المركزي التركي يواجه التضخم برفع حاد في سعر الفائدة – مصدر24

المركزي التركي يواجه التضخم برفع حاد في سعر الفائدة

لجأ المصرف المركزي التركي مجددا إلى رفع سعر الفائدة بوتيرة حادة في محاولة لمواجهة انهيار سعر صرف الليرة أمام الدولار ولكبح تضخم أسعار المواد الاستهلاكية في ظل فشل السياسات النقدية في ضبط السيولة وأسعار العملة.

إسطنبول – رفع البنك المركزي التركي الخميس سعر الفائدة 200 نقطة أساس إلى 19 في المئة، وهو ما يفوق التوقعات، في محاولة لمواجهة تراجع الليرة وزيادة الأسعار الأمر الذي يزيد الضغوط المالية.

وكان 21 اقتصاديا شاركوا في استطلاع رأي أجرته رويترز توقعوا جميعهم تقريبا رفعا 100 نقطة أساس. وعلى خلفية ذلك، قفزت الليرة 2 في المئة مقابل الدولار.

وسعر إعادة الشراء (ريبو) لأجل أسبوع، وهو سعر الفائدة الرئيسي، مستقر عند 17 في المئة منذ ديسمبر بعد تشديد كبير للسياسة النقدية العام الماضي.

ويعود الانخفاض المطرد في قيمة العملة المحلية، الليرة، إلى حد كبير إلى الاختلالات الاقتصادية التي عجلها بشكل جزئي معدل فائدة حقيقي سلبي وطفرة بناء مدعومة بالائتمان، واحتياجات تمويل خارجية كبيرة، فضلاً عن افتقار البنك المركزي التركي إلى المصداقية وقرب استنفاد احتياطيات أنقرة من العملات الأجنبية.

ويرى خبراء أن السياسة النقدية التي فرضها الرئيس رجب الطيب أردوغان قامت على التناقضات والنفخ في الفراغ ما تسبب في أزمة قاسية لليرة.

19

في المئة نسبة رفع المركزي لسعر الفائدة لمواجهة انهيار الليرة وتضخم الأسعار

وانتهج أردوغان طيلة السنوات الماضية سياسة المغامرة بخفض أسعار الفائدة فارضا إرادته على البنك المركزي بإجراء خفض كبير في أسعار الفائدة، ما تعارض مع الوضع الهش للتوازنات المالية والاقتصادية، وانعكس بسرعة ووضوح في اتجاه الانحدار تلو الانحدار لليرة.

وتمر تركيا بأزمة عملتها الثانية خلال أكثر من عامين بقليل. وعلى عكس الأزمات السابقة من ضعف العملة، فإن احتياطيات تركيا من العملات الأجنبية قد استُنفدت ولم تستجب صادراتها لانخفاض سعر الصرف.

ويرى خبراء أنه على أنقرة إحداث تغيير كبير في السياسة النقدية لكسر انخفاض سعر صرف الليرة، نظرًا لأن تركيا من بين اقتصادات الأسواق الناشئة الأكثر ضعفاً في العالم.

وفي وقت سابق دافع رجب طيب أردوغان عن خيارات وزير المالية الأسبق وصهره بيرات البيرق مما غذى تهاوي الليرة وأشاع مخاوف المستثمرين من سياسات البنك المركزي.

وقال متعاملون إن خسائر الليرة أطلق شرارتها الشهر الماضي دفاع أردوغان عن البيرق الذي تزامنت فترة توليه منصبه مع انخفاض حاد في العملة. كما اُستنفدت احتياطيات البنك المركزي من النقد الأجنبي بشدة بسبب سياسة البنوك الحكومة ببيع 130 مليار دولار من العملة الأميركية لدعم الليرة.

وتسارعت وتيرة التراجع بعدما شدد البنك المركزي السيولة باستخدام أدوات متطلبات الاحتياطي، ما زاد المخاوف بشأن تعرض السلطة النقدية إلى ضغوط حتى لا ترفع تكاليف الاقتراض.

وفي ظل الضعف، رفع البنك المركزي في وقت سابق نسبة الاحتياطي الإلزامي للودائع بالليرة التركية 200 نقطة أساس، قائلا إن التحرك سيحسّن فعالية التحول في سياسته النقدية.

وبلغت الليرة التركية أدنى مستوياتها مقابل الدولار، لتظل تتعرض لضغوط بعد أن دافعت الحكومة عن سياسات وزير المالية السابق.

وكانت سياسة صهر أردوغان الاقتصادية والمالية قد واجهت انتقادات مستمرة من قبل المعارضة التركية، حيث تعالت الأصوات التي تتهمه بالفشل في تحسين الوضع الاقتصادي التركي.

وسبق أن اعترف أردوغان بأن بلاده قد تواجه مشكلات اقتصادية، لكنّه يعمل دوما على تبرئة نفسه وصهره من أي مسؤولية في ما وصل إليه حال الاقتصاد، والتأكيد أنّ أساس المشاكل كان محافظ البنك المركزي السابق.

وحصر أردوغان المشاكل والأخطاء في محافظ البنك المركزي السابق، بقوله إن سوء الإدارة دفع إلى الانهيار السابق والحالي، من دون أن يمتلك جرأة الاعتراف بأخطائه، وأنّ سياساته الاقتصادية التي توصف بأنها بعيدة عن الموضوعية ومنطق الأسواق هي التي أدّت إلى الانهيار والركود.

Thumbnail

وكانت بلومبرغ قد نقلت عن الخبير الاقتصادي هالوك بورومتشيكي القول، إن “استخدام أدوات هامشية، بدلا من رفع سعر الفائدة بشكل مناسب، لمعالجة ارتفاع التضخم، كما فعلت الإدارة السابقة للاقتصاد، سيثير مخاوف المستثمرين”.

وبلغ معدل التضخم السنوي نحو 15 في المئة في يناير، وفقا لبيانات معهد الإحصاء التركي (تركستات).

وتعيش تركيا على وقع أزمة اقتصادية حادة أدت إلى تفاقم الدين العام الخارجي، الذي وصل إلى مستويات كبيرة تجاوزت أكثر من حوالي 445 مليار دولار، وفق أرقام مجموعة البنك الدولي.

وباءت محاولات أنقرة لإعطاء صورة متفائلة عن وضعها الاقتصادي بالفشل، خصوصا بعد تفاقم أزماتها جراء كورونا، حيث أكد خبراء ومؤسسات دولية أن البلد يعاني من اقتصاد عليل حتى قبل أن ينتشر الوباء في العالم. وسجلت معظم القطاعات في تركيا تراجعا كبيرا في إيراداتها بفعل تقلّص الطلب عليها وتراجع أنشطتها التصديرية، في أعقاب تداعيات الوباء في وقت يشتد فيه انهيار العملة المحلية.

وأدى تباطؤ النمو الاقتصادي في تركيا وارتفاع التضخم وضعف القطاع المصرفي إلى وضع أنقرة تحت ضغط سياسي متزايد، الأمر الذي ربما دفع البنك المركزي التركي لمحاولة زيادة تكلفة الأموال للبنوك التجارية كخيار خلفي للتشديد النقدي.

ومع ذلك، فإن رفع سعر الفائدة الجديد يزيل الصورة المعروفة عن البنك المركزي بأنه يتبع سياسة التيسير، بعد أن زاد من سعر الفائدة المعياري بمقدار 200 نقطة أساس من 8.25 في المئة إلى 10.25 في المئة في 24 سبتمبر، وشدد البنك المركزي على السيولة في اليوم التالي للإعلان.

ويعكس هذا بشكل جزئي التخفيضات التي بلغ مجموعها 1575 نقطة أساس في الفترة بين يوليو 2019 ومايو 2020، على الرغم من معدل التضخم الذي كان متوسطه أقل بقليل من 12 في المئة في عام 2020.

'