النهضة تروج لتأسيس شرطة برلمانية لإخماد صوت المعارضة – مصدر24

النهضة تروج لتأسيس شرطة برلمانية لإخماد صوت المعارضة

تونس – يحاول رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي تهيئة الرأي العام في البلاد لاستحداث “شرطة برلمانية” مكلفة بحفظ الأمن في مجلس النواب الذي يشهد جولات من الفوضى عطلت أشغاله وكشفت عن عجز الغنوشي عن تسييره.

وخرجت قيادات وبرلمانيون من حركة النهضة الإسلامية التي يرأسها راشد الغنوشي الأربعاء للتأكيد على ضرورة استحداث جهاز لحفظ الأمن داخل مجلس النواب الذي شهد الثلاثاء مناوشات بين أعضائه.

وحمّل النائب البرلماني عن النهضة عماد الخميري رئيسة الحزب الدستوري الحر المعارض عبير موسي مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع في البرلمان التونسي، مشددا على ضرورة بعث جهاز مهمته حفظ الأمن داخل مجلس النواب.

وقال الخميري في تصريحات لإذاعة “موزاييك أف أم” المحلية والخاصة إن “النظام الداخلي للبرلمان يخول لرئيسه اتخاذ التدابير اللازمة لحفظ الأمن داخل المجلس، لمَ لا نستعين بالتجارب الديمقراطية في تسيير البرلمان من خلال إحداث جهاز لحفظ الأمن مثل الشرطة البرلمانية؟ وهذا معمول به في العديد من الديمقراطيات، نحن نفكر جديا في الذهاب إلى تركيز شرطة برلمانية“.

وتابع “كل الأحداث أثبتت أن الحر (الدستوري الحر بقيادة موسي) يتحمل مسؤولية ما يحدث، عبير موسي خاصمت الأسبوع الماضي نادل البرلمان وخاصمت الصحافيين وخاصمت الموظفين الإداريين”.

ويأتي هذا التطور في مواقف قيادات النهضة في وقت بات فيه البرلمان عاجزا عن أداء مهامه، ما جعل الغنوشي في مرمى اتهام خصومه الذين رأوا في إجراءاته الأخيرة تأسيسا لدكتاتورية جديدة في البلاد.

وكان الغنوشي قد اتخذ قرارا بمنع عبير موسي من حضور اجتماع مكتب البرلمان الأسبوع الماضي قبل أن يصدر مكتب المجلس قرارا آخر بمنعها من أخذ الكلمة خلال ثلاث جلسات متتالية، وهو قرار لاقى انتقادات من قبل العديد من البرلمانيين.

حاتم المليكي: إحداث شرطة برلمانية هو خطوة تمهد لدكتاتورية جديدة

ورأت أوساط سياسية تونسية في محاولات تمرير هذا الخيار الذي يبدو أن الغنوشي لجأ إليه بعد عجزه عن تسيير مجلس النواب محاولة لإخماد صوت المعارضة وإرساء دكتاتورية جديدة.

وشدد النائب البرلماني حاتم المليكي على أن الغنوشي هو الذي يتحمّل مسؤولية الوضع الراهن قائلا “هناك توتر وصراع داخل مجلس النواب له أسباب أعمق بكثير مما يتحدث عنه البعض، الشرطة البرلمانية هي خطوة لتجزئة الحل؛ الشرطة البرلمانية من المفروض أن تكون جهة شرعية لإنفاذ القانون وبالتالي ضروري أن تكون محايدة، لكن إذا كان الشخص الذي سيوجه هذه القوة غير محايد تصبح المسألة مثيرة لقلق كبير”.

وتابع المليكي في تصريح لـ”العرب” أن “هذه الخطوة تمهد لدكتاتورية، لأن الدكتاتورية هي ماذا في نهاية المطاف؟ هي استعمال للقوة الشرعية من طرف جهة غير محايدة؛ المخالفات التي قام بها رئيس البرلمان ومكتب المجلس من خلال التحالف الموجود موثقة، إذا واصلنا إعطاءها قوة شرعية ستتم تقوية هذا التوجه الذي سيصبح بمثابة دكتاتورية في البرلمان، وستصبح الشرطة البرلمانية ميليشيا رئيس المجلس راشد الغنوشي”.

وشهد البرلمان التونسي الثلاثاء مناوشات بين أعضائه تحولت إلى اعتداءات على رئيسة كتلة الحزب الدستوري عبير موسي والنائب اليساري المستقل منجي الرحوي قبل أن يثبت مكتب المجلس عقوبة على موسي يتم بموجبها منعها من أخذ الكلمة خلال ثلاث جلسات عامة متتالية.

وقال المحلل السياسي محمد صالح العبيدي إن “البرلمان أصبح تقريبا بؤرة توتر بسبب راشد الغنوشي، وأي إجراء يقوم باتخاذه الآن هو لتحصين موقعه وبالتالي المزيد من السيطرة على المشهد عبر إسكات مناوئيه”.

وأضاف العبيدي لـ”العرب” أن “الحل للوضع الحالي واضح وهو إما إقناع راشد الغنوشي بضرورة الاستقالة، وهو ما سيصب في مصلحته أصلا لأن خصومه وقتها لن يجدوا أسبابا للاحتجاج وتعطيل البرلمان، أو إسقاطه والتوافق حول شخصية جديدة تقود البرلمان وتكون مؤهلة لذلك من خلال اتخاذ مسافة بين كل الكتل البرلمانية”.

وسرعت التطورات التي شهدها المجلس بعودة لائحة سحب الثقة من الغنوشي إلى الواجهة رغم المخاوف التي يبديها البعض من تحولها إلى مجرد ورقة لمقايضة الغنوشي حول بقائه في رئاسة البرلمان مقابل امتيازات أخرى.

وقال النائب البرلماني مبروك كرشيد لـ”العرب” إن “الإمضاءات على هذه اللائحة وصلت إلى 105 إمضاءات”، مرجحا أن يتم إيداعها في مكتب البرلمان تمهيدا لطرحها على الجلسة العامة في الساعات المقبلة.

وهذه ليست أول مرة يواجه فيها الغنوشي خطر الإطاحة به، حيث لم تستطع العديد من الكتل في 30 يوليو الماضي إسقاطه بعد أن صوت 97 نائبا فقط لصالح لائحة سحب الثقة منه، ما ثبته في رئاسة البرلمان.

واعتبر حاتم المليكي أن المشكلة تكمن في شخصية راشد الغنوشي قائلا “يجب أن يعود منصب رئيس البرلمان إلى وضعه الطبيعي، وفي الواقع الغنوشي أثبت فشله من خلال إصدار بيانات دون أن يعلم أحدا؛ التعبير عن مواقف باسم البرلمان وهي مواقفه الشخصية، القيام باتصالات داخلية وخارجية باسم البرلمان… يجب فهم شخصية على رأس البرلمان تدرك دورها الحقيقي”.

'