النهضة تثير غضب التونسيين.. واتهامات لها بالتحريض على حرب أهلية – مصدر24

النهضة تثير غضب التونسيين.. واتهامات لها بالتحريض على حرب أهلية

تونس – أثارت دعوة عبدالكريم الهاروني، رئيس مجلس شورى حركة النهضة، أبناء الحركة إلى النزول إلى الشوارع لمواجهة المحتجين الكثير من ردود الأفعال المنتقدة، واعتبرها البعض دعوة ضمنية إلى الاقتتال الداخلي بين أبناء الشعب التونسي.

وقال الهاروني في حوار تلفزيوني على قناة التاسعة الخاصة مساء الأربعاء “قمنا بتوجيه الدعوة لمناضلينا ومناضلاتنا لحماية دولتهم وإعانة شعبهم حتى لا يتركوا الغاضبين يخربون ما بناه الشعب التونسي ودولتهم الشرعية… دعاة الانفجار ودعاة الثورة الثانية ودعاة ثورة الجياع لم ينجحوا في ذلك” حسب تعبيره.

وحاول الهاروني تبرير دعوته بحجة سعي النهضة لمعاضدة جهود القوات الأمنية، متغافلا عن أن القانون التونسي يمنع وجود ميليشيات تعمل خارج القانون، حيث ينص الفصل 73 من المجلة الجزائية على من يُقبل بمناسبة ثورة أن يقيم نفسه بدل الهيئات الحاكمة المشكلة طبق القانون يعاقب بالسجن بقية العمر.

والهاروني هو أحد قيادات حركة النهضة الإسلامية، وحُكم عليه بالسجن المؤبد عام 1991 بمعية تسعة من أعضائها بتهم “التآمر على أمن الدولة والانتماء إلى عصابة مفسدين”، قبل أن يتم الإفراج عليهم في نوفمبر 2007 في عفو بمناسبة الذكرى الـ20 لتولي الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي الحكم.

وتحمّل شريحة واسعة من التونسيين حركة النهضة المسؤولية الرئيسية عن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد منذ 2011.

وتشهد تونس منذ الخميس الماضي تحركات احتجاجية بعدد من الولايات تنديدا بالتهميش والبطالة وانعدام التنمية، ورفع المحتجون شعارات من قبيل “إسقاط النظام” و”لا خوف لا رعب السلطة ملك الشعب”، وواجهت الشرطة هذه التظاهرات بالغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه.

واعتبر سياسيون ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي أن دعوة رئيس شورى النهضة أنصاره إلى النزول إلى الشارع خطة أخرى لتعكير المناخ السلمي في تونس، وإعلان عن خروج أجهزتها السرية إلى العلن بعد أن تآكلت شعبيتها.

وقال القيادي في التيار الشعبي محسن النابتي في تدوينة على صفحته بموقع فيسبوك إن “الهاروني أعلن بتصريحاته هذه عن ‘حرب أهليّة'”.

وأضاف “لما يقول عبدالكريم الهاروني رئيس مجلس شورى النهضة أن ما سماه شباب النهضة سيعاضد القوات الأمنية في التصدي للمحتجين، وهو أسلوب ميليشياوي اعتمده عمر البشير (الرئيس السوداني المعزول)، إن قبلت الأجهزة الأمنية أن تعمل جنبا إلى جنب مع ميليشيات حزبية، فهذا يعني أننا دخلنا رسميا إلى دولة الميليشيات والحرب الأهلية، ولذلك يتوجب رد من رئيس الحكومة على هذا التصريح، وكذلك على الجميع الانتباه في الساعات القادمة فقد تشرع قوات الهاروني في التصدي للمحتجين”.

ودعا فيصل التبيني النائب بالبرلمان النيابة العمومية بفتح تحقيق فوري ضد رئيس مجلس شورى النهضة عبر تدوينة على موقع فيسبوك قائلا “ليت للنهضة رجال يتحركون في واضحة النهار…”.

وأضاف التبيني “ياعبد الكريم الهاروني الشيء الوحيد الثابت من كلامك الخطير الذي فيه إقرار صريح بامتلاككم لأمن مواز مخالف لقانون دولتنا، وهذا يتطلب المساءلة والمؤاخذة القانونية، تستعملونه ضد خصومكم السياسيين مثلما قال الشهيد شكري بلعيد إنكم تلجأون إلى العنف كلما ضاقت بكم السبل مثلما فعلتم يوم 09 الغريب 2012 وغيره، وفي المقابل أنتم جماعة النهضة حزب النفاق والتعويضات على التجارة بالدين والنضال لا تستطيعون ولا يمكنكم العمل في العلن لأنكم تنظيم لا يعمل إلا في السر والظلام”.

وعلقت سعيدة قراش المستشارة السابقة للرئيس الراحل الباجي قائد السبسي على دعوة الهاروني قائلة “التونسيون تحميهم دولتهم وليس ميليشيات الأحزاب وروابطها”.

وأضافت “التونسيون يحمون بلادهم بانضباطهم وسلميتهم في الاحتجاج وصيانة الممتلكات العامة والخاصة وبعدم الاعتداء عليها”، موضحة أن “ردع المعتدين على الأشخاص والممتلكات العامة والخاصة يتكفل به رجال الأمن والقضاء وليس منخرطي أحزاب في الحكم”.

وتابعت “لم ننس اعتداءات الميليشيات والروابط التي ‘عاضدت الأمن’ زمن حكم الترويكا الرشيد”.

وانتقد عبدالرحمن الجبنوني المحامي والمعارض السياسي تصريح الهاروني قائلا “عارضنا الدكتاتورية بشرف وأخلاق.. صحيح يا هذا فماء الفرق كان بغاية تنظيف الأبدان من لحمها.. والتفجيرات كان هدفها إبادة الصراصير في نزل سوسة.. وصاروخ ستينغر لم يكن موجها لإسقاط طائرة رئاسية بل لتدمير نيزك كان سيسقط على تونس.. ومحاولة المطماطي نسف المجمع الكيميائي بقابس كان هدفه الحفاظ على نظافة البيئة..”.

وتابع “سي عبدالكريم شرفكم كان قاتلا ولا يزال، وأخلاقكم رأيناها في بطونكم وجيوبكم المنتفخة من دم التونسيين ومالهم”.

وكتب عادل اللطيفي المؤرخ والمحلل السياسي على حسابه بموقع فيسبوك قائلا “تصريح عبدالكريم الهاروني بأن قواعد النهضة سوف تخرج لتساعد الأمن ضد الاحتجاجات يعكس الطبيعة الفاشية والإرهابية لهذه الحركة. مثل هذه الدعوات تعطي في وضعيات أخرى حروبا أهلية وهو ما يهددوننا به دائما.. هذا دون الحديث عن جهلهم بمعنى الدولة والمؤسسات والقانون… المفروض أن يوضح رئيس الحكومة الأمر ويرفض ذلك وهو وزير الداخلية… لكن لا لوم عليه فهو لا يفقه في السياسة ولا في الدولة… وهو يعتبر رئاسة الحكومة وكأنها ترقية مهنية لا أكثر”.

وعلق الناشط أنيس بن رجب عبيدي قائلا “النهضة تعرض خدماتها بإنزال ميليشياتها إلى الشارع لمعاضدة قوات الأمن في إخماد الاحتجاجات على طريقة الحرس الثوري الإيراني”.

ورغم انخفاض وتيرة الاحتجاجات مساء الأربعاء تواصلت المواجهات بين قوات الأمن والمحتجين في مدينة سبيطلة من ولاية القصرين على خلفية تعكر الحالة الصحية لأحد المتظاهرين بعد تعرضه لقذيفة من الغاز المسيل للدموع، قبل أن يتم نقله إلى المستشفى وسط أجواء من الاحتقان بين الأهالي وقوات الأمن.

'