المرأة العربية طاقة إضافية في قطاع الطاقة – مصدر24

المرأة العربية طاقة إضافية في قطاع الطاقة

مع ارتفاع أرباح قطاع الطاقة على مستوى العالم، يحث البنك الدولي بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على بذل المزيد؛ لتعزيز نسبة تمثيل المرأة في القطاع، إذ كشف تقرير أن أقل من 15 في المئة فقط من النساء يشغلن وظائف في قطاع الطاقة في العديد من بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

لندن – أفاد البنك الدولي بأن قطاع الطاقة لا يزال مجالا يهيمن عليه الرجال في مختلف أنحاء العالم، لاسيما في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مينا)، مبرزا أنه ينبغي توظيف الوعود بتحقيق المساواة بين الجنسين في القوى العاملة في مجال الطاقة كضرورة ملحة.

وأكدت المؤسسة المالية، التي يقع مقرها بواشنطن، أن نسبة العاملات أو الساعيات للحصول على عمل لا تزيد عن 20 في المئة (أقل من نصف المتوسط العالمي)، مشيرا إلى أن هذا الرقم في قطاع الطاقة أقل من ذلك، على الرغم من أن 50 في المئة من خريجات المنطقة هن في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات.

وكشف التقرير أن الأرقام أقل بشكل خاص في مصر والأردن والعراق ولبنان والسعودية، حيث لا تزيد مشاركة النساء في قطاع الطاقة عن 10 في المئة.

طاقة إضافية

وذكر التقرير الصادر الشهر الماضي “يظل عدم المساواة بين الجنسين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحدياً ملحاً، يعيق التنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية في المنطقة”.

وتعد مشاركة المرأة في قطاع الطاقة أقل من مشاركة الاقتصاد الأوسع، وتختلف بشكل كبير عبر قطاعات الطاقة الفرعية. وعلى الرغم من أنها تشكل 48 في المئة من القوى العاملة العالمية، إلا أن النساء لا يمثلن سوى 22 في المئة من القوى العاملة في قطاع النفط والغاز، و32 في المئة في مصادر الطاقة المتجددة. و45 في المئة من هذه النسب وظائف ذات طبيعة إدارية، إذ تشغل النساء 13.9 في المئة فقط من الإدارة العليا في قطاعات الطاقة والمرافق، وهو أقل بنسبة صغيرة من الوظائف في الصناعات غير المتعلقة بالطاقة والتي تمثل فيها المرأة 15.5 في المئة.

وفي حالات مثل تونس، يظهر المزيد من البحث أن الجميع يعملن في مناصب كتابية أو في خدمات متدنية المهارات، وهو ما يمكن أن يعزى إلى مجموعة من العوامل مثل الأعراف المقيدة، والحواجز القانونية التي تعزز القوالب النمطية للجنسين، والفصل بين المهن.

وأضافت أنه على الرغم من أن الأرقام تبدو أعلى في مجال الطاقة المتجددة، فإن هناك فروقات طفيفة فقط، مبرزة أنه في الأردن ومصر، على سبيل المثال، يبلغ الفرق بين النساء في مجال الطاقة المتجددة مقابل قطاع الطاقة الكلي 1 في المئة فقط.

وقالت مديرة قطاع الطاقة والمناخ بالوكالة الألمانية للتعاون الدولي بتونس تانيا فالر إن قطاع الطاقة المتجددة يفتقر إلى التنوع، فعدد النساء في مواقع القرار وفي المهن الرئيسية في الطاقة لازال ضعيفا.

لا بد من مكافحة القوالب النمطية الجنسانية الشائعة عن دور المرأة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات

 

وأضافت أن المرأة يجب أن تحتل مراكز قيادية في مجال الانتقال إلى قطاع الطاقة ليس فقط لأنه بإمكانها إحداث التغيير ولكن أيضا لأن التنوع يؤدي دائما إلى نتائج أفضل.

إلا أن الأرقام تتفاوت بشكل كبير في المنطقة، إذ تفخر العديد من دول الخليج بنسبة مشاركة نسائية أعلى في قطاع الطاقة على سبيل المثال في قطر، وتصل نسبة مشاركة النساء إلى 60 في المئة، بينما تصل في الإمارات إلى 54 في المئة.

ويأتي التقرير في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة، لاسيما منطقة الخليج، زيادة كبيرة في الأرباح بسبب الارتفاع الحاد في أسعار النفط العالمية منذ بداية العام. فمنذ أوائل مارس الماضي، في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، تجاوز سعر البرميل 100 دولار لأول مرة منذ ثمانِي سنوات. ونتيجة لذلك، ارتفعت أسعار الوقود في البلدان المستوردة بشكل كبير، بينما شهدت العديد من البلدان المصدرة للنفط، مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، زيادة كبيرة في الإيرادات.

ونقلت صحيفة “عرب نيوز” السعودية الناطقة بالانجليزية عن عضو مجلس إدارة أركاد وهي أكبر شركة سعودية لخدمات الطاقة الدكتورة لينا نور الدين، التي لديها 20 عامًا من الخبرة في الإشراف على المشاريع الكبرى في قطاع الطاقة السعودي “منذ الصغر، كنت أحلم بتحقيق أشياء كبيرة، وأريد أن تفعل النساء الأخريات نفس الشيء. يسألني الناس عن استراتيجية رؤية المملكة 2030 الطموحة، وماذا تعني للأجيال القادمة من النساء السعوديات الموهوبات. الجواب واضح: السعودية تنفتح، وتحصل المزيد من الإناث على أنواع الفرص التي لم يكن من الممكن تصورها قبل جيل واحد فقط. عينت أرامكولين لافيرتي إلسنهانز كأول عضوة في مجلس الإدارة – وهي علامة فارقة لشركة تسعى دائمًا إلى تمكين رائدات الأعمال – وفي العام الماضي عينت البورصة السعودية سارة السحيمي كأول رئيسة لها”.

تشغيل المرأة ينمي الاقتصاد

أليس للنساء نصيب للعمل في مجال الطاقة؟
أليس للنساء نصيب للعمل في مجال الطاقة؟

بشكل عام، تعد نسبة تمثيل المرأة في القوى العاملة منخفضة في جميع أنحاء المنطقة، ولاحظ المحللون أن نقص مشاركة النساء يعيق النمو الاقتصادي.

وتخسر المنطقة 575 مليار دولار كل عام بسبب الفجوة الكبيرة في عدد النساء العاملات. ومن الممكن أن تؤدي زيادة نسبة عمالة النساء إلى رفع الناتج المحلي الإجمالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بما يصل إلى تريليوني دولار.

ويرجع التقرير الصادر عن الوكالة الدولية للطاقة المتجددة انخفاض مشاركة المرأة في قطاع الطاقة إلى النظرة النمطية الاجتماعية والثقافية وتأثيرها على مراحل التعليم المبكر، إذ يقلّ تشجيع الشابات مقارنةً بالشبان على الانخراط أو المشاركة في الأنشطة التي من شأنها بناء وتوسيع خياراتهن في متابعة مِهن العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، هذا بالإضافة إلى القيود والتحديات التي تواجهها المرأة إذا انضمّت إلى القطاع، الأمر الذي يخلق في وقت لاحق تحديات في الارتقاء إلى المناصب القيادية، ويتمثّل أحد التحديات في القدرة على العمل والشغل في قطاع يسيطر عليه الذكور. علاوةً على ذلك، فإنّ ظروف العمل هي مواجهة أخرى سيتعيّن على المرأة مجابهتها بسبب التفكير المجتمعي مع دور “المرأة التقليدي” كمقدّمة رعاية، إلى جانب عدم وجود قدوات نسائية في القطاع.

ووفقاً للبنك الدولي، يمكن التغلب على مشكلة العمالة المنخفضة للنساء في قطاع الطاقة عن طريق خلق فرص جديدة في مجالات الطاقة المتجددة.

كما تشير تقديرات المؤسسة المالية إلى أن سوق الطاقة العالمي سينمو بنسبة 44 في المئة بحلول عام 2050، وأن 80 في المئة منها ستكون وظائف جديدة في قطاع الطاقة المتجددة،، مقارنة بـ11 في المئة في الوقود الأحفوري و5 في المئة في الطاقة النووية.

المرأة يجب أن تحتل مراكز قيادية في مجال الانتقال إلى قطاع الطاقة لأن التنوع يؤدي دائما إلى نتائج أفضل

وذكر تقرير البنك الدولي “يعتبر التحول في مجال الطاقة والحلول الخضراء محركاً لخلق وظائف جديدة؛ في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومن الضروري أن يشمل ذلك النساء والشباب من مختلف الفئات السكانية لتعزيز المساواة وتعظيم الأثر”. وأضاف أيضاً “يعد التحول إلى الطاقة النظيفة أساسياً للنمو الأخضر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومن شأنه السماح للدول بتلبية المتطلبات المتزايدة للمنطقة من الطاقة، وتنويع مصادرها، وتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية العادلة، والصمود في وجه التغير المناخي، وخلق فرص عمل جديدة تحتاج إليها المنطقة بشدة”.

وخلال مناقشة جرت مع بعض النساء ممن يعملن في قطاع الطاقة لمعرفة المزيد عن تجاربهن في عَمَّان بالأردن، قالت امرأة تدعى “مليكة”، وهي مهندسة كهرباء ورائدة أعمال “لقد واجهت صعوبة في البحث عن وظيفة. وعلى الرغم من أن لديّ سجلاً أكاديمياً قوياً، لم يكن لديّ أي خبرة عملية. ولم تكن مؤهلاتي الفنية في مجال الهندسة جيدة حيث لم يكن لدينا أيّ معدات ليتم تدريبنا عليها في الجامعة. وكوني امرأة لم يسعفني أيضاً في هذا الأمر”.

وليست قصة “مليكة” فريدة من نوعها، فلا يزال قطاع الطاقة مجالاً يهيمن عليه الرجال في مختلف أنحاء العالم، ولا يختلف هذا الأمر في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فالنساء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لديهن بالفعل معدل مشاركة منخفض بصفة عامة في القوى العاملة.

ويظهر التقييم الأخير للبنك الدولي بعنوان “نحو خلق وظائف أكثر وأفضل للنساء في مجال الطاقة” أن النساء في العديد من بلدان المنطقة يمثلن أقل من 5 في المئة من القوى العاملة في مجال الطاقة، كما يمثلن 10 في المئة في المتوسط في المجالات الفنية أو في مجال الإدارة. وفي حالات مثل تونس، حيث تشكل

الإناث 27 في المئة من القوى العاملة، يظهر المزيد من البحث أن الجميع يعملن في مناصب كتابية أو في خدمات متدنية المهارات، وهو ما يمكن أن يُعزى إلى مجموعة من العوامل مثل الأعراف المقيدة، والحواجز القانونية التي تعزز القوالب النمطية للجنسين، والفصل بين المهن.

مساواة على جميع المستويات

نقص مشاركة النساء يعيق النمو الاقتصادي
نقص مشاركة النساء يعيق النمو الاقتصادي

يُكبد استبعاد المرأة الاقتصاد الكلي تكلفة معتبرة، حيث تشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى أن معالجة الفجوات بين الجنسين يمكن أن تزيد 20 في المئة إلى إجمالي الناتج المحلي للمنطقة، وهو أمر صحي أيضاً لأنشطة الأعمال، فالشركات التي لديها مجالس إدارة متنوعة بين الجنسين أكثر إنتاجية وربحية، إذ أن هناك تقارير تشير إلى أن الشركات التي تشغل النساء نسبة 30 في المئة من مناصبها القيادية يرجح أن تنجح في القطاعات ذات الصلة بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات أكثر بكثير من الشركات التي تفتقر إلى تمثيل النساء.

وفي هذا السياق، ينبغي توظيف الوعود بتحقيق المساواة بين الجنسين في القوى العاملة في مجال الطاقة كضرورة ملحة. ومن المرجح أن تؤدي القوى الدافعة إلى التحول في مجال الطاقة وتنمية الطاقة النظيفة في بلدان المنطقة إلى خلق المزيد من أنواع الوظائف المختلفة مع وجود أغلبية في سوق الطاقة المتجددة.

ويبشر “برنامج البنك الدولي للطاقة والمساواة بين الجنسين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا” بالتغيير في أسواق العمل في إطار نهج التنمية الخضراء والقادرة على الصمود والشاملة للجميع. ويهدف البرنامج، الذي يستفيد من الشبكات التي تساند النساء في مجال الطاقة في البلدان حول العالم، إلى إطلاق شبكة إقليمية في مجال الطاقة من أجل المرأة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وتتمثل الأهداف الرئيسية لهذا البرنامج في زيادة مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي عبر سلسلة القيمة في قطاع الطاقة، وبشكل أكثر تحديداً في الوظائف الانتقالية في مجال الطاقة النظيفة. ويهدف هذا البرنامج إلى تشجيع تحسين أوضاع أماكن العمل في القطاعين الخاص والعام، ومكافحة القوالب النمطية الجنسانية الشائعة عن دور المرأة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وإبراز دور المرأة بصورة أكبر في هذا القطاع.

وسيقوم البرنامج بعمل ذلك من خلال تنفيذ أنشطة محددة في إطار الركائز التالية: أولا تيسير انتقال المرأة من التعليم إلى العمل في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات؛ وثانيا النهوض بتوظيف المرأة واستبقاء الموظفات وترقيتهن؛ وثالثا تشجيع ريادة الأعمال والشمول المالي للمرأة.

'