النخبة المصرية تعرض عن نكبة “التوزير” تجنبا للمغارم بعد تبخر المغانم – مصدر24

النخبة المصرية تعرض عن نكبة “التوزير” تجنبا للمغارم بعد تبخر المغانم

القاهرة – احتل الحديث عن إجراء تعديل وزاري في الحكومة المصرية برئاسة مصطفى مدبولي مساحة كبيرة من الجدل خلال الأيام الماضية، وجرى الكلام عن تغيير في نحو 15 حقيبة وزارية، لكن اختتام مجلس النواب لجلسات دورة الانعقاد الراهنة الثلاثاء قلل من فرص التعديل.

وذكرت مصادر سياسية أن التأجيل جاء بسبب كثرة الاعتذارات من قبل شخصيات كان رئيس الحكومة يعوّل عليها لتولي بعض الحقائب ذات الأهمية الكبيرة بما يشعر الناس بأن الدولة حريصة على تلبية مطالبهم وحلّ أزماتهم.

وقالت إن عمرو المنير الذي شغل منصب نائب وزير المالية سابقا، اعتذر عن تولّي حقيبة المالية خلفا للوزير الحالي محمد معيط، دون إبداء أسباب واضحة.

جهاد عودة: منصب الوزير أصبح  غير مغر للنخبة في الوضع الحالي
جهاد عودة: منصب الوزير أصبح  غير مغر للنخبة في الوضع الحالي

وألمحت المصادر لـ”العرب” إلى أن المشكلات التي يتعرض لها كل من يشغل منصبا وزاريا زادت عن الحد مقابل تراجع المزايا، حتى تحول “التوزير” من مطمع ومغرم إلى أزمة ونكبة، فلم يعد صاحبه يمتلك حصانة تعصمه من المحاسبة السياسية والجنائية بعد أن جرى الزج بعدد من الوزراء في السجون عقب ثورة يناير 2011.

وأصبح من غير المنطقي حدوث تغيير الآن دون أن يشمل حقيبة التربية والتعليم التي يشغلها طارق شوقي، ولن يكون له مفعول في الشارع بعد الانتقادات التي تعرض لها بسبب إخفاقه في منع الغش وتسريب امتحانات الثانوية العامة (البكالوريا) التي تنتهي في الثاني من أغسطس المقبل ما يمنع إقالته قبل انتهاء موسم الامتحانات.

ولا تزال الحكومة تبحث عن شخصية بديلة تقبل القيام بمهمة قد يتعرض صاحبها دوما إلى الانتقادات بسبب ما يعانيه التعليم من مشكلات حادة ويتحمل مسؤوليتها بالحق أو الباطل كل من يشغل هذا المنصب.

وكشف أحد الوزراء المقربين إليه تحدثت معه “العرب” أنه اعتذر ثلاث مرات عن تولي منصب وزاري في العديد من الحكومات ليقينه بأن من يشغل هذه الحقيبة يعاني من متاعب سياسية واقتصادية ويفقد الكثير من المزايا التي كان يحصل عليها من خلال أعمال يشغلها قبل الوزارة.

ولفت الوزير إلى أنه اضطر إلى الحصول على قرض من أحد البنوك بضمان وظيفته لسد مصروفات عائلته التي اعتادت عليها، حيث كان يتقاضى من وظيفته كأستاذ في الجامعة الأميركية بالقاهرة نحو عشرة آلاف دولار كل شهر، بينما لا يتجاوز راتب الوزير في مصر حوالي ثلاثة آلاف دولار.

وقال جهاد عودة أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان في جنوب القاهرة إن مشكلة النخبة في مصر أنها ترغب في اختيار رئيس للحكومة له برنامج ورؤية محددة قبل قبول المنصب بتولي حقيبة وزارية، وهذا لا يتوافر، إذ يتم اختيار الوزراء أولا وبعضهم لا يعلمون هوية الحكومة ورئيسها وبرنامجها.

Thumbnail

وأوضح لـ”العرب” أن منصب الوزير أصبح مخيفا لأيّ شخص ولا توجد مكاسب حقيقية تضاف إلى من يتولى الحقيبة، فضلا عن عدم إرضاء الناس بسهولة مع اتساع دائرة التحديات التي تواجه الحكومة.

وتحولت منصات التواصل الاجتماعي إلى رقيب على أداء وزير التعليم، وغيره من الوزراء، وتتوقف بالتعليق عند كل كبيرة وصغيرة في تصرفاته التي تهم الكثير من البيوت المصرية ما تحوّل إلى مصدر إزعاج مستمر له.

وكان منصب الوزير في مصر مطمعا خلال عهد الرئيس الراحل حسني مبارك للكثير من النخب التي تسعى إليه، حيث يحصل صاحبه على مزايا معنوية ومادية كبيرة، وكانت بعض الحقائب تسند إلى شخصيات كنوع من المكافأة لها على خدمات قامت بها.

ويتذكر البعض من المصريين موقفا مثيرا عندما زار الرئيس مبارك كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة عام 1988، وبدا على الدكتور علي الدين هلال أستاذ العلوم السياسية بالكلية نشاط زائد وكأنه يريد لفت نظر الرئيس إليه والذي انتبه بالفعل وسأله عن عمره فقال له 45 عاما، فرد مبارك عليه (لسه بدري)، في إشارة إلى أنه لا يزال صغيرا على تولّي منصب وزير.

وتولى علي الدين هلال وزارة الشباب خلال الفترة من 1999 – 2004، حيث كان وقتها عضوا بارزا في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم (المنحل حاليا)، والذي تحول الانتساب إليه إلى ممر للتوزير.

'