“المعروك”خبز يحلي إفطار الدمشقيين في رمضان – مصدر24

“المعروك”خبز يحلي إفطار الدمشقيين في رمضان

دمشق – “تازة يا معروك، أكل الملوك يا معروك”.. و”يا ما عركوك بالليالي يا معروك” عبارات يرددها الباعة لا نسمعها إلا في شهر رمضان، على الرغم من أنه يباع في كل أيام السنة، لكن تتجه جميع أفران الحلويات والمخابز لصناعته وعرضه أمام الصائمين طازجا لجذبهم.

وقال أبومحمد (53 عاما)، وهو صاحب مخبز في دمشق، “قبل أن يبدأ شهر رمضان نبدأ التحضير لخبز رمضان، المعروك، وفي كل عام نحرص أن نقدمه بذات السوية والنهكة التي اعتاد عليها الزبائن”، مشيرا إلى أنه ورث تلك الصنعة من أجداده ولا يزال متمسكا بها.

وأضاف أبومحمد أن “المعروك هو طقس هام في رمضان وهي أكلة شعبية معروفة لدى أهالي دمشق وباقي المحافظات السورية”، لافتا إلى أن الطلب على هذه الأكلة ازداد بسبب غلاء أسعار الحلويات التي كانت الغالبية قادرة على شرائها.

وقال واصف صبحة، أحد أوائل حرفيي صناعة المعروك “يعد خبز المعروك الأكلة الشعبية الرمضانية الأولى التي يرغبها السوريون، حيث يقبل الناس على شرائه لأنه نوع من التقليد الخاص بشهر الصيام، حتى أن الباعة الجوالين لديهم نداءات مميزة تشد المارة لشراء هذه الأكلة التراثية”.

وفي حي الأمين بدمشق يوجد أحد أقدم الأفران الدمشقية لصناعة الحلويات، يقول بهاء شحادة لوكالة الأنباء السورية (سانا) “يسمى خبز المعروك أيضا بخبز رمضان، كون الدمشقيين كانوا يوزعونه على الفقراء الذين يعتمدون عليه في سحورهم أو فطورهم بشكل أساسي بدلا من الخبز العادي، وتجمع هذه الأكلة التراثية ما بين الخبز والحلوى، لكنها أقرب للخبز في طراوتها، فيسميها البعض بالخبز الدمشقي لكن الكل يجمع على اسم المعروك”.

ويشرح شحادة الذي يعمل في مجال الحلويات لأكثر من 35 سنة طريقة صنع هذا الخبز قائلا “يبدأ تشكيل المعروك بوضع الطحين والسكر وقليل من الملح والخميرة والمحلب والبيض ومحسّن يعطي قوة للعجين وحليب بودرة يعطي اللون الذهبي للمعروك، وماء وزيت نباتي وقليل من السمن الحيواني، ثم توضع المكونات في العجانة لمدة 20 دقيقة لتمتزج وتصبح روحا واحدة”.

ويضيف “تترك العجينة لتختمر وتفرد على الرخام حيث تقطع وتوزع حسب الحجم، وتحشى بعجينة التمر أو الشوكولا أو جوز الهند والزبيب ثم يرش على وجهها السمسم وحبة البركة لتوضع بالفرن حتى تنضج وتجذب المارة برائحتها المميزة”.

وعن أصناف المعروك بيّن عبدالله خماش مشرف المعمل أنها متنوعة، فمنها المحشو بجوز الهند والزبيب والسادة مع السمنة والسكر، إضافة إلى المحشو بالشوكولا السوداء أو البيضاء وأكثرها فائدة المحشو بعجوة التمر والسمسم، مشيرا إلى أن المعمل يجدد منتجاته لتواكب متطلبات السوق، ومنها “بابلي”، وهي كرات محشوة بجوز الهند مع الزبيب.

وبحسب الأطباء، للمعروك فوائد كثيرة، فهو يزود الصائم بالسكريات سهلة الامتصاص التي يحتاجها بعد فترة صوم طويلة، خاصة أنه خفيف وسهل الهضم، بينما يفيد المعروك بحبة البركة في تنشيط الدورة الدموية وطرد الغازات البطنية وتفتيت الحصيات الكلوية، وأكثر أنواع المعروك فائدة هو المضافة إليه عجوة التمر والسمسم لغناه بالفيتامينات والمعادن.

ويؤكد صبحي أن الأفران تكثف صناعة المعروك على حساب باقي أصناف الحلويات في رمضان، مضيفا أن لكل حرفي وصفته التي اكتسبها طيلة سنوات واحتفظ بها لنفسه، قائلا “نحن كحرفيي معجنات منذ خمسين عاما، أضفنا من خبراتنا لتطوير صناعة المعروك لنرضي جميع الأذواق وخاصة في هذا الشهر الذي يبحث فيه السوريون عن طيب الطعام ولذيذه، وقد أوجدنا من المعروك أنواعا مثل الملوكي وهو الذي يضاف إليه جوز الهند والزبيب وماء الزهر، وهذا النوع هو الأكثر طلبا، ونوع السادة الذي يرش على وجهه السمسم وحبة البركة والمحشو بالعجوة”.

ويضيف أن بعض الأفران تقوم بصناعة نوع من الخبز الرمضاني أيضا، القريب من المعروك لكن دون حشوة مشهورة باسم “المشطاح”، وهو مستطيل طويل، يتجاوز طوله 60 سم، مغطى بالسمسم وحبة البركة، وهو أيضا أكلة شامية توازي المعروك بأصالتها.

وفي ما يتعلق بالبيع بيّن خماش أن ساعة الذروة الخاصة ببيع المعروك تسبق أذان المغرب والأسعار تناسب الجميع.

ومن أمام واجهة الفرن حيث الحلويات العربية والأفرنجية المصفوفة بشكل أنيق، ينادي أحد العمال لجذب الزبائن “تازة المعروك تازة أكل الملوك هالمعروك… كلو إلك يا صايم أطيب من لحم الديوك هالمعروك”.

وقال أبويزن (35 عاما) وهو يحمل بيده كيسا من أقراص المعروك “هذه الأكلة البسيطة لم يعد ثمنها رخيصا، ولكن قياسا بباقي أصناف الحلويات باتت الأرخص ثمنا والأكثر طلبا”.

وتقول أم سامي (44 عاما) وهي ربة أسرة، إن المعروك هو أكلة الفقير والغني حاليا، مبينة أنه بات الخبز الأكثر تداولا حاليا بعد أن قفزت أسعار الحلويات إلى مستويات عالية لم يعد بمقدور غالبية السوريين شراؤها.

وتضيف أم سامي، وهي تقف بداخل أحد محلات الحلويات بمنطقة المزة بدمشق، لوكالة أنباء (شينخوا) “المعروك أو خبز رمضان هو أكلة سهلة وغير معقدة، وأفراد أسرتي يتناولونها عند السحور، لأنها وجبة خفيفة وتعطي الجسم طاقة خلال يوم الصيام”.

وأكدت أن سعرها هذا العام يبدأ من 500 ليرة سورية للقطعة الواحدة، وصولا إلى أربعة آلاف ليرة سورية أي أكثر من دولار أميركي (الدولار الواحد يساوي ثلاثة آلاف ليرة سورية في السوق السوداء).

'