العاهل المغربي يطلق ميثاق الاستثمار لدعم الأمن الاقتصادي – مصدر24

العاهل المغربي يطلق ميثاق الاستثمار لدعم الأمن الاقتصادي

الرباط – شكل إطلاق العاهل المغربي الملك محمد السادس هذا الأسبوع لميثاق الاستثمار، الذي يترجم تطلعات البلد في تنمية مستدامة، أحد المؤشرات على إمكانية اكتسابه ثقة أكبر لدى المؤسسات المالية الدولية في أن يكون مصنفا ضمن الاقتصادات الصاعدة.

واعتبر محللون أن هذه الخطوة تعد حافزا قويا لمستويات الاستثمار ومعدلات النمو ولإنعاش سوق العمل وتحسين جودة نشاط شركات القطاعين العام والخاص، وأيضا ترسيخ ربط المواطنين بكل مظاهر العولمة والثورة الرقمية.

وطلب الملك محمد السادس الأربعاء الماضي خلال ترأسه جلسة عمل حضرها رئيس الحكومة غزيز أخنوش مع وزراء الاقتصاد والمالية والصناعة والتجارة والاستثمار بإعداد كل التفاصيل التي تساعد في تجسيد الميثاق واقعيا.

وشدد العاهل المغربي على الدور الريادي الذي يجب أن يضطلع به القطاع الخاص المحلي، داعيا الحكومة إلى إشراك كل الفاعلين في هذا القطاع بشكل فعال، ومن ضمنهم الاتحاد العام لمقاولات المغرب، أكبر تجمع للشركات بالبلاد، والمجموعة المهنية لبنوك المغرب، في خطة تنفيذ مسار الميثاق.

كما أكد أن تجديد المقتضيات القانونية والتحفيزية يظل رهينا بحسن تنفيذها، والتتبع المنتظم لتفعيلها واقعيا بهدف ضخ ديناميكية جديدة في الاستثمار الخاص “وتكريس المغرب كأرض مميزة للاستثمار على المستويين الإقليمي والدولي”.

أبرز مرتكزات الميثاق

● الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات الجهة المخولة بتفعيله

● التركيز على الأعمال الاستراتيجية مثل الصناعات الدفاعية والطبية

● زيادة استثمارات القطاع الخاص إلى الثلثين بحلول 2030

● إنشاء مرصد للشركات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر

● تأسيس صندوق للدعم المالي للمشاريع الصغيرة والمتوسطة

● إطلاق خدمات مالية جديدة مخصصة للتجار والشركات

ويرى خبراء أن الميثاق سيقطع مع كافة الإجراءات والتدابير السابقة المرتبطة بمجال الاستثمارات بكل تنويعاتها، والتحول إلى أسس غيرة تقليدية في نشاط الشركات سواء الخاصة أو الحكومية بما يؤسس لأرضية صلبة قابلة لبناء صناعة محلية تستجيب إلى التحديات المقبلة.

وأكدت شريفة لموير الباحثة في العلوم السياسية أن هذا المشروع جاء بتدابير مهمة داعمة للقطاع على رأسها تعويضات مشتركة لدعم الاستثمارات، وهو ما سيمكّن من إعطاء تحفيزات للقطاعات المعنية التي يشملها الميثاق.

وقالت في تصريح لـ”العرب” إن “الميثاق سيخدم السياسات العامة لتنمية الاقتصاد التي تهدف إلى تحقيق سيادة اقتصادية وتحقيق الأمن الاجتماعي على كافة المستويات”.

وأضافت أن “إشراف الملك محمد السادس بنفسه على هذا المسار يعطيه أبعادا استراتيجية غاية في الأهمية، وأن أول الانعكاسات سيكون على الجانب الاقتصادي”.

وأوضحت أن الحكومة عليها الاستعجال في تنفيذ الميثاق بالنظر إلى ضرورته الآن في التخفيف من أزمة البطالة، التي تبلغ نحو 12.3 في المئة، وذلك بإشراك كافة الفاعلين في القطاع المعني من أجل زيادة زخم النشاط الاقتصادي مستقبلا.

ويهدف الميثاق، الذي يندرج ضمن روح وطموح النموذج التنموي الجديد، إلى تغيير الأسلوب الحالي في شكل عمليات الاستثمار من خلال إعطاء الشركات الخاصة دورا أكبر في مسار التنمية.

وتشير التقديرات الرسمية إلى أن استثمارات شركات القطاع الخاص تشكل نحو ثلث الاستثمارات الإجمالية بالبلاد، فيما تسعى الرباط إلى رفع حصته ليستحوذ على الثلثين بحلول العام 2030.

وتتمثل الأهداف الرئيسية المحددة في الميثاق الجديد للاستثمار، في توفير فرص عمل جديدة للشباب، والنهوض بتنمية منصفة لكافة المناطق.

كما تتضمن تحديد القطاعات الواعدة ذات الأولوية بالنسبة إلى الاقتصاد المحلي، وتعويضات مشتركة لدعم الاستثمارات وأهداف النموذج التنموي الجديد وكذلك الأولويات التي حددتها الحكومة.

ويسعى المغرب من وراء الميثاق للارتقاء بتنافسية الشركات المحلية ولاسيما الصغيرة والمتوسطة وتعزيز قدرتها على التصدير، وتوفير فرص عمل، والتي تستدعي اهتماما خاصا لكونها تشكل حوالي 95 في المئة من النسيج الاقتصادي المحلي.

وكان محافظ البنك المركزي عبداللطيف الجواهري قد ربط في وقت سابق هذا الأسبوع المساعي نحو تحقيق معدلات أعلى من النمو الاقتصادي بمسألة مهمة تتعلق بتسريع وتيرة تنمية الاستثمارات وتحفيز الأعمال بشكل أكبر.

وقال خلال جلسة استماع أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بالبرلمان الثلاثاء الماضي إن “مواكبة النسيج الإنتاجي الوطني يشكل إحدى أولويات البنك لدعم الاستثمار باعتباره مكونا مهما للاقتصاد”.

وبحسب الجواهري فإنه خلال العقدين اللذين سبقا تفشي الجائحة بذل المغرب جهودا لتعزيز الاستثمارات حيث بلغت قيمتها 32.3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 25.6 في المئة كمتوسط عالمي.

شريفة لموير: الميثاق يخدم السياسات المتعلقة بتحقيق السيادة الاقتصادية

وهذا الرقم اعتبره “مهم مبدئيا” ومن شأنه تحقيق نمو اقتصادي ومستوى استثمار يوازي ذلك المسجل في الدول التي حققت “معجزات اقتصادية”.

واعتمد المركزي مجموعة من الإجراءات لتحفيز القطاعات الإنتاجية، لاسيما من خلال إنشاء مكتب الائتمان الذي يهدف إلى مراقبة سلوك المقترضين وتجنب المديونية المفرطة، وتوسيع إمكانيات الحصول على القروض، لاسيما للمشاريع الصغيرة والمتوسطة.

ومن المتوقع أن يتم في إطار ميثاق الاستثمار اتخاذ العديد من إجراءات للدعم خاصة للمشاريع ذات الطابع الاستراتيجي مثل الصناعات الدفاعية والصناعة الصيدلانية بإشراف اللجنة الوطنية للاستثمارات.

وإلى جانب ذلك، من المتوقع أن يتم اعتماد برامج دعم موجهة إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة والصغيرة جدا، فضلا عن تدابير أخرى للنهوض باستثمارات المغتربين.

وقالت لموير إن “الميثاق ينص على الأخذ بإجراءات للدعم تهم المشاريع ذات الطابع الاستراتيجي، مما سيعزز مكانة المغرب إقليميا ودوليا في هذه الصناعات لتحقيق الأمن الاستراتيجي”.

وستعمل الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات على تفعيل الميثاق ومن المرجّح أن تشكل أداة فعالة لترويج الاستراتيجيات المغربية الذي تدعم مناخ الأعمال بشكل أكبر.

وارتباطا بالميثاق سيتم إنشاء المرصد المغربي للشركات الصغيرة والمتوسطة والصغيرة جدا، وصندوق الدعم المالي لتلك النوعية من المشاريع.

كما سيتم إنشاء خدمات مخصصة للتجار والشركات تتعلق أساسا بالتحقق من عملية تداول الصكوك البنكية، إلى جانب تفعيل العديد من الإجراءات الأخرى التي تم اتخاذها في السنوات الأخيرة.

'