النوايا الطيبة لا تكفي لتحريك المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين – مصدر24

النوايا الطيبة لا تكفي لتحريك المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين

القاهرة – بدأت دوائر إقليمية ودولية تتجه نحو إحياء عملية التسوية السياسية المتعثرة بين إسرائيل والفلسطينيين، دون تقديم آلية محددة تدفع الطرفين للجلوس على طاولة المفاوضات، وحصر المسألة في نوايا طيبة قبل توفير خطط وتبني تحركات منتجة.

ويلتقي وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في القاهرة الاثنين، وزراء خارجية كل من مصر والأردن وفرنسا، ضمن جولة في منطقة الشرق الأوسط، يُجري خلالها مباحثات بشأن إحياء عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.

وأجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري الأربعاء، اتصالا هاتفيا مع وزير خارجية إسرائيل غابي أشكنازي، في إطار التحضير لهذا الاجتماع الرباعي، الذي تأمل القاهرة خروجه بموقف يشجّع على التفاوض.

كما أجرى شكري اتصالا مع وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، في الإطار نفسه، حيث تسعى القاهرة إلى إحياء مسار التفاوض، والاستفادة من وصول الرئيس الأميركي جو بايدن للبيت الأبيض، ورغبته في إعادة الزخم لحل الدولتين.

وتأسست مجموعة الدول الأربع، مصر والأردن وألمانيا وفرنسا، على هامش مؤتمر ميونخ للأمن في فبراير الماضي، وعقدت اجتماعين افتراضيين، وتسعى حاليا للبناء على تطبيع إسرائيل علاقاتها مع بعض الدول العربية.

وقال كريستوفر بورجر المتحدث بالنيابة باسم الخارجية الألمانية الجمعة، إن التطورات أظهرت أن “هناك احتمالا لتحريك موضوع أسيء فهمه في إطار عملية السلام في الشرق الأوسط”.

أيمن الرقب: برلين يمكنها الضغط على تل أبيب في حال كانت هناك مفاوضات
أيمن الرقب: برلين يمكنها الضغط على تل أبيب في حال كانت هناك مفاوضات

وأكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس أيمن الرقب، أن أدوار الرباعية الجديدة ستكون مكملة لأدوار الرباعية الدولية (الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة)، وليست بديلا عنها، وتستهدف تحريك ملف المفاوضات عبر انخراط أكبر للدول الأوروبية في الحل، بما لها من مواقف تؤيد الوصول إلى حل الدولتين.

وأضاف لـ”العرب”، أن برلين لديها اتصالات مكثفة مع إسرائيل، ويمكن الاعتماد عليها للضغط على حكومة بنيامين نتنياهو أو أي حكومة مستقبلية، وهي ممثلة عن الاتحاد الأوروبي حال كانت هناك مفاوضات مباشرة، وهو أمر يدعمه فلسطينيون لا يريدون أن تكون كعكة المفاوضات كلها في حوزة الولايات المتحدة.

ويشير مراقبون إلى أن الدول الأربع، تميل إلى إحياء المفاوضات خوفا من انزلاق المنطقة في مرحلة من العنف ربما تجرف معها ما تبقى من أمل في السلام، والدفع بعقد دولي لهذا الغرض، حيث يتحرك هذا الرباعي بالتنسيق مع الرباعي الدولي.

ويمهّد اجتماع القاهرة للتعامل بشكل جديد مع القضية الفلسطينية والتخلي عن رؤية الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب، والحدّ من تأثيرات ملف صفقة القرن، بعد أن حصلت الأطراف المعنية على ضوء أخضر أميركي من قبل الإدارة الجديدة بالتحرك نحو تحريك العملية السياسية.

ويأتي الزخم الحالي مدفوعا بتهيئة الأجواء لتسهيل مهمة بايدن، ومساعدته على الانخراط في رعاية محادثات من خلال الرباعي الدولي وخبرته التفاوضية الطويلة، وهي صيغة تلقى هوى لدى الإدارة الديمقراطية وتعفيها من مواجهة أي فشل محتمل بمفردها.

وتعوّل مصر على الاجتماع الذي يعقد على أرضها لوضع نواة لتحريك عملية المفاوضات بعد ست سنوات من توقفها، والاستفادة من التطور الحاصل في ملف التطبيع، وهو ما بدأت تقتنع به السلطة الفلسطينية التي عارضت هذا التوجه في البداية، ثم اضطرت إلى الصمت، وبدأت تقتنع بإمكانية توظيفه سياسيا، وليس العكس.

وكشفت بعض المصادر، أن مصر تتحرك بالتوازي على أكثر من مسار، وتعتقد أن تجميد المفاوضات والتحرك سريعا على مستوى التطبيع في غياب السلام يؤثران سلبا على القضية الفلسطينية، ولجأت إلى اللجنتين الرباعيتين لتوفير قدر من التركيز عليه.

وأضافت المصادر ذاتها لـ”العرب”، أن التحركات الإقليمية والدولية شملت محاولات حثيثة لتجسير الفجوة بين حركتي فتح وحماس، وهو ما تمثّل في توافقهما أخيرا على إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني بالتتابع، عقب جهود بذلتها مصر والأردن وروسيا وتركيا وقطر.

وتعيد التحركات المتوازية الأمل في استعادة القضية الفلسطينية لقدر من بريقها السياسي المفقود، بعدما تصدرت الاحتكاكات العسكرية بين إسرائيل وقوى المقاومة المشهد مؤخرا، وتقدمت مناوشات حركتي فتح وحماس على المصالحة بينهما.

وهذه أول مرة تتكاتف فيها جهات مختلفة للتطرق إلى استئناف المفاوضات، حيث ركزت إدارة ترامب على تسويق صفقة القرن، واهتمت إسرائيل بالاستيلاء على المزيد من الأراضي المحتلة، وجرى منح أولوية لملف التطبيع العربي، وسط صعود وهبوط في العلاقة بين فتح وحماس.

ويتحفظ مراقبون على ما بدا من تفاؤل لدى بعض الدوائر بما قد ينجم عن اجتماع وزراء خارجية مصر والأردن وألمانيا وفرنسا بالقاهرة، لأن إسرائيل لم تبد تجاوبا حقيقيا مع المفاوضات، في وقت يعاني فيه رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو من خلل جسيم في هيكله الحزبي، وبات الكنيست قريبا من انتخابات رابعة خلال عامين.

وأشار الخبير في الشؤون الفلسطينية عبدالعليم محمد، إلى أن اجتماع القاهرة يُعدّ استجابة لرغبة أوروبية ترى أهمية جلوس الطرفين على طاولة مفاوضات جديدة، وإحياء أدوار الرباعية الدولية، عبر تحركات عربية وغربية تضع في حسبانها التغيرات الجيوسياسية، التي حدثت على الأرض منذ آخر مفاوضات بين الطرفين.

وقال محمد لـ”العرب”، إن “الجهود الدولية الراهنة سوف تصطدم بواقع على الأرض يُصعّب من مهمة التوصل إلى سلام بموجب حلّ الدولتين، لأن إسرائيل استغلت توقف المفاوضات لتكثّف من عملياتها الاستيطانية في القدس والضفة الغربية، ما تسبب في أن يكون حيز كبير من الأراضي المخصصة للدولة الفلسطينية تابعا لإسرائيل”.

ولكلّ من فرنسا وألمانيا مواقف إيجابية من المستوطنات الإسرائيلية بالنسبة للفلسطينيين، وتفرضان ضرائب إضافية على المنتجات التي تأتي من المستوطنات، ما يعني إمساكهما بأدوات مادية تصلح للضغط على الحكومة الإسرائيلية.

ورغم التفاهمات الجديدة بين فتح وحماس على الانتخابات، إلاّ أن السلطة الوطنية لم تعلن موعدا محددا لإجرائها، كما أن الطريقة التي سوف تقام بها قد لا تنهي الخلاف أو تنتج وضعا سياسيا صحيا، يسهم في توحيد الرؤية الفلسطينية حيال المفاوضات.

'