العاهل الأردني يتدخل شخصيا لإنهاء أزمة فتاة متهمة بإهانته – مصدر24

العاهل الأردني يتدخل شخصيا لإنهاء أزمة فتاة متهمة بإهانته

عكست الأزمات المتلاحقة ومخاوف اتساعها في الأردن سرعة تحرك الملك عبدالله الثاني لنزع فتيل أي أزمة قد تعكر الأجواء السياسية والأمنية في المملكة، التي هدأت فيها للتوّ أكبر أزمة كان محورها ولي العهد السابق ورئيس ديوان ملكي أسبق وأحد أفراد الأسرة المالكة.

عمان – عكس اتصال هاتفي للعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بفتاة صدر بحقها حكم قضائي بالسجن بتهمة الإساءة للملك، وأثارت قضيتها ردود فعل شعبية واسعة، حرصه الشديد على نزع فتيل أي أزمة مستجدة في الأردن في ظل ما يعيشه من أزمات متلاحقة.

وقال مصدر قضائي أردني إن محكمة الاستئناف قضت الخميس بعدم مسؤولية الفتاة التي أدانتها محكمة صلح جزء شمال عمان بـ”جرم إطالة اللسان على الملك”.

وجاء إسقاط الحكم القضائي بحق الفتاة آثر الدباس بعد تدخل مباشر من العاهل الأردني في القضية، التي أثارت تفاعلا شعبيا كبيرا بين الأردنيين وزادت المطالبات بإجراء إصلاحات قانونية.

كما أثيرت القضية في توقيت حساس تعيشه الأسرة المالكة في الأردن بعد الأزمة الأخيرة التي كان محورها ولي العهد السابق الأمير حمزة بن الحسين، الذي وجه في الكثير من المناسبات انتقادات لسوء إدارة الحكومات وانتشار الفساد.

ورأت دوائر سياسية أردنية أن التحرك السريع للملك لمعالجة قضية الفتاة بعد الأحكام القضائية الأخيرة هدفه منع إثارة الرأي العام الداخلي أكثر في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي زادها تعكيرا تداعيات انتشار فايروس كورونا.

وأشارت تلك الدوائر إلى أن حبس امرأة لأنها قالت كلاما في مشادة كلامية في الشارع وقد لا يقصد به الإساءة للملك سيزيد التركيز على بعث الخوف بين الأردنيين على صعيد ملف الحريات الفردية والجماعية.

قضية الفتاة تزامنت مع أكثر الأوقات حساسية في الأردن بعد الأزمة الأخيرة التي كان محورها الأمير حمزة بن الحسين

واعتبرت مصادر سياسية أن أكثر ما يخشاه الأردن الآن هو فتح الملفات في الغرب، خاصة بعد الأزمة الأخيرة التي لم تتضح بعد معالمها وتفاصيل ما بات يعرف بـ”المؤامرة” التي أعلنت عنها السلطات الأردنية أوائل أبريل الجاري.

وتعددت الأسباب التي دفعت الملك إلى التدخل مباشرة في تلك القضية، خاصة بعد قضية الأمير حمزة والاعتقالات والغضب في صفوف بعض العشائر وتفاعلاتها الخارجية، وقبلها الغضب المتنامي على خلفية حادثة مستشفى السلط ونقص الأوكسجين، إضافة إلى تراكم أزمات اقتصادية وسياسية أخرى.

وتبحث الحكومة الآن أكثر من أي وقت مضى عن الهدوء بعد العواصف من الأسئلة التي لا تنتهي بشأن الأزمة الأخيرة، التي أثارت ردود فعل داخلية وخارجية.

وكانت محكمة أمن الدولة الأردنية قد بدأت الأربعاء تحقيقاتها مع بين 14 و20 متهما في قضية “المؤامرة”، التي اتهم فيها الأمير حمزة، قبل أن يتكفل الملك بحلها ضمن إطار الأسرة الهاشمية.

ولم تنجح الإجراءات الحكومية المتخذة منذ أكثر من عام في تهدئة حالة الغضب الشعبي والغليان على فشل قرارات وقف تداعيات التأثيرات السلبية لأزمة الوباء على مختلف مناحي الحياة في الأردن.

وشهد الأردن على مدار الأشهر الأخيرة مسيرات احتجاجية رفضا للقيود المفروضة لاحتواء كورونا، وسط حالة غضب من طريقة تعاطي الحكومة التي اتسم أداؤها حتى الآن بالارتباك والاهتزاز، وهو ما ترجم موجات الاستقالة والإقالة والتوبيخات الملكية المتوالية للمسؤولين، وآخرها في حادثة السلط التي شكلت للشارع النقطة «التي أفاضت الكأس» قبل بروز الأزمة السياسية الأخيرة.

وجاءت قضية الفتاة في أكثر الأوقات حساسية لدى الأردن وحكومته، التي توجه إليها انتقادات على خلفية فشلها في إدارة الأزمة الأخيرة إعلاميا وسياسيا.

وقالت الفتاة آثار الدباس إن العاهل الأردني أنصفها وأعرب عن دعمه لها بعد صدور حكم قضائي بحبسها عاما مع التنفيذ ثلاث سنوات لإدانتها بـ”إطالة اللسان على الملك”.

ودونت الفتاة عبر حسابها على فيسبوك “أفتخر اليوم بتلقي مكالمة من جلالة سيدنا الأب والقائد والملك، حيث تم إنصافي من جلالة سيدنا الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وقال لي بلسانه خلي المعنوية عالية وأنت أخت لي بإذن الله”.

وروت أن خلافا نشب بينها وبين سيدة أخرى حول أسلوب قيادة سيارتيهما، وأنها انتقدت السيدة وخاطبتها قائلة “قودي جيدا”، فردّت الأخرى قائلة “أنا أقود أفضل منك ومن أبيك”. وقالت إنها تأثرت كون والدها متوفى، فقالت “أبي عندي أحسن من الملك”.

وفوجئت الفتاة لاحقا بشكوى قانونية قدمتها السيدة ضدها بتهمة “إطالة اللسان على الملك”. وأدانتها محكمة صلح عمان في التاسع والعشرين من مارس الماضي وحكمت عليها بالسجن عاما واحدا مع وقف التنفيذ، لكن الحكم كان قابلا للتنفيذ في حال كررت فعلها.

وقال مصدر قضائي أردني الخميس إن إسقاط القضية تم لأن “البيانات المقدمة في سياق الدعوى تدلّ على أن المستأنفة لم تكن تقصد الإساءة لجلالة الملك أو النيل من كرامته واعتباره الأدبي بأي شكل من الأشكال”.

وتنص المادة 195 من قانون العقوبات على عقوبة تتراوح بين السجن سنة واحدة إلى السجن ثلاث سنوات لمن يدان بإطالة اللسان على مقام الملك شفويا أو خطيا أو بأي شكل يمس كرامته.

'