العالم يتحرك بقوة لمنع اندلاع “حرب لقاحات” – مصدر24

العالم يتحرك بقوة لمنع اندلاع “حرب لقاحات”

العالم يتحرك بقوة لمنع اندلاع “حرب لقاحات”

يتوجس المجتمع الدولي من أن يشهد العالم فصلا جديدا من الخلافات في حال التوصل إلى لقاح يقضي على وباء كورونا المستجد. ومرد هذا القلق رفض الولايات المتحدة تشارك الملكية الفكرية للقاح، إضافة إلى تساؤلات حول كيفية توزيع الجرعات الأولى منه؟ وهل سيكون توزيعا عادلا وتستفيد منه جميع الدول المتضررة في ظل سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب شديدة الانعزالية؟ حيث يتجاهل ترامب التضامن العالمي في معركة كورونا ويصر على احتكار اللقاح لمواطنيه.

واشنطن – يُجمع شي جينبينغ وإيمانويل ماكرون وأنجيلا ميركل ومنظمة الصحة العالمية على ضرورة أن يكون أي لقاح ضد فايروس كورونا المستجد “منفعةً عالمية عامة”، لكن في واشنطن، لدى دونالد ترامب أولوية واحدة هي تلقيح مواطنيه قبل كل شيء.

وخلف مبدأ “المنفعة العالمية العامة”، تكمن في الواقع إشكاليتان منفصلتان، أولاهما إشكالية الملكية الفكرية، والثانية إشكالية توزيع الجرعات الأولى. وقد يكون حلّ الإشكالية الأولى أكثر سهولةً من الثانية.

ومن جهتها تطالب أفريقيا بلقاح غير خاضع لقيود الملكية الفكرية، كما أعلن رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوسا. لكن تحقيق ذلك يبدو غير مرجح، إذ ستكون المختبرات راغبة في استرداد المليارات التي استثمرتها، ويمكن لها الاعتماد في هذا الإطار على دعم الولايات المتحدة، المعادية لأي مراجعة لحقوق الملكية الفكرية الدولية، كما أكدت هذا الأسبوع رداً على منظمة الصحة العالمية.

ودون شك، لن يكون اللقاح المرتقب مجانياً. أما بالنسبة إلى السعر، فستسعى المجموعات التي عملت على تطويره إلى استرداد سعر كلفة الإنتاج بالحد الأدنى.

ترامب لا يعير التضامن العالمي اهتماما، وهدف حكومته إنتاج 300 مليون جرعة لتلقيح كافة الأميركيين من شباب وكبار في السن

وتعهّد سعر الكلفة أيضاً ليس بالأمر الموضوعي. كان قُطع تعهد مماثل لعلاجات فايروس نقص المناعة المكتسبة، كما يكشف ماثيو كافاناه من جامعة جورج تاون، لكن المصنعين غير الرسميين وجدوا بعد ذلك هامشاً كبيراً للمناورة، وخفضوا الأسعار بعشرة أضعاف أو أكثر.

من جانبه يشير مارك فينبرغ، المدير العلمي السابق لشركة “ميرك فاكسينز” والرئيس الحالي لـ”المبادرة الدولية للقاح الإيدز”، إلى أن المختبرات تعلمت الدرس ولا ترغب في التحول إلى طرف “منبوذ” في المعادلة، ما قد يسيء إلى سمعتها وقدرتها على تحقيق الأرباح.

ويعتقد فينبرغ أن تشارك الملكية الفكرية سيتم حتماً، لأن “لا أحد يستطيع بمفرده الاستجابة للطلب العالمي، وسيجبر أي طرف على البحث عن شركاء من أجل صناعة المنتج”.

ومن هنا، يكون السؤال الأصعب، في نهاية المطاف: أي من سكان الأرض البالغ عددهم 7.6 مليار نسمة سيلقح أولاً؟

أميركا أولاً

من سيلقح أولا
من سيلقح أولا

تسعى منظمة الصحة العالمية وأوروبا والمنظمات غير الحكومية العاملة في مجال مكافحة فايروس كورونا المستجد، لإنفاذ آلية توزيع “عادل” غير مسبوقة، تنطلق مبدئيّا من تلقيح العاملين في مجال الصحة في كافة البلدان التي طالها الفايروس، ثم تلقيح العاملين في وظائف أساسية كالشرطة والنقل، وبعدهم تأتي بقية السكان.

لكن ترامب الذي ينتظر عودة الحياة إلى طبيعتها بفارغ الصبر، لا يعير هذا التضامن العالمي اهتماما. وهدف حكومته إنتاج 300 مليون جرعة بحلول يناير، أي ما يكفي لتلقيح كافة الأميركيين من شباب وكبار في السن، علماً أن ذلك لا يزال مجرد فرضيات كون الاختبارات السريرية قد بدأت للتو.

ويصر ترامب على العودة إلى الحياة الطبيعية خصوصا عبر دعوة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى إلى اجتماع بحضور القادة، بينما تشهد القارة الأميركية ارتفاعا في حصيلة الوفيات بفايروس كورونا المستجد وخصوصا في البيرو والبرازيل.

ويتناقض تفاؤل الرئيس الأميركي مع الوضع في بلده الذي سجل أكبر عدد من الإصابات (1.55 مليون) والوفيات في العالم وأعلنت جامعة جونز هوبكينز مساء الأربعاء عن أكثر من 1500 وفاة إضافية خلال 24 ساعة، ما يرفع العدد الإجمالي إلى أكثر من 93 ألفا و400، حوالي ثلثهم في ولاية نيويورك وحدها.

وبعدما تجاوزت عتبة الألفي وفاة يوميا بين بداية أبريل وبداية مايو، لم تسجل الولايات المتحدة هذا العدد منذ أكثر من عشرة أيام حتى أن الحصيلة انخفضت إلى أقل من ألف في اليوم في بعض الأحيان خلال الأسبوعين الأخيرين.

ويعتبر عميد كلية الصحة العامة في جامعة يال الأميركية ستيفن فيرموند أن “عقليته (ترامب) شديدة الانعزالية، كارهة للأجانب كُرها شديدا، وهو عكس ما نحتاج إليه للسيطرة على الجائحة”.

ويضيف أن “الولايات المتحدة ليست جزيرة منعزلة وتعتمد بشدة على الآخرين في الخارج للاستهلاك والغذاء”، موضحاً “لن نعود إلى الحالة الطبيعية إذا كان فايروس كورونا لا يزال ينهش بقية العالم”.

مارك فينبرغ: المختبرات تعلمت الدرس ولا ترغب في التحول إلى طرف منبوذ

تجارب لقاحات

استثمرت حكومة ترامب باكراً مئات الملايين من الدولارات في تجارب لقاحات تطورها مجموعات “جونسون أند جونسون” و”موديرنا” و”سانوفي”، أملاً في أن تثمر إحداها ويصنع بالتالي اللقاح في الولايات المتحدة.

وقال مدراء “موديرنا”، وهي شركة تكنولوجيا حيوية، و”سانوفي” ما مفاده أن بإمكان أوروبا أن تستوحي من الخطوة الأميركية. لكن على عكس عام 2009 عند انتشار فايروس “اتش وان إن وان”، يجري “الانطلاق هنا من صفحة بيضاء، ليس لدينا لقاح ومصنع”، كما تقول باسكال بارولييه من مؤسسة “غافي” التي تشتري اللقاحات للدول النامية.

واستثمر “تحالف ابتكارات التأهب الوبائي”، الذي أنشئ عام 2017 لمواجهة الإخفاق الأولي في احتواء فايروس إيبولا، نصف مليار دولار في تسع شركات تطور لقاحات ضد كوفيد – 19. ويطلب منها في المقابل أن تُجري تشارك التقنيات المطورة من أجل عملية إنتاج سريعة وضخمة. ومع هذا الدعم، تعمل المختبرات على إنشاء سلاسل إنتاج إضافية دون انتظار نتائج الاختبارات السريرية.

وتعقد الشركات تحالفات في ما بينها. ويمكن لشركة موديرنا أن تنتج في الولايات المتحدة (للسوق الأميركي) وسويسرا (للسوق الأوروبي) وتتعاون سانوفي مع “جي إس كا” المنافسة. وتملك الشركتان العملاقتان مصانع في أوروبا وأميركا.

لكن لتلقيح الكوكب كاملاً، لا بد من الأمل في أن تثمر عدة اختبارات لإنتاج لقاح.

ولا توجد حالياً أي علاجات أو لقاحات تمت الموافقة عليها لعلاج مرض كوفيد – 19 الناجم عن الإصابة بفايروس كورونا المستجد. ويتوقع الخبراء أن إنتاج لقاح آمن وفعال قد يستغرق ما بين 12 و18 شهراً.

وتحت ضغط رئيس الدولة البرازيلي جايير بولسونارو، أوصت وزارة الصحة الأربعاء باستخدام الكلوروكين والعقار المشتق منه الهيدروكسيكلوروكين للمرضى الذين أصيبوا بكوفيد – 19 بشكل خفيف. وبانتظار لقاح ودواء، يثير استخدام هذا العقار جدلا لأن تأثيره على الفايروس لم يثبت حتى اليوم. وأعلن ترامب، الإثنين، أنه يتناول الهيدروكلوركسين يوميا كإجراء وقائي.

وما يثير بعض الأمل، هو أن علماء برهنوا على أن مجموعة من القردة تم تلقيحها، أو مصابة بفايروس كورونا المستجد، كونت أشكالا من الأجسام المضادة تسمح لها بحماية نفسها من الإصابة بالوباء مجددا.

'