المشكلات التقنية تعيق ربط الإعلام العربي بالذكاء الاصطناعي – مصدر24

المشكلات التقنية تعيق ربط الإعلام العربي بالذكاء الاصطناعي

القاهرة – استهدف مؤتمر “مستقبل الإعلام في العالم” في مصر، إيجاد آليات فاعلة لتطوير الصحافة الرقمية ومواكبة التطورات التكنولوجية، لكن الحديث عن التطوير قابله سيل من العقبات.

وبحث المؤتمر الذي نظمته افتراضيا وزارة الدولة للإعلام، السبت، عن مخرج لما يمكن تسميته بالكمون الإعلامي الذي ما زال يقدم محتويات تقليدية عبر منصات حديثة، مع ضرورة تحديث السياسة الإعلامية بما يواكب التطور التكنولوجي، واحتياجات الجمهور، فضلا عن تحديث آليات ومسؤوليات مصدر السياسة الإعلامية بما يخدم المتلقي.

وتكمن أزمة الإعلام المصري في عدم وجود ثقافة داعمة للتحول الرقمي، ما انعكس أساسا على المؤتمر الذي لم تحظ جلساته الثلاث بمشاهدة واسعة، ولم تنل كلمة وزير الإعلام خلال المؤتمر سوى 500 مشاهدة أثناء البث الحي لوقائعه، وقد بلغ إجمالي مشاهدة ساعات البث المباشر للمؤتمر 5 آلاف مشاهدة.

وقال منتج المحتوى الرقمي أبانوب عماد، إن “العائد الإعلاني والمادي للصحافة الرقمية في مصر ضئيل للغاية، ولا يمكن أن يغطي رواتب الموظفين والمعدات التي تحتاجها منصات البث الرقمي، وبالتالي فالمؤسسات الإعلامية لا تستطيع أن تعتمد على هذا النوع بشكل كامل، في ظل استمرار توجيه المعلنين إلى وسائل الإعلام التقليدية، عبر التلفزيون أو الصحف، أو حتى الراديو”.

وتركزت النقاشات على ضرورة استخدام الموبايل بشكل أوسع في عملية متابعة الأخبار والتواصل مع الجمهور، وتحويل صفحات المواقع على منصات التواصل الاجتماعي لتكون بمثابة استوديو حقيقي يقدم المعلومات لحظة بلحظة إلى الجمهور، على أن يكون المحتوى المقدم متماشيا مع رغبات متابعي تلك المنصات.

أبانوب عماد: العائد الإعلاني والمادي للصحافة الرقمية في مصر لا يغطي رواتب الموظفين وتكلفة معدات منصات البث الرقمي

وأوضح عماد الذي شارك في إدارة إحدى جلسات المؤتمر، في تصريح لـ”العرب”، أن “على الصحف العربية مجاراة التطورات التي تشهدها سوق الإعلام الرقمي، الذي سيكون من خلال توصيل المعلومات عبر تطبيقات الرسائل الخاصة، وأن ماسنجر وواتساب، سوف يكون لديهما دور كبير في توصيل المعلومات الصحيحة إلى الجمهور، بعيدا عن الأخبار المزيفة المنتشرة بكثافة على عدد كبير من المنصات الرقمية”.

وركزت توصيات المؤتمر، الذي شارك فيه عدد من الخبراء والإعلاميين من مصر و9 دول عربية وأجنبية، على ضرورة بناء المؤسسات الإعلامية لشراكات تجارية للاستعانة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لتطوير الإعلام، بما يدعم دمج التكنولوجيا في عملية الصناعة لتوفير الوقت والجهد من خلال نسق يتيح الفرصة للإبداع، وإعداد دراسات وافية عن الاحتياجات الإعلامية لتحديد خطة عمل لاستخدام البدائل الرقمية.

وتواجد ممثلا شركتي مايكروسوفت وغوغل خلال جلسات المؤتمر للتعرف على الآليات التي تضمن تطوير وسائل الإعلام بما يتماشى مع استخدامات الجمهور في مصر، وأوصى بعقد دورات تدريبية للصحافيين بالمشاركة مع غرف تدريب غوغل للخروج بمحتوى إعلامي بأدوات وتقنيات مختلفة.

وأكد رئيس رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، على هامش مشاركته في المؤتمر، أن ظهور وسائط جديدة عبر المنصات الرقمية أدى إلى زيادة تأثير وسائل الإعلام، وأن التطور المذهل في الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات انعكس على مجال الإعلام بشكل واضح وملموس، وأدى إلى ظهور إعلام جديد، له مواصفاته الخاصة؛ مختلفة عما نشأنا وتعودنا عليه خلال سنوات وعقود مضت.

وأصدرت وزارة الإعلام المصرية توجهات داعمة للتطوير عبر المزيد من الخطوات التي تدعم التحول الرقمي، لكن لم تترجم في خطوات ملموسة على الأرض.

ويرجع ذلك لأسباب عديدة على رأسها المشكلات التقنية التي تواجهها شبكة الإنترنت في مصر، وحسب التقرير الذي أصدرته وكالة “وي آر سوشيال” المتخصصة في هذا المجال، فإن مصر تأتي في ذيل مؤشر خدمات الاتصالات والإنترنت بمتوسط سرعة اتصال بالإنترنت بلغ 1.7 ميغابايت في الثانية، إضافة إلى ارتفاع تكلفة الخدمة التي تجعل الجمهور عازفا عن مشاهدة صحافة الفيديو التي تجذب جمهور المنصات.

وقالت أستاذة الإعلام الرقمي بجامعة القاهرة، سهير عثمان، إن عقد المؤتمر من دون دعاية كافية ومشاركة واسعة من كافة أطياف العمل الإعلامي حوّله إلى مجرد مسكنات للأوضاع الصعبة التي يعاني منها الإعلام في مصر، في ظل عدم اتخاذ قرارات فاعلة على مستوى تحسين خدمات الإنترنت، وبنية تكنولوجية متهالكة تتزايد بشأنها شكاوى المستخدمين يوميا.

وأوضحت لـ”العرب”، أن حديث المؤتمر عن إمكانية ربط وسائل الإعلام بالذكاء الاصطناعي لا يمكن تطبيقها وسط المشكلات التقنية، التي تجعل الكثير من المواقع غير قادرة على الاكتفاء بالفيديو كوسيلة لتقديم الأخبار وتتعامل معه كأداة لتقليص النص وليس بديله، وهي أساليب بدائية للغاية لا تعبر عن طموحات وزارة الإعلام التي طرحتها.

وتمنع المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها غالبية وسائل الإعلام في مصر من تطوير أدوات الصحافيين، والدورات التي تقدمها هيئات مانحة بعيدا عن تخصيص ميزانيات محددة لعملية التدريب في المؤسسات الصحافية، وهو أمر ينطبق أيضا على وزارة الإعلام التي ما زالت من دون هيكل إداري واقتصادي.

ولفت المؤتمر النظر إلى دراسة أعدها المركز الدولي للصحافيين وأكدت أن 29 في المئة من غرف الأخبار في دول شمال أفريقيا تعتمد على الأساليب التقليدية في بث الأخبار بنقلها عن الصحف والمواقع، وطرح ضرورة التوسع في التعامل مع المنصات الرقمية بعيدا عن فيسبوك وتويتر، وإفساح المجال أمام منصتي “سناب شات” و”تيك توك” اللتين تحظيان بنسب مشاهدة أعلى في الوقت الحالي.

وحاول المؤتمر، بلا جدوى، طمأنة العاملين في المجال الإعلامي داخل مصر والتأكيد على أن هناك تحولات عديدة تشهدها صناعة الإعلام، لكنها لن تلغي أهمية الإعلام باعتباره أداة مؤثرة، وأن الأزمات التي تشهدها المؤسسات الإعلامية يمكن التغلب عليها بتغيير المحتوى حتى يتماشى مع جمهور المنصات.

وقال أسامة هيكل، وزير الدولة للإعلام، على هامش المؤتمر إن الإعلام صناعة كبرى لا يمكن الاستغناء عنها طالما أن العقل البشري موجود، ولا يمكن أن يكون هناك عالم بلا صحافة.

'