وقال الرئيس التنفيذي لمجموعة “فيون”، كان ترزيوغلو: “أكملنا اليوم بيع حصتنا في جازي إلى شريكنا الجزائري، مما يمثل خطوة مهمة في استراتيجيتنا لترشيد نفقات المجموعة”.

وتمت الصفقة في إطار “حق الشفعة”، الذي يمنح الجزائر الحصول على أسهم الشركات الأجنبية التي تتعامل في السوق الجزائرية.

وبهذا الشكل، استحوذت الدولة الجزائرية على الشركة بنسبة مئة بالمئة، بعدما كانت تمتلك نسبة 51 بالمئة منذ عام 2015، حيث تحصل الصندوق الوطني للاستثمار التابع للدولة الجزائرية، على 51 بالمئة من رأس مال الشركة بعد 3 سنوات من المفاوضات وأكثر من 4 سنوات من النشاط تبعا لشروط الاتفاقية، بينما احتفظت مجموعة “فيون” منذ ذلك الوقت، بمسؤولية تسيير الشركة.

الأمن الرقمي

ويرى الخبير الاقتصادي الجزائري، عبد الرحمن هادف، أن حرص الجزائر على الحصول على شركة ” جازي يأتي في إطار الحفاظ على السيادة والأمن الرقمي”.

وأوضح في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”: “بالإضافة إلى الأهداف الاقتصادية، فإن الجزائر تنظر إلى جازي كمشغل مهم وحساس، لهذا يمكن القول أن الصفقة تندرج تحت استراتيجية الأمن الرقمي”.

ويرى الخبير الاقتصادي أن هذه الصفة “ستلزم الحكومة بمراجعة الشق التجاري والتسييري للشركة، رغم مؤشرات النمو الإيجابية التي حققتها جازي خلال الربع الثاني من 2022”.

الصين تطلق أول قمر جزائري للاتصالات

الصين تطلق أول قمر جزائري للاتصالات

وتعتبر الجزائر، شركة جازي أحد أهم روافد الاستراتيجية الاقتصادية المستقبلية. وتأسست الشركة عام 2001، عندما فازت مجموعة “أوراسكوم تليكوم” التي يملكها رجل الأعمال المصري، نجيب ساويرس، على رخصة الهاتف المحمول الثانية في الجزائر.

وحسب مؤشر النمو، فقد أنهت الشركة الربع الثاني من عام 2022 بتداولات 22.7 مليار دينار، أي بزيادة 4.2 بالمئة مقارنة بنفس الفترة من عام 2021.

وأغلقت النصف الأول من عام 2022 بدخل تجاوز 45.5 مليار دينار، بنمو يصل إلى نحو 6 بالمئة مقارنة بعام 2021.

محطات أمام المحاكم

وقبل انسحاب “فيون” تلقت الجزائر عدة طلبات من متعاملين أجانب، لكنها قررت المضي قدما باتجاه “حق الشفعة” القانوني، الذي أعطاها الحق الكامل في الحصول على جميع أسهم الشركة.

وبهذا الشكل، أصبحت الحكومة الجزائرية تمتلك شركتين لمتعاملي الهواتف المحمولة، مما يطرح إشكالية المنافسة بين الشركتين الوطنيتين، وكيفية تسيرهما والاستفادة منهما مستقبلا.

ويتواجد في الجزائر 3 شركات للاتصالات، هي “جازي” و”موبليس” التابعة للدولة، و”أوريدو” التابعة لمجموعة الشركة الوطنية للاتصالات الكويتية.

وتعتبر “جازي” ثاني شركة في الجزائر من حيث عدد المشتركين، إذ تغطي 95 بالمئة من كامل التراب الجزائري.

وقد خاضت الحكومة الجزائرية مفاوضات شاقة ونزعات قانونية من أجل الحصول على “جازي”. ووصل النزاع إلى أروقة المحاكم الدولية والمركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار التابع للبنك الدولي.

وعام 2017، خسر ساويرس، إجراء التحكيم الذي رفعه ضد الدولة الجزائرية، عندما طالب من خلاله بمبلغ 5 مليارات دولار كتعويض عن الضرر.

وتمت متابعة “جازي” أمام المحكمة الجزائرية، في قضية التهرب الضريبي والتحويل غير القانوني للأموال.

وفرضت مصالح الضرائب الجزائرية على “جازي” ضريبة بمبلغ قدره 950 مليون دولار، يمثل “التصحيحات الضريبية” بين 2004 و2009، فضلا عن مطالبتها بدفع 1,3 مليار دولار لعدم احترام القانون الجزائري المتعلق بالعملات الأجنبية.

ويرى الخبير الاقتصادي هادف، أن الجزائر قد تتجه “نحو فتح رأس مال شركة جازي أمام مستثمرين جزائريين مستقبلا، لدعم استراتيجية رقمنه الاقتصاد الوطني الجزائري”.

وتطرح هذه الصفقة العديد من الأسئلة حول مستقبل شركة “جازي” والكيفية التي ستتعامل فيها الدولة مع الوضعية الجديدة، التي أصبحت فيها الحكومة تسيطر على متعاملين في خدمة الاتصالات.

وفي هذا الصدد، قال الخبير في مجال الاتصال وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، يونس غرار، أن الحل قد يكمن في “دمج الشركتين جازي وموبليس، لخلق شركة أقوى من الناحية التقنية والمالية”.

لكنه أشار إلى أن هذا الحل “سيواجه مشكلة قانونية أخرى تتعلق باحتكار السوق من طرف شركة واحدة”.

وقال يونس لموقع “سكاي نيوز عربية”: “دمج الشركتين أمر ممكن من الناحية التقنية، لكن القانون يمنع احتكار شركة واحدة لأكثر من 60 بالمئة من سوق الاتصالات”.

ويجمع الخبراء على أن الجزائر بحاجة إلى “شركة قوية لدعم الأهداف الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية الكبرى، في ظل التوجه البارز نحو رقمنه العديد من القطاعات، بعد سنوات من التأخر الرقمي الذي ظلت تعاني منه الجزائر”.