بريطانيا تلتحق بركب الداعمين للمسار الانتقالي في السودان – مصدر24

بريطانيا تلتحق بركب الداعمين للمسار الانتقالي في السودان

الخرطوم – تعكس زيارة وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب إلى السودان رغبة لندن في الانتقال بالعلاقات مع الخرطوم نحو مستوى جديد، وعدم البقاء في موقف المتفرج في وقت تقوم دول غربية عدة وفي مقدمتها الولايات المتحدة بخطوات متقدمة في دعم المسار الانتقالي في هذا البلد.

وخلال زيارته الخميس أعلن راب أن بلاده ستقدم مساعدة قدرها 55 مليون دولار للسودان. وقالت السفارة البريطانية في الخرطوم في بيان وزع على وسائل الإعلام، إن راب “أكد أنه سيتم تقديم أربعين مليون جنيه إسترليني لبرنامج دعم الأسرة في السودان لتزويد 1.6 مليون شخص بدعم مالي مباشر”.

ووصل راب إلى الخرطوم الأربعاء في أول زيارة لوزير خارجية بريطاني منذ عقود إلى هذا البلد الواقع في شرق القارة الأفريقية. وأشارت السفارة إلى أن الزيارة جاءت “لإبراز الدعم للحكومة الانتقالية” التي تولت السلطة عقب الإطاحة بعمر البشير في أبريل 2019 على إثر احتجاجات شعبية ضد حكمه”.

محمد أحمد شقيلة: لندن تسعى للحفاظ على مصالحها الممتدة في السودان
محمد أحمد شقيلة: لندن تسعى للحفاظ على مصالحها الممتدة في السودان

والتقى الدبلوماسي البريطاني بعبدالله حمدوك رئيس الوزراء والفريق عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي ومسؤولين آخرين. ولدى لقائه بحمدوك أكد راب أن “المملكة المتحدة مستعدة لدعم تخفيف ديون السودان بمجرد تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية”.

ومطلع هذا الشهر وقع السودان مع الولايات المتحدة مذكرة تفاهم لسداد متأخرات البنك الدولي عليه. وقالت الحكومة في بيان حينذاك، إن “هذه الخطوة ستمكن السودان من استعادة الوصول إلى أكثر من مليار دولار من التمويل السنوي من البنك الدولي لأول مرة منذ 27 عاما”.

ويشهد السودان فترة انتقالية بعد ثلاثة عقود من حكم البشير عانى فيها من ضائقة اقتصادية ونزاعات داخلية وعقوبات دولية. وتحاول الحكومة الحالية تحسين علاقات البلاد مع المجتمع الدولي.

ومن غير المستبعد أن تطرح الحكومة على لندن أن تلعب دورا في ملف سد النهضة الإثيوبي وأيضا بخصوص أزمة الحدود مع أديس أبابا لاسيما وأن الملف الأخير هو إحدى التركات التي خلفها الاحتلال البريطاني لهذه المنطقة، كما ترتبط بريطانيا بعلاقات قوية مع إثيوبيا.

وكانت العلاقات الإثيوبية – السودانية شهدت في الفترة الأخيرة توترات بسبب النزاع الحدودي. وتتهم الخرطوم أديس أبابا بالمماطلة في ملف ترسيم الحدود، ويثير هذا النزاع مخاوف من تفجر الوضع في المنطقة.

وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة بحري، محمد أحمد شقيلة، إن دخول بريطانيا كطرف وسيط بين السودان وإثيوبيا مسألة تبدو غير واضحة، ومن المرجح أن تتناول الزيارة بشكل أكبر الدور البريطاني في السودان عقب شطب اسمه من لائحة الدول الراعية للإرهاب ورفع العقوبات الاقتصادية، ارتكانا لرغبة لندن في الحفاظ على مصالحها الممتدة في السودان، واستباق أطراف أخرى قد تتمكن من استقطابه.

وأضاف في تصريح لـ”العرب”، أن السودان يأخذ على بريطانيا اهتمامها الضعيف بقضاياه المتشعبة طيلة فترة حكم البشير وحتى هذه اللحظة، في ظل وجود فاعلين دوليين أكثر انخراطا في أزماته، مثل ألمانيا والولايات المتحدة، وقد يكون ذلك لتقديرات لندن ذاتها أو لتبادل الأدوار بينها وبين قوى إقليمية أخرى، ما يؤثر سلبا على طبيعة دورها مستقبلا.

وجاءت زيارة راب إلى الخرطوم بعد اشتباكات عنيفة في إقليم دارفور المضطرب خلفت أكثر من 200 قتيل والعشرات من الجرحى. ووقعت أحداث العنف في ولايتي غرب دارفور وجنوب دارفور بعد أسبوعين من إنهاء البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في الإقليم “يوناميد” مهمتها.

وسبق أن أبدت بريطانيا تحفظا على إنهاء مهلة يوناميد دون أن تكون هناك ضمانات لأمن المنطقة في دارفور، واعتبرته قرارا ينطوي على شيء من التسرّع.

'