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات عبر منصة تويتر لمقاطعة فندق اختاره المنظمون لاستضافة مهرجان “نابيا”.

وأمام المصالح الاقتصادية المتنامية والعوائد التي يمكن أن تحققها مصر من وراء التعاون في مجالات مختلفة تتراجع دعوات المقاطعة وفرملة التطبيع مع إسرائيل، ما يعني أن توثيق أطر التعاون في السياحة والطيران والآثاء سيكون هو المدخل لتعزيز التعاون في قضايا أمنية وسياسية متباينة.

'