الغاز والنفط أهم من جماعة الإخوان في علاقة تركيا بمصر – مصدر24

الغاز والنفط أهم من جماعة الإخوان في علاقة تركيا بمصر

القاهرة – كشفت إشارات الود المتتابعة من تركيا تجاه مصر أن ملف جماعة الإخوان لن يكون منغّصا بينهما الفترة المقبلة، وأن حرص أنقرة على الدخول في تفاهمات مع القاهرة حول الغاز والنفط في شرق البحر المتوسط أكبر من أن تعرقله حسابات الإخوان التي بدأت تستنزف أغراضها إقليميا.

ولم تكتف تركيا برسائلها الإيجابية التي صدرت عن وزيري الخارجية والدفاع والمتحدث باسم رئيس الدولة، قبل أيام، وبعثت برسالة جديدة على المستوى الحزبي لتؤكد أن الموقف من النظام المصري لم يعد عقائديا، في مؤشر على تناغم مؤسسة الرئاسة والمستويات العسكرية والسياسية والحزبية لتصحيح الأخطاء مع القاهرة.

وقالت رئيسة حزب الخير المعارض، ميرال أكشنر، في كلمة لها أمام الكتلة البرلمانية لحزبها بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، الأربعاء، إن أردوغان جعل تركيا “تدفع ثمن أهوائه الشخصية عندما رسم سياسة أنقرة مع القاهرة”، مشددة على أن الأتراك دفعوا ثمن قراراته وبسببها خسروا مصر.

وتحاول القيادة التركية إعادة التموضع، حيث ذكر المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، عمر جليك، الثلاثاء، أن هناك أواصر قوية للغاية مع مصر وشعبها تعود إلى تاريخ قديم، ودون شراكتنا لا تمكن كتابة تاريخ المنطقة.

وأشار إلى أن هناك وضعًا جديدًا في البحر المتوسط، والديناميكية الكبيرة التي ظهرت فيما يتعلق باستخدام الموارد الهيدروكربونية تتطلب من البلدان المتشاطئة التحدث أكثر مع بعضها وإيجاد صيغ مشتركة.

أحمد قنديل: معاداة مصر وراء استبعاد تركيا من منتدى غاز شرق المتوسط

واتخذت أنقرة من البعد الاقتصادي في شرق المتوسط منطلقا للحوار مع القاهرة كما كان منطلقا للتوتر معها، وابتعد خطابها عن تعقيدات البعد السياسي الذي هو في حاجة إلى الوقت لتسويته من دون خسائر كبيرة، وفضّلت وضعه على الرف في هذه المرحلة.

ويشير مراقبون إلى أن الغاز والنفط لهما أولوية في تقديرات أنقرة، التي لم تجن من وراء دعم الإخوان والمتطرفين سوى توتير علاقاتها مع دول كثيرة، وربما تفتح الإدارة الأميركية الجديدة بعضا من القضايا المتعلقة بهذا الدعم في وقت ما.

ويميل أردوغان إلى طيّ الصفحة مع مصر من الباب العالي في شرق المتوسط، وتغليب المصالح المشتركة على الموضوعات الخلافية، وعدم التشدق بمناصرة إخوان مصر، ما يتماشى مع طروحات متصاعدة في التعاون الإقليمي، فانحيازه السافر للجماعة مثّل عقبة أمام تطبيع علاقاته مع مصر ودول كثيرة.

كما أن المتاجرة بالإخوان لم تعد رابحة لدى تركيا مع مصر أو غيرها، ومع زيادة الحذر الغربي في التعامل مع الجماعة ومسؤوليتها عن دعم تنظيمات متطرفة سوف يخفت صوتها سياسيا وإعلاميا اضطراريا.

وأمعنت تركيا في تعزيز اهتمامها بالتحدث إلى مصر بشأن القضايا البحرية في شرق البحر المتوسط، والقضايا الخاصة بليبيا وعملية السلام والفلسطينيين، وأعلنت أخيرا أنه تمكن معالجة عدد من هذه القضايا، وخفض التوترات.

وقابلت القاهرة الرسائل المتسارعة بصمت حتى الآن، ولم ترشح معلومات معلنة تنسجم مع النغمة الإيجابية التي تعزف عليها تركيا إعلاميا، لكنها تنطوي على مضمون يشي بأن ورقة جماعة الإخوان عند تركيا لن تكون عقبة أمام المصالحة مع مصر، إذا كان المقابل الانخراط في مشروعات شرق المتوسط.

وطرحت مصر مزايدة للتنقيب عن النفط والغاز شرقي المنطقة المعروفة باسم “ماردين 28″، وتقع جنوب المنطقة التي أبلغت تركيا الأمم المتحدة بأنها تشكل الحدود الجنوبية للجرف القاري لتركيا، وهو ما رأت فيه أنقرة خطوة عقلانية تعبّر عن احترام القاهرة لجرفها، ورغم أن الموقف حدث في فبراير الماضي، إلاّ أن وسائل إعلام تركية استدعته، لتصويره على أنه رد مصري إيجابي.

وأكدت مصادر سياسية لـ”العرب”، أن المزايدة البحرية لا تعني حُسن أو سوء نوايا تجاه تركيا، بل تعني احترام مصر للقوانين الدولية التي تتخذها مقياسا عند ترسيم حدودها مع كل الدول المتشاطئة، على غرار ما حدث مع اليونان وقبرص، ولا تنجرف وراء انحرافات أو تؤيدها ولو صبت في صالحها، حيث رفضت ذلك عندما وقعت تركيا اتفاقات بحرية مع حكومة الوفاق في طرابلس وجاءت في صالح مصر.

وأوضحت المصادر ذاتها أن تركيا تأكدت أن منتدى غاز شرق المتوسط ينمو ويجذب انتباه قوى إقليمية ودولية إليه، وسوف يتحول إلى محطة رئيسية في العالم، فوجدت من مصلحتها التقرب من الدولة المفتاح فيه (مصر)، وهو ما أدركته القاهرة مبكرا، وصبرت على كثير من خروقات أنقرة، لأنها تعلم بعودتها يوما ما.

Thumbnail

وسبق للرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أن دافع عن اتفاق الغاز مع إسرائيل، مؤكدا أن بلاده “أحرزت هدفا” بهذا الاتفاق ووضعت قدمها على الطريق صوب أن تصبح مركزا إقليميا للطاقة.

ووقتها فسّر المراقبون الموقف على أنه كان مصوّبا في مرمى تركيا، لأنه قطع الطريق عليها للقيام بهذا الدور الإقليمي الذي سعت له، ومن بعدها بدت مسألة الإخوان ورقة هامشية، وأصبحت القاهرة على يقين من أن أنقرة سوف تضطر للتخلي عنها قريبا، أو على الأقل عدم التمادي في استغلالها، فهناك مصالح أهمّ منها لدى النظام التركي.

وأوضح أحمد قنديل، رئيس وحدة الشؤون الدولية بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، أن تركيا خسرت كثيرا من معاداة مصر، وأصبحت معزولة إقليميا بعد استبعادها من منتدى غاز شرق المتوسط الذي اكتسب قوة مضاعفة منذ تحوله إلى منظمة حكومية رسمية لدفع التعاون في مجال الغاز الطبيعي، وأسفر عن مشروعات واتفاقات ضخمة بين دوله.

وأعلنت مصر وقبرص واليونان مؤخرا عن اتفاقها على مشروع “يوروأفريكا” للربط الكهربائي بقدرة 2 جيجاوات، وسيكون جزءا من مشروع أكبر للربط بين أوروبا وأفريقيا، ويحوّل مصر إلى مركز لإمدادات الطاقة المتجدّدة على المدى الطويل.

وأضاف قنديل في تصريح لـ”العرب”، أن أنقرة “تسعى لتصحيح الخطأ واستعادة الدفء في العلاقات مع مصر لتحسين أوضاعها في المنطقة، لأن العلاقات السياسية والاقتصادية كانت قوية قبل مساندة النظام التركي لجماعة الإخوان الإرهابية”.

واستبعد الباحث المصري تحسّن العلاقات بين الجانبين، طالما استمرت تركيا في التحريض الذي تقوم به المحطات الإعلامية التابعة للإخوان وتستضيفها إسطنبول.

'