الشارع العراقي يضغط على حكومة الكاظمي دون مهلة لاختبار جديتها في الإصلاح – مصدر24

الشارع العراقي يضغط على حكومة الكاظمي دون مهلة لاختبار جديتها في الإصلاح

الشارع العراقي يضغط على حكومة الكاظمي دون مهلة لاختبار جديتها في الإصلاح

العودة التدريجية للحراك الاحتجاجي في الشارع العراقي تمثّل مصدر ضغط إضافي على حكومة مصطفى الكاظمي الغارقة في متاهة معقّدة من الأزمات التي تحرص دوائر مقرّبة منها على التذكير بأنها موروثة عن حكومات سابقة، وأنّ الحكومة الحالية تستحقّ الحصول على فرصة للعمل واختبار نواياها في الإصلاح والتغيير بشكل عملي.

 بغداد – تسلّط الاحتجاجات العائدة تدريجيا إلى الشارع العراقي ضغوطا متزايدة على حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي التي تبدي رغبة في الإصلاح وتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، لكنّها لا تجد الموارد الضرورية لذلك ولا الوقت الكافي لتهدئة غضب الشارع المتحفّز للتظاهر والاحتجاج بسبب فقده الثقّة بالسياسيين ووعودهم.

وأغلق مئات المتظاهرين في محافظة كربلاء جنوبي العراق، الأحد، محطة للطاقة الكهربائية، ومنعوا موظفيها من مزاولة أعمالهم، بسبب زيادة ساعات قطع التيار الكهربائي، بينما اقتحم متظاهرون، الأحد، مبنى محافظة ذي قار بجنوب البلاد وطالبوا المحافظ بتقديم استقالته من منصبه.

وأصبحت أزمة الكهرباء المزمنة سببا في انطلاق احتجاجات عارمة في العراق في مثل هذا الفصل من كلّ عام حيث تزداد الحاجة إلى الطاقة الكهربائية مع الارتفاع المهول في درجات الحرارة.

واحتشد المئات أمام محطة كهرباء الديزلات في منطقة الجمالية بكربلاء، معلنين إغلاق المحطة حتى تحقيق مطالبهم. وقال ياسر الحكيم، أحد المتظاهرين، لوكالة الأناضول إنّ المحتجّين “منعوا جميع الموظفين من الوصول إلى المحطة.. وعلّقوا لافتة كتب عليها، محطة كهرباء الديزلات مغلقة بأمر من الشعب”.

وقررت الحكومة العراقية في يونيو الماضي تخويل وزير المالية صلاحية التفاوض والتوقيع على قروض مالية تصل إلى أكثر من مليار يورو لتمويل مشاريع الطاقة الكهربائية في البلاد.

وفي الناصرية مركز محافظة ذي قار اقتحم متظاهرون، الأحد، مبنى المحافظة وطالبوا المحافظ ناظم الوائلي بتقديم استقالته من منصبه بسبب فشله في أداء مهامه وعدم تحقيقه أي تقدم في مكافحة الفساد ومحاسبة المتورطين في قتل المتظاهرين الذين شاركوا في الانتفاضة التي انطلقت في أكتوبر الماضي واستمرت لعدّة أشهر مخلفة الآلاف من الضحايا بين قتلى وجرحى في صفوف المنتفضين.

وقال أحد المتظاهرين إنّ محافظ ذي قار “كان قدم وعدا للمتظاهرين قبل أسبوعين بإجراء تغيير شامل لجميع مدراء المؤسسات الحكومية العاملة في المحافظة بسبب سوء الإدارة والفساد المالي، وتقديم المتورطين في قتل المتظاهرين إلى القضاء”.

لا مجال للصمت أكثر
لا مجال للصمت أكثر

وأضاف المتظاهر “المحافظ لم ينفذ وعده حتى الآن، إلا أنّ المتظاهرين عازمون على إجباره على تلبية المطالب بشكل فوري”.

وتنذر حركة الاحتجاج العائدة إلى الشارع العراقي بصيف صاخب في مدن وسط وجنوب العراق التي تحوّلت إلى مركز رئيس لمعارضة النظام والدعوة إلى إسقاطه.

ومنذ اندلاع الحراك الشعبي في العراق في أكتوبر 2019، تصدرت ذي قار مشهد الاحتجاجات المناوئة لحكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي والطبقة السياسية الحاكمة المتهمة بالفساد والتبعية للخارج.

وأجبرت الاحتجاجات حكومة عبدالمهدي على الاستقالة أواخر العام الماضي ولا تزال تضغط على حكومة خلفه مصطفى الكاظمي للإيفاء بتعهداته الخاصة بمحاكمة قتلة المتظاهرين ومحاربة الفساد.

وكان الكاظمي تعهد إبان تشكيل حكومته في مايو الماضي، بوضع محاربة الفساد ومحاكمة المتورطين ورفع كفاءة المؤسسات على رأس أولويات حكومته.

لكن رئيس الوزراء الجديد يبدو في وضع صعب، فهو لا يواجه فقط تراكمات 17 سنة من فشل الطبقة الحاكمة في إدارة شؤون البلاد والتحكّم في مواردها وحمايتها من الفساد الذي بلغ مديات غير مسبوقة في العراق، لكنّه يواجه أيضا تحديّات مستجدّة على رأسها جائحة كورونا والضائقة المالية الشديدة الناجمة عن تراجع أسعار النفط الذي يكاد يكون المورد الوحيد للميزانية العراقية.

ويتساءل متابعون للشأن العراقي عن إمكانية إجراء إصلاحات جدية مؤثرة في الوضع بالعراق من داخل منظومة الحكم ذاتها بينما عملية الإصلاح تمثّل خطرا على مصالح شخصيات قيادية في النظام القائم، حتى أنّ عملية المحاسبة المنشودة، بما في ذلك محاسبة المسؤولين عن قتل المتظاهرين، لا يمكن أن تتمّ دون محاسبة مسؤولين كبار في الدولة بينهم أركان حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبدالمهدي بالإضافة إلى كبار قادة الميليشيات الذين شاركت ميليشياتهم بفعالية في قمع المحتجين.

ويخشى البعض أن يكون الشارع العراقي الذي مثّل على مدار السنوات الأخيرة ماكنة ضغط هائلة على السياسيين لإجراء إصلاحات ضرورية، ونجح على الأقل في إطلاق عملية تفكير في الإصلاح، بصدد الاستخدام بشكل غير مباشر من قبل معارضي الإصلاح والمستفيدين من الوضع القائم، وذلك بخلق حالة من الفوضى من شأنها أن تفشل عمل الحكومة الحالية قبل اختبار مدى جدّيتها والوقوف على مدى صدقها في العمل على تحسين الأوضاع وإحداث التغيير المنشود.

وعلى هذه الخلفية تدعو جهات مساندة لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى منح حكومته فرصة العمل والبحث عن حلول للمعضلات المتراكمة والموروثة عن حكومات سابقة، بما في ذلك تهدئة الشارع لاحتجاجاته لمدّة محدّدة على سبيل إعطاء الحكومة مهلة لتنفيذ جملة محدّدة من الأهداف المضبوطة بواقعية ودون أوهام.

'