الوباء يضاعف ضغوط إصلاح الاقتصاد الكويتي – مصدر24

الوباء يضاعف ضغوط إصلاح الاقتصاد الكويتي

الوباء يضاعف ضغوط إصلاح الاقتصاد الكويتي

ضاعفت أزمة فايروس كورونا وانهيار أسعار النفط، الضغوط على الحكومة الكويتية لتسريع الإصلاحات الاقتصادية وترشيد الإنفاق، بعد أن فشلت محاولاتها السابقة بسبب الرفض الشعبي والبرلماني لأي تقليص للدعم الحكومي واعتماد معظم المواطنين على الوظائف الحكومية.

الكويت – لم يعد بإمكان الحكومة الكويتية تجاهل الحاجة المتزايدة إلى كبح انفلات الإنفاق الحكومي وإجراء الإصلاحات، التي تلكأت في تنفيذها في السنوات الماضية، بعد تلاشي العوائد النفطية والضغوط التي يفرضها تفشي فايروس كورونا عالميا.

وتصاعدت مطالب الأوساط الاقتصادية بتسريع معالجة الاختلالات المالية بعد أن فاقم الوباء المؤشرات السلبية التي ترجح تسجيل عجز قياسي في الموازنة، مع انهيار عوائد صادرات النفط.

ويرى خبراء أن ترشيد الإنفاق أصبح ضرورة ملحة وأن الأزمة الحالية تمثل فرصة أخيرة لتجاوز عقبات تنفيذ الإصلاحات، التي طال تأجيلها والبدء بتنويع الموارد والتخلص من الطابع الريعي للاقتصاد لتخفيف مخاطر تقلبات أسعار النفط.

ونسبت وكالة شينخوا للخبير الاقتصادي طلال السيف قوله إن “إلغاء جميع المشاريع الرأسمالية الضخمة التي لا تحتاجها الكويت الآن، سيسمح بتخفيض ميزانية هذه السنة من 22.5 مليار دينار إلى 15 مليار دينار”.

وتأثرت الكويت مثل باقي الدول الخليجية التي تعتمد موازناتها بنسبة كبيرة على تصدير النفط، بشلل الاقتصاد العالمي وتوقف المصانع في آسيا التي تعد السوق الرئيسية للنفط الخليجي.

ميثم الشخص: التراجع في الطلب على النفط زاد الضغوط على الموازنات العامة

ويمثل النفط نحو 90 في المئة من إيرادات الموازنة، يصل الإنفاق فيها العام الحالي نحو 22.5 مليار دينار كويتي (74 مليار دولار) مع توقعات بعجز يصل إلى 30 مليار دولار.

لكن ذلك العجز مرشح الآن للتضاعف، بسبب استناد الموازنة إلى سعر 55 دولارا للبرميل وتصدير نحو 2.7 مليون برميل، بعد انهيار الأسعار وخطط خفض الإنتاج في إطار اتفاق تحالف أوبك+.

ويرى محللون أن الكويت أمام استحقاق حتمي لتسريع الإصلاحات وخفض الإنفاق، وأن الأزمة ستساعدها في تجاوز الرفض البرلماني والشعبي لخطط التقشف. وأكد المحلل الاقتصادي ميثم الشخص أن “التراجع الكبير في الطلب على النفط زاد الضغوطات على الموازنات العامة” لجميع دول الخليج.

لكنه أشار إلى أن “قلة عدد سكان الكويت… سيخفف من الضغوط مع الأخذ بعين الاعتبار تحكم وزارة الصحة حتى الآن في انتشار مرض فايروس كورونا المستجد”.

وقال المحلل الاقتصادي حجاج بوخضور إن تأثير تراجع أسعار النفط على الاقتصاد الكويتي يبدو محدودا رغم تراجع المداخيل النفطية. وأرجع ذلك إلى أن “إنفاق الكويت استهلاكي وليس تنمويا”.

وأشار إلى أن “الإنفاق التنموي بالإمكان تأجيله ولن تكون هناك آثار كبيرة مثل الولايات المتحدة أو فرنسا واليابان”.

وأضاف أن معالجة الوضع في الكويت ليست أمرا صعبا “حيث يكفي أن تخفض الحكومة مصاريفها وتوقف بعض المشاريع”. وذكر بوخضور أن الكويت وعلى غير العادة سوف تشهد هذا الصيف توفير حوالي 10 مليارات دولار كان المواطنون ينفقونها في السياحة. وفي وقت سابق، توقع محافظ بنك الكويت المركزي محمد الهاشل تعافي اقتصاد بلاده في فترة تتراوح ما بين عام وثلاثة أعوام. كما رجّح تراجع إيرادات عدة قطاعات اقتصادية غير نفطية بنسبة تتراوح من 15 إلى 30 في المئة، إن استمر الإغلاق بسبب فايروس كورونا من 8 إلى 12 أسبوعا.

وتوقع الخبير الاقتصادي طلال السيف تعافي الاقتصاد الكويتي بعد الربع الأول من عام 2021.

وقال إن أمام الحكومة الكويتية حلا واحدا هو إقرار مجلس الأمة لقانون الدين العام والاقتراض للاستفادة من أسعار الفائدة المتدنية في السوق العالمية، على أمل أن تتحسن الأسعار العام المقبل.

الوباء فاقم الأزمة المالية
الوباء فاقم الأزمة المالية

وينظر الخبير الاقتصادي ميثم الشخص بتفاؤل لعودة بعض الأعمال في الكويت بشكل تدريجي خلال شهر مايو. ويقول إن “الكل ينتظر عودة العمل. لدينا في الكويت إحساس بأننا من الدول التي ستعود فيها الأعمال قريبا لكننا نصدر النفط للخارج، لذلك فإن تحسن الاقتصاد مرتبط بعودة الأعمال في الخارج وتحسن أسعار النفط”.

ويرى خبراء أن الكويت تأخرت في وضع القوانين الكفيلة بتسريع ونجاعة الإصلاح إضافة إلى ضرورة تعديل وتطوير القوانين القديمة بما يتلاءم مع الوضع العالمي الاقتصادي. وتهيمن على الاقتصاد الكويتي القوانين التقليدية، حيث تسيطر الدولة على جميع القطاعات المنتجة، وتجد صعوبة في تقليص الإنفاق بسبب الرفض السياسي والشعبي لأي تقليص للإعانات والدعم الحكومي، في وقت لا يزال فيه دور القطاع الخاص محدودا في تخفيف الأعباء عن الدولة.

واعتبر اقتصاديون أن تلك الأوضاع طاردة لرأس المال المحلي والأجنبي، مما يعرقل تنويع الموارد المالية وزيادة مساهمة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي، حيث ينحصر دوره في مساحة ضيقة من المجالات الصناعية البسيطة.

ولم تتخلّص الكويت حتى في رؤيتها 2035 التي أعلنتها منذ سنوات من اعتمادها على عوائد النفط في تمويل الوظائف الحكومية، حيث يعمل أكثر من 75 في المئة من المواطنين الكويتيين في القطاع العام، إضافة إلى الإعانات الحكومية الباذخة لقائمة طويلة من الخدمات والسلع.

ويرى خبراء أنه لم تظهر حتى الآن أي آثار تذكر لبرنامج الإصلاحات الكويتي، الذي طرح لأول مرة في عام 2010، والذي يسعى إلى تنويع الاقتصاد، وتقليل الاعتماد على عوائد الريع النفطي، وتقليص الإنفاق الحكومي ودور القطاع العام في توظيف المواطنين.

'