انسحاب منتخبات الكرة من المونديال حسرة للجماهير وخسارة للتجار – مصدر24

انسحاب منتخبات الكرة من المونديال حسرة للجماهير وخسارة للتجار

إذا كان عشاق كرة القدم يحبون اللعبة لأنها تشعرهم بمتعة الانتصار والإحساس بروح الوطنية وحتى ارتفاع منسوب الأدرينالين لديهم، فإن صغار التجار يعشقونها لأن جماهيرها تدرّ عليهم رزقا وفيرا، فالباعة المتجولون يكسبون المرابيح حين تقام المباريات في مدنهم، وتجار الألبسة والملصقات الرياضية وحتى أصحاب المقاهي يكسبون رزقهم أيضا حين تهل عليهم جماهير الكرة.

بوغوتا/لاغوس – كان بائع الطعام الكولومبي ويليام أبيلا يعتمد على كأس العالم 2022 كفرصة لتعويض خسائره من عمليات الإغلاق الطويلة التي سببها فايروس كورونا.

 

فعندما يلعب منتخب بلاده يتحول متجره الصغير في الزاوية ومطعم الوجبات الخفيفة في وسط بوغوتا عادة إلى بحر أصفر حيث يتجمع مشجعو كرة القدم الذين يرتدون قميص الفريق الرسمي، مما يرفع مبيعات الجعة بنسبة تصل إلى 80 في المئة.

ولكن آماله تبددت في تحقيق أرباح وفيرة من المشجعين. وهو يعاني مثل العديد من التجار الصغار في الدول التي فشلت فرقها في التأهل بشكل غير متوقع.

 

وقال أبيلا البالغ من العمر 65 عاما “أتوقع أن تنخفض مبيعات الجعة بمقدار النصف تقريبا مع خروج كولومبيا من مسابقة كأس العالم”.

الباعة المتجولون وأصحاب المتاجر والمقاهي في الجزائر ومصر ونيجيريا يخشون حدوث انخفاض في مداخيلهم

ويدرّ كأس العالم، الذي تستضيفه قطر هذا العام، وهو نشاط تجاري كبير، المليارات من الدولارات من الإنفاق الاستهلاكي في السياحة والطعام والشراب والبضائع وغير ذلك.

 

ولكن مع استعداد الشركات في جميع أنحاء العالم للاستفادة من الأموال، تحسب الدول النامية المعروفة ببراعتها في كرة القدم خسائرها بعد أن فشلت فرقها في التأهل.

ويخشى العمال من الباعة المتجولين في كولومبيا وأصحاب المتاجر في الجزائر وأصحاب قاعات مشاهدة كرة القدم في نيجيريا الذين يعتمدون على مباريات كرة القدم حدوث انخفاض كبير في الدخل.

 

وفي شمال بوغوتا باع البائع المتجول روبرتو تايز ملصقات لألبوم كرة القدم خلال كأس العالم الأخير الذي استضافته روسيا في 2018. وقال “سيكون هناك اهتمام أقل بجمع الملصقات لأن الفريق الكولومبي لن يكون في الألبوم”، مضيفا أنه حصل على 130 دولارا في اليوم من مبيعات الملصقات. وتابع “كنت أتمنى نهاية جيدة لهذا العام. كنت بحاجة إلى هذا حقا بعد أزمة الوباء”.

وقدّرت جمعية التجار أن خروج الفريق في مباراة تأهيلية في مارس سيؤدي إلى خسائر اقتصادية بنحو 810 ملايين دولار، ويرجع ذلك أساسا إلى التأثيرات على الباعة والحانات والمقاهي ووكالات الأسفار.

 

وقال رئيس الجمعية جايمي ألبرتو كابال إن “لخروج كولومبيا من كأس العالم عواقب وخيمة على التجارة والسياحة في البلاد”.

ففي كأس العالم 2018 عندما وصلت كولومبيا إلى دور الستة عشر، أبلغ أعضاء الجمعية عن زيادة بنسبة 40 في المئة تقريبا في مبيعات الجعة، و20 في المئة في المشروبات الروحية، و19 في المئة في شاشات التلفزيون، و12 في المئة في المشروبات الغازية.

 

مورد رزق

 

ويدير ديفيد أنومويه كشكا للملابس الرياضية في العاصمة التجارية لاغوس في نيجيريا، وهي دولة أخرى مهووسة بكرة القدم وموطن لأكبر عدد من السكان في أفريقيا.

وأخفقت نيجيريا في التأهل إلى كأس العالم أيضا، تاركة الملايين من المشجعين المحبطين.

ولم تؤد الهزيمة المفاجئة لفريق سوبر إيغلز أمام منافسه اللدود غانا إلى أعمال شغب من قبل المشجعين الغاضبين الذين اقتحموا أرض الملعب فحسب، بل تركت بعض التجار في حالة سيئة للغاية. حيث كان أصحاب الأعمال في لاغوس يتوقعون تحقيق أرباح جيدة، واستثمر البعض بالفعل على افتراض أن المنتخب الوطني سيتأهل.

 

وقال أنومويه “طلب والدي بالفعل 50 قميصا نيجيريا على أمل البدء في بيعها إذا تأهلت نيجيريا. أصبحت القمصان النيجيرية غير مجدية في السوق الآن”، مضيفا أن الطلب تكلف 250 ألف نيرة (602 دولار).

 

كما اشتكى مالكو قاعات مشاهدة كرة القدم الشهيرة في نيجيريا من خسائر الإيرادات. وقال جيد جوزيف صاحب صالة تتسع لـ80 شخصا في إحدى ضواحي لاغوس “إنه أمر مؤلم لأن النيجيريين يحبون مشاهدة مباريات منتخبهم”. ويتوقع جوزيف الذي يدير القاعة منذ 20 سنة ربح 10 آلاف نيرة في كل مباراة، مقارنة بـ700 نيرة في المباريات العادية.

وقال “لم تتأهل نيجيريا، ولن يخرج الناس لمشاهدة المنتخبات الوطنية الأخرى. لن أتمكن من جني أي أموال من أي مباراة”.

وقال ريمي أوغو صاحب مقهى بلو سبوت الذي يضم حانة ومطعما في ضاحية شومولو في لاغوس إن فشل نيجيريا في التأهل سيضر بالعديد من الأعمال.

 

وأضاف “يأتي حوالي 80 في المئة من زبائني إلى هنا ليشربوا فقط لمشاهدة المباريات. وأنا متأكد الآن من أن الناس لن يحضروا كثيرا لمباريات كأس العالم”.

ويتجمع عشاق كرة القدم في المقاهي لمشاهدة المباريات في مصر، موطن اللاعب في الدوري الإنجليزي الممتاز والبطل الوطني محمد صلاح.

وقال مصطفى محرس البالغ من العمر 36 عاما، وهو صاحب مقهى في أحد أحياء شرق القاهرة، إن مبيعاته اليومية تتضاعف عندما يلعب المنتخب الوطني. وصرّح “أستقبل 40 زبونا في ساعتين فقط بدلا من 20 طوال اليوم”.

 

وفي جزء آخر من العاصمة، في حي الجمالية التاريخي بالقاهرة، كان صاحب محل الملابس وليد الكردي البالغ من العمر 30 سنة يأمل في تحقيق أرباح كبيرة تغذيها البطولة في قطر. فخلال مباراة مصر مع السنغال في مارس الماضي ارتفعت المبيعات في متجر الكردي بنسبة 25 في المئة حيث انتشر المشجعون الذين يرتدون قمصان صلاح وأوشحة المنتخب الوطني ويحملون علمه. وقال “بلغت مبيعاتي نحو ألفي جنيه مصري (109 دولارات) خلال أسبوع المباراة”.

 

وفي العاصمة الجزائرية يواجه محمد بشوش البالغ من العمر 59 عاما مشكلة مماثلة في متجره الصغير بعد تخزين الأعلام والقمصان والأكواب الجزائرية بأسماء لاعبي كرة القدم في المنتخب الوطني. وقال “عندما خسرت الجزائر، انهمرت الدموع من عيني لأنني كنت أعرف أنني خسرت الكثير. هذا يعني أنني سأحتفظ بما كنت سأبيعه حتى كأس العالم القادم”.

'