والمحكمة الاتحادية العليا تعتبر أعلى سلطة قضائية في العراق وهي المنوط بها جملة مهام وصلاحيات اتحادية حصرية.

وتركزت التحفظات والخلافات طيلة الأيام الماضية، حول محاولة بعض الكتل الدينية الشيعية خاصة، إضافة فقهاء إسلاميين لأعضاء المحكمة الاتحادية العليا، ضمن مسودة مشروع قانون جديد للمحكمة، الأمر الذي اعتبرته الأطراف الرافضة متعارضا مع روح الدستور، ويفقد المحكمة العليا استقلاليتها، ووقوفها على مسافة واحدة، من مختلف الجهات والمكونات.

وذهبت تلك الأطراف إلى حد اعتبار الأمر أشبه بنسخ لنظام ولاية الفقيه الإيراني في العراق، عبر فرض فقهاء إسلاميين في محكمة اتحادية، يفترض فيها الحياد والمهنية، وعدم الخضوع للتجاذبات والاصطفافات الطائفية، والمذهبية والدينية.

كون العراق بلد متعدد الديانات والمذاهب والقوميات، ولا يمكن تاليا فرض طغيان لون ديني أو مذهبي أو قومي معين على المحكمة الاتحادية، وهي الحكم في تفسير القوانين والدستور، وفض المنازعات والفصل فيها حال وقوعها مثلا بين الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم، كما أنها الجهة المخولة المصادقة، على نتائج الانتخابات العامة، ما يعني ضرورة سموها، عن الخلافات والاعتبارات الفئوية.

وفي هذا الصدد، يقول حسين نرمو عضو مجلس النواب (البرلمان) العراقي، والذي صوتت كتلته على التعديل، في حوار مع موقع “سكاي نيوز عربية”: “المحكمة الاتحادية الحالية، تم تشكيلها في العام 2005، بموجب القانون – الأمر رقم 30، وتشكلت آنذاك من مجموعة من القضاة، راعت التنوع العراقي، بوجود قاض مسيحي وقاضيين كرديين، والبقية من القضاة العرب، الشيعة والسنة”.

 ويتابع “لكن بسبب وفاة أحد القضاة مؤخرا، واحالة قاضيين للتقاعد، كان لا بد من اعادة النظر في تشكيلتها، إما بمشروع قانون منفصل، أو بتعديل الأمر 30 خاصة وأن الموضوع لا يحتمل التأجيل، فالانتخابات على الأبواب، والمحكمة هي التي تصادق على نتائجها، قبل اعتمادها”.

ويضيف: “كان هناك مشروع جاهز من الحكومة وكان العديد من الكتل، مع تشريع قانون خاص بالمحكمة، لكن كان هناك تخوفات وتحفظات مشروعة من التيارات الداعية، للدولة المدنية، وفصل الدين عن الدولة”.

ويقول: “خلال الأيام الأخيرة حثت رئاسة البرلمان، على تأمين نصاب ثلثي أعضاء البرلمان للتصويت على المشروع، وبعد فشل محاولات التوصل لتفاهم وتوافق بين مختلف الكتل حول موضوع اضافة الفقهاء الإسلاميين للمحكمة، اختل النصاب طيلة ثلاثة أيام، ولم يمرر المشروع، ونتيجة ذلك تم اللجوء لخيار تعديل القانون – الأمر رقم 30 القديم، وفعلا تم التصويت على التعديل، واقراره مع اضافة مادة مهمة جدا، قدمت من المكونات الصغيرة، حول ضمان توازن تمثيل كافة المكونات العراقية، في المحكمة الاتحادية العليا”.

ويرى المراقبون أن هذا التعديل، يعد مكسبا كبيرا للديمقراطية والتعددية، والدولة المدنية في العراق، وضمان حيادية المحكمة العليا ونزاهتها، ويعد فشلا ذريعا، لمحاولات نقل نموذج نظام ولاية الفقيه للعراق، وفرضه على أعلى سلطة قضائية تحكيمية، في البلاد.