المصري فادي فرنسيس يشكل من الصلصال الحراري مئة شخصية عالمية – مصدر24

المصري فادي فرنسيس يشكل من الصلصال الحراري مئة شخصية عالمية

يشكّل الفنان الفوتوغرافي والصحافي المصري فادي فرنسيس من وحي ذاكرته أو عبر الصور المنشورة على مواقع البحث الإلكترونية مجسمات صغيرة من الصلصال الحراري لشخصيات تاريخية وسياسية ورياضية وفنية، في سعي منه لتخليد عظماء تركوا أثرا عميقا في الإنسانية.

القاهرة – أكّد الصحافي والفنان المصري فادي فرنسيس أنه أوشك على الانتهاء من مشروع “المئة شخصية عالمية” الذي ما انفك يعمل عليه منذ نحو أربع سنوات، وذلك ضمن تجربته النحتية المستندة إلى تشكيل مجسمات صغيرة بالصلصال الحراري، كان آخرها تمثال الملك رمسيس الثاني.

وكان فرنسيس بدأ في العام 2018 مشروعه الخاص الذي حمل اسم “100 شخصية صلصال”، وقطع شوطا طويلا فيه خلال العام الجاري.

وعنه يقول “بدأت مشروعي بالصدفة، فخلال إحدى زياراتي العائلية لمدينة الأقصر، مسقط رأسي، وجدت الصلصال الحراري بين يدي طفل، فقرّرت أن أجرّب استخدامه، لأكتشف أنه ربما يكون أداتي لبدء مشروع طالما حلمت بتنفيذه”.

ويوضّح أنه فور مشاركته الجمهور عبر منصات التواصل الاجتماعي أول تمثال نحته باستخدام الصلصال الحراري، وكان للأديب الراحل نجيب محفوظ، لقي ردود فعل إيجابية، ممّا شجّعه على الاستمرار.

“100 شخصية صلصال” مشروع نحتي يجمع فيه الفنان المصري بين الرياضيين والسياسيين والفنانين والأدباء والعلماء

ويضيف “الهدف من مشروعي تخليد عظماء تركوا أثرا في حياتنا، في شتى المجالات ومن مختلف الدول”. وهو يرى أن “الفن دوره توحيد البشر، فلا أحد يستطيع مقاومة الجمال النابع من الأعمال الفنية، وقد جمع مشروعي بين رمسيس الثاني ومارادونا، وبين نجيب محفوظ وبيليه وفريدا كاهلو وغيرهم من رموز الفن والرياضة والسياسة”.

ويتناول مشروع “100 شخصية صلصال” مجموعة كبيرة من المبدعين حول العالم، وتعمّد فرنسيس أن يثري تنوّعهم بين لاعبي كرة القدم والفنانين والأدباء والعلماء، لتكون بمثابة شكر لكل من ترك أثرا في حياة البشرية، أينما كان.

ويقول الفنان المصري إن نحت تمثال يتراوح طوله بين 12 و16 سنتيمترا “عملية شديدة الصعوبة”، حيث يستخدم عدسة مكبرة ليجسّد ملامح الشخصية التي يتناولها عمله الفني، وهو يستغرق في بعض الأحيان أكثر من 15 ساعة لإنتاج تمثال واحد.

وتوثّق أعمال فرنسيس لحظات ومواقف مهمة في حياة الشخصيات التي ينحتها، فتمثال بيليه يخلّد ذكرى فوزه بكأس العالم وهو في عمر 17 عاما، ومجسّم المخرج المصري يوسف شاهين يبرز حبه للكاميرا، إذ يصوّره التمثال محتضنا إياها، وتمثال الرسامة المكسيكية فريدا كاهلو أتى متسقا تماما مع ملامحها التي ميّزتها والتي جعلتها تكون في حياتها وبعد مماتها هي الأيقونة، قبل لوحاتها.

ولم تتوقّف أعمال المشروع على شخصيات حقيقية، بل تناول أبطال أفلام ومسلسلات ذات شعبية كبيرة، كشخصية “هاري بوتر” الشهيرة أو الممثل البريطاني روان أتكينسون في شخصية “مستر بين” أو السيد كارل فريدريكسن بطل فيلم التحريك “فوق” إلى جانب مشهد من الفيلم الأميركي “اللالالاند”، وأيضا مشهد الفضائي في صندوق.

شخصيات العالم يجتمعون في بيت واحد
شخصيات العالم يجتمعون في بيت واحد

وآخرهم النحت بالصلصال الحراري لمشهد من مسلسل العرائس المصري “بوجي وطمطم في رمضان” داخل علبة 5 سم، للاحتفال بشهر الصيام.

وإلى جانب ولعه بالنحت على الصلصال الحراري، ساهم فرانسيس، وهو بالأساس مصوّر فوتوغرافي، في تطوير الرسم بالضوء، بعد دراسته للتصوير الفوتوغرافي باستخدام ورق عازل للضوء، مرسوم بواسطة المقص، يمرّر الضوء من خلفه، حيث تنوّعت الرسومات الورقية العازلة ما بين الوجوه والمشاهد العامة.

وعن هذه التجربة، يقول “أعتمد في ذلك الرسم في غرف مظلمة أمام عدسات الكاميرات بكشافات الإضاءة وبالاعتماد على ضبط إعدادات مثلث التصوير على أضيق فتحة للعدسة، وبحساسية ضوء ضعيفة، ويتم اختيار سرعة غالق لا تقل عن 10 ثوان لكي تستطيع الكاميرا تسجيل حركة خطوط الضوء المرسومة بإضاءات الكشاف أو بإضاءة الهاتف المحمول”.

ويوضّح “تأخذ رسوم الأوراق المقصوصة وقتا كبيرا لضبط التفاصيل، كما أن عملية مزج الألوان تحتاج وقتا كبيرا وقد تصل الرسمة الواحدة إلى ساعة أو أكثر بسبب تكرار التجربة للوصول إلى الشكل الأمثل، والميزة التي أحصل عليها من استخدام الورق العازل هي تحديد الخطوط الأساسية التي يصعب تشكيلها بالبطاريات، كما أنه يجب تثبيت الورق بشكل محكم للحفاظ على ثبات الرسمة”.

وهو يؤكّد أن تطوير تجربته جاءت عن طريق قيامه بمزج أعمال النحت في عمل مشاهد بتقنية الرسم بالضوء، مع إضافة تقنيات تلوين بإضاءة الكشافات بتقنية ثلاثية الأبعاد.

ولا يكتفي الفنان المصري برسوماته الضوئية ومجسماته الصلصالية وصوره الفوتوغرافية فحسب، بل يرسم لوحات بالزيت والأكريليك والباستيل من واقع الأحداث التي يتفاعل معها، منها على سبيل المثال فايروس كورونا الذي جعل الناس ترتدي الكمامات والأقنعة طوال الوقت، فاستلهم منه لوحة الأم وابنتها التي ترتدي الكمامة وتضع على يد طفلتها الكحول جراء الإجراءات الاحترازية للفايروس والعديد من اللوحات الأخرى التي تجسّد الواقع المصري الراهن.

وولد فادي فرنسيس في العام 1991 بمدينة الأقصر في جنوب مصر، وتربى في كنف أمه الفنانة وأبيه خبير المصريات، اللذين ساعداه في تنمية مواهبه في الفن والتصوير الفوتوغرافي. بدأ شغفه بالرسم عندما كان في الثالثة من عمره، ولم يكتف بالموهبة فقط بل تعلم الفنون الجميلة بنفسه إلى جانب عمله كصحافي عندما انتقل إلى القاهرة في عام 2008. وهو يسعى، قريبا، إلى تقديم منجزه الفني في معرض شامل يجمع بين فن النحت على الصلصال الحراري والرسم والتصوير الفوتوغرافي.

نموذج مصغر لمومياء الملك رمسيس الثاني
نموذج مصغر لمومياء الملك رمسيس الثاني

'