الشكوك تستقبل محاولات تونس جذب المستثمرين الأجانب – مصدر24

الشكوك تستقبل محاولات تونس جذب المستثمرين الأجانب

تونس – استقبل خبراء حملة الترويج التي أطلقتها تونس الأحد حتى تُكسب الاستثمارات الخارجية زخما جديدا لإنعاش اقتصادها العليل، بالكثير من التشكيك بالنظر إلى غياب الأرضية المحفّزة لإقامة المشاريع ونجاحها.

وأكدوا أن على السلطات والجهات المعنية بجذب رؤوس الأموال الأجنبية اتخاذ خطوات أكثر جرأة واعتماد أدوات أكثر فاعلية لإزالة كافة المعيقات أمام نمو قطاع الأعمال، الذي يُفترض أنه إحدى أبرز ركائز نمو الاقتصاد إلى جانب السياحة والزراعة.

وأطلقت وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي في تونس الأحد حملة ترويجية بعنوان “استثمر في تونس” في إطار استراتيجيتها لاستعادة مكانة البلد كوجهة جاذبة لرؤوس الأموال الأجنبية، ودعما للسياسات العامة في دفع عجلة المشاريع التنموية ومكافحة البطالة.

وتأتي الخطوة فيما تسعى السلطات إلى إعطاء قطاع الاستثمار الذي لا يشكل سوى 4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي دفعة أكبر خلال الفترة المقبلة، وتحسين صورة البلاد خارجيا من حيث مناخ الأعمال الذي لا يزال ضمن نطاق المؤشرات الضعيفة.

ولا تزال تحديات استقطاب الاستثمارات رهانا صعبا على الدولة رغم توفير تونس في 2016 قانونا جديدا للاستثمار، والذي يجمع اقتصاديون على أنه لم يضف نتائج واضحة حتى الآن وأن بيئة الأعمال ظلّت طاردة لرؤوس الأموال.

عبدالباسط الغانمي: نعمل على إعطاء المستثمرين لمحة عمّا نقدمه من حوافز

ونسبت وكالة الأنباء التونسية الرسمية إلى مدير عام الوكالة عبدالباسط الغانمي قوله خلال حدث أقيم بالعاصمة التونسية “نريد تعزيز إشعاع تونس ودعم مكانتها كوجهة جاذبة للاستثمارات الخارجية من خلال المزيد التعريف بموقعها وبأهم مكتسباتها”.

وأضاف “نعمل على إعطاء المستثمرين الأجانب لمحة عن الميزات التفاضلية والحوافز، التي توفرها تونس في عدة قطاعات خاصة منها المتصلة بالابتكار والتطوير التكنولوجي”.

ولم يكشف الغانمي بالتدقيق المجالات التي يمكن أن تستفيد منها الشركات الأجنبية في المستقبل خاصة وأن البلد شهد خلال السنوات الأخيرة تخارج عدة شركات كانت تنشط في قطاعات حيوية مثل الطاقة.

ومن أبرز الأمثلة على ذلك هو قرار بتروفاك النفطية البريطانية في يونيو 2018 مغادرة تونس بشكل نهائي رغم محاولات المسؤولين آنذاك إقناعها بالبقاء، في خطوة اختزلت فعليا فشل السلطات في الحفاظ على استثمارات إحدى أقدم الشركات الأجنبية في البلاد.

لكن مع استمرار التلكؤ في معالجة مكامن ضعف إقبال المستثمرين على السوق المحلية يعتقد الغانمي أن “تونس لديها إمكانيات في عدة مجالات خاصة الرقمية منها والتي تُعنى بالابتكار والتكنولوجيا والصناعات الذكية، كما أنها تمتلك كفاءات من الموارد البشرية يمكن الاستفادة منها”.

وتشكل القوانين الخاصة بالاستثمارات وتجذر البيروقراطية أحد أهم العراقيل التي تجعل المستثمرين ينفرون من السوق التونسية، وهو ما يقلص فرص نجاح عملية التسويق لبيئة الأعمال بالبلاد كونها ستكون أكثر من مجرد دعاية نظرا لوجود تجارب سابقة لم تنجح.

والأمر الأكثر أهمية هو عدم وجود الضمانات الكافية، التي يمكن أن توفرها الدولة حتى تقنع المستثمرين بالقدوم ولاسيما حمايتهم من تغول الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر النقابات العمالية بالبلاد، والذي يلقى الكثيرون عليه باللوم في هروب رؤوس الأموال.

وحتى القطاع السياحي الذي يعاني منذ أن تفشت الجائحة بعد أن بدأ في الابتعاد عن أزماته بعد الهجمات الإرهابية في 2015، وأيضا الزراعة التي تواجه مشكلات لا حصر لها فاقمتها موجة الجفاف، قد لا تغري الشركات على الدخول في هذه المغامرة.

ورغم الأزمة المالية والرؤية الضبابية التي تكتنف الوضع فقد استطاعت تونس تحقيق تقدم في مؤشر سهولة ممارسة الأعمال لعام 2020 وهو آخر تقرير أصدره البنك الدولي، إذ تقدمت بنحو 44 مركزا على مؤشر إطلاق الشركات لتصبح في المرتبة الـ78 عالميا.

تونس تأمل في تحقيق بعض النتائج المثمرة من تنظيمها لثلاثة أحدث اقتصادية خلال هذا العام

ومع ذلك أظهرت آخر الإحصائيات الصادرة عن الهيئة التونسية للاستثمار أن المنحى السلبي لا يزال يلازم قطاع الأعمال بالبلاد في ظل المناخ الاقتصادي السائد والذي تأثر بعدة عوامل من بينها الأزمة الصحية العالمية والتحولات السياسية.

وتشير بيانات الهيئة أن الاستثمار في المشاريع التي تتجاوز تكاليفها 5.2 مليون دولار، مثلا، تراجعت في العام الماضي بنحو 20 في المئة إلى نحو 560 مليون دولار مقارنة مع العام السابق.

وتسبب تراجع تدفق الاستثمار في انخفاض عدد فرص العمل بحوالي 23 في المئة مقارنة بالفترة ذاتها من 2019.

ويكشف هذا الانحسار في تدفق رؤوس الأموال الخارجية أن السلطات أمامها الكثير من المهام التي تنتظر الإنجاز حتى تعيد زخم مناخ الأعمال المتذبذب.

لكن محللين فسروا هذا التراجع بالإجراءات التي اتخذتها العديد من الدول لمواجهة الجائحة ما تسبب في صدمة مالية، وأسهم في تباطؤ وتيرة نمو قطاع الصناعة العالمي وحال دون جذب استثمارات جديدة.

وتأمل تونس في تحقيق بعض النتائج المثمرة من تنظيمها لثلاثة أحدث اقتصادية خلال هذا العام، أولها منتدى الاستثمار في يونيو ثم القمة الثامنة لمؤتمر طوكيو الدولي للتنمية بأفريقيا (تيكاد 8) نهاية أغسطس، وكذلك المنتدى الاقتصادي للفرنكفونية في نوفمبر.

'