المغرب يتأهب لإطلاق أعمال تشييد ميناء الداخلة الأطلسي – مصدر24

المغرب يتأهب لإطلاق أعمال تشييد ميناء الداخلة الأطلسي

اقتربت الحكومة المغربية من الإطلاق الفعلي لأعمال بناء ميناء كبير في سواحل الأطلسي في الصحراء المغربية، وهو مشروع استراتيجي تعوّل عليه الرباط لربط أفريقيا بالكتل الاقتصادية العالمية في إطار برنامج واسع للاستثمار في أقاليم المغرب الجنوبية.

الرباط- يدخل رهان المغرب على ميناء الداخلة الأطلسي مرحلة جديدة مع الإعلان عن اقتراب البدء في أعمال تشييد البوابة البحرية للبلاد بعد الكشف عن إرساء العقود على الشركة أو الكونستيروم الذي سيتولى بناءه في أعقاب المزايدة التي تمت نهاية يناير الماضي.

ويأتي المشروع، الذي يقع على بعد حوالي 70 كيلومترا شمال مدينة الداخلة المطلة على المحيط الأطلسي في الصحراء المغربية، في إطار برنامج النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية الذي أطلقه العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطابه بمدينة العيون بمناسبة الذكرى الأربعين لانطلاق المسيرة الخضراء.

وذكرت وكالة الأنباء المغربية الرسمية نقلا عن وزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء قولها في بيان، إنه “على إثر انتهاء الدراسات المتعلقة بإنجاز هذا المركب المينائي، قامت الوزارة بالإعلان عن طلب العروض بالانتقاء المسبق المتعلق بإنجاز أشغال بناء الميناء الجديد الداخلة الأطلسي”.

وأوضحت الوزارة أنه بعد تحديد لائحة المشاركين الذين تم قبولهم في مرحلة الانتقاء المسبق، ستهم المرحلة التالية اختيار الحائز على الصفقة وبعدها الانطلاق الفعلي للأشغال للمشروع البالغ تكلفته الإجمالية 10 مليارات درهم (1.13 مليار دولار).

ويقول المسؤولون المغاربة إن الميناء سيشكل القلب النابض للعلاقات والمبادلات مع منطقة غرب أفريقيا وأنه لن يكون ميناء خاصا بالأقاليم الجنوبية فقط، بل سيمتد دوره إلى الدول المجاورة، إضافة إلى ربط المغرب وأفريقيا بالدول المطلة على المحيط الأطلسي وخاصة أميركا اللاتينية.

وتشير المعلومات إلى وجود خمسة منافسين للفوز بالمشروع بينهم ثلاثة تحالفات، الأول يضم شركتين مغربيتين هما أس.جي.تي.أم المختصة في بناء السدود وسوماجيك المملوكة لعائلة سحيون والتي شاركت في أغلب مشاريع توسعة وبناء موانئ البلاد إضافة إلى توسعة ميناء داكار بالسنغال وقامت ببناء كل موانئ غينيا الاستوائية ولديها مشاريع في سبع دول أفريقية أخرى.

انفتاح المغرب على تجارب واستثمارات دول متعددة من آسيا وأميركا وغيرهما، كشركاء لبناء وتشييد الموانئ الوطنية، تؤهله للحصول على حصة متقدمة من سوق التجارة البحرية الدولية لتحريك عجلة التنمية

أما التحالف الثاني فيضم شركة إيفياج وآي.دي الفرنسيتين، والتحالف الثالث يضم شركة أرشيردون اليونانية، التي فازت سابقا بمشروع بناء ميناء الفوسفات بالعيون وبتوسعة وإعادة تهيئة ميناء الجرف الأصفر مع شركة سيبروب المغربية، التي يعد من أهم إنجازاتها بناء جسر سيدي معروف بالدار البيضاء.

وإضافة إلى ذلك، دخلت شركة المقاولون العرب المصرية المناقصة منفردة وهو نفس الأمر مع شركة هوار لمشاريع البناء والبنية التحتية المدنية المغربية.

ويعتبر مشروع ميناء الداخلة الجديد أكبر مشروع على مستوى جهات الجنوب الثلاث، وهو جزء من استراتيجية الموانئ الوطنية 2030 للحكومة المغربية وخطة تنمية المنطقة الجنوبية كما أنه أيضا مشروع رئيسي لتحسين البنية التحتية للداخلة وتعزيز تنمية السياحة الإقليمية.

ويكتسي المشروع أهمية استراتيجية من ناحية دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية والصناعية للجهة في جميع القطاعات الإنتاجية لجهة الداخلة/وادي الذهب وخاصة في قطاعات الصيد البحري والزراعة والتعدين والطاقة والسياحة والتجارة والصناعات التحويلية وغيرها من المجالات الأخرى الإنتاجية.

كما سيمكن من جهة أخرى من تزويد المنطقة ببنية تحتية لوجيستية حديثة ومتطورة ستمكن من استقطاب الفرص المستقبلية التي يوفرها قطاع النقل البحري على المستوى الدولي.

ويتوقع القائمون على المشروع أن يكون ميناء الداخلة الأطلسي محطة رئيسية للأسطول الدولي في الملاحة البحرية العابر للأطلسي ومنافسا قويا لموانئ جزر كناريا الإسبانية، كما أنه من المتوقع أن يجلب استثمارات ضخمة في المستقبل.

وسيضم الميناء عددا من مراكز التبادل التجاري ومنشآت لنشاط الصيد البحري، حيث من المتوقع أن يستقبل الميناء أعدادا كبيرة من سفن الصيد البحري المغربية والأوروبية التي تنشط في سواحل الصحراء المغربية بموجب اتفاق الصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي.

وتؤكد وزارة التجهيز أنه تم اعتماد تصميم قابل للتطوير والتوسعة لهذا المشروع، حيث سيتم إنشاء ميناء بالمياه العميقة على الساحل الأطلسي لجهة الداخلة ضمن ثلاثة مكونات هي ميناء تجاري على عمق 16 مترا وميناء مخصص للصيد الساحلي وفي أعالي البحار، وميناء مخصص لصناعة السفن.

وسيشيد هذا الميناء بمحاذاة منطقة اقتصادية تمتد على مساحة تقدر بحوالي 1650 هكتارا وتهدف إلى تقديم خدمات صناعية ولوجيستية وتجارية عالية الجودة.

وتعد الموانئ نقطة عبور لمعظم المبادلات سواء بالنسبة إلى الواردات أو الصادرات. وفي المغرب تؤمن البنية التحتية للموانئ نحو 98 في المئة من المبادلات الخارجية، وتشكل بالتالي قطاعا حيويا بالنسبة إلى الاقتصاد.

مليار دولار تكلفة المشروع، الذي تتنافس عليه 5 تحالفات على ألا تتجاوز فترة بنائه 6 سنوات

وتخطط وزارة التجهيز إلى زيادة استثمارات قطاع الموانئ والنقل البحري على المدى المتوسط والبعيد إلى نحو 93 مليار دولار حتى العام 2035.

ويراهن المغرب على الشراكة بين القطاعين العام والخاص للقيام بالعديد من الاستثمارات في العديد من أنشطة الموانئ، وتطوير البنية التحتية حتى تصبح أكثر تنافسية وتسهل الحياة بالنسبة إلى المواطنين.

وتظهر الإحصائيات الرسمية أن المغرب يملك حاليا 33 ميناء منها 12 ميناء مفتوحا للتجارة الخارجية وتضم أكثر من 40 كيلومترا من الأرصفة، أكثر من نصفها مخصص للتجارة.

ويرى خبراء الاقتصاد أن انفتاح المغرب على تجارب واستثمارات دول متعددة من آسيا وأميركا وغيرهما، كشركاء لبناء وتشييد الموانئ الوطنية ومن بينها ميناء طنجة المتوسطي ذي الأهمية الاستراتيجية، تؤهله للحصول على حصة متقدمة من سوق التجارة البحرية الدولية لتحريك عجلة التنمية.

'