تأجيل انعقاد مجلس الأمة يخلق أزمة دستورية في الكويت – مصدر24

تأجيل انعقاد مجلس الأمة يخلق أزمة دستورية في الكويت

أدى مرسوم تأجيل انعقاد مجلس الأمة إلى أزمة دستورية في الكويت، في ظل تشبث الحكومة بالمرسوم، في مقابل اعتراض واسع من الكتل النيابية التي وصف بعضها المرسوم بأنه “هو والعدم سواء”، لكن مراقبين يرون أن هذه الأزمة لن تؤثر على ما يبدو على المشاورات الجارية بين الحكومة والمعارضة حول التشكيل الحكومي، والتي تجري حتى الآن بسلاسة.

الكويت – يقوم رئيس مجلس الوزراء الكويتي الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح بمشاورات مكثفة مع الكتل النيابية للتوصل إلى تسوية بشأن التشكيل الحكومي، مع بروز معضلة جديدة في علاقة بتأجيل موعد انعقاد مجلس الأمة.

وأعلنت الحكومة في وقت سابق عن مرسوم يقضي بتأجيل موعد انعقاد مجلس الأمة، إلى الثامن عشر من أكتوبر الجاري استنادا إلى المادة 106 من الدستور الكويتي.

وتنص المادة 106 على أنه “للأمير أن يؤجل، بمرسوم، اجتماع مجلس الأمة لمدة لا تتجاوز شهرا، ولا يتكرر التأجيل في دور الانعقاد الواحد إلا بموافقة المجلس ولمدة واحدة، ولا تحسب مدة التأجيل ضمن فترة الانعقاد”.

جنان بوشهري: مرسوم تأجيل انعقاد مجلس الأمة غير دستوري

وترفض الكتل النيابية هذا التأجيل وتعتبره تجاوزا جديدا بحق الدستور، معتبرة أن المادة التي تم الاعتماد عليها لا تنطبق على واقع الحال، وأن الأصح هو الامتثال للمادة سبع وثمانين التي تنص على أنه “استثناء من أحكام المادتين السابقتين يدعو الأمير مجلس الأمة لأول اجتماع يلي الانتخابات العامة للمجلس في خلال أسبوعين من انتهاء تلك الانتخابات، فإن لم يصدر مرسوم الدعوة خلال تلك المدة اعتبر المجلس مدعواً للاجتماع في صباح اليوم التالي للأسبوعين المذكورين مع مراعاة حكم المادة السابقة”.

وطالبت مجموعة من الكتل خلال لقائها برئيس الوزراء بضرورة العدول عن مرسوم التأجيل، وذكرت مجموعة النواب السبع في بيان لها عقب اجتماعها بالشيخ أحمد النواف أن “رئيس مجلس الوزراء أكد الالتزام بالدستور ونصوصه مع احترام التباين بيـن ما تراه الحكومة مـن دستورية الدعوة إلى جلسة الافتتاح ومـا يراه النواب الحاضرون مـن وجـود شبهة دستورية حولها”.

وأعلن نواب الحركة الدستورية الإسلامية (حدس) أنهم نقلوا بدورهم لرئيس مجلس الوزراء “الحرص على ضرورة الالتزام بمواد ونصوص دستور دولة الكويت في الممارسات الحكومية والبرلمانية كلها، خاصة ما يتعلق منها بوجوب انعقاد مجلس الأمة في المدة الدستورية المقررة”.

وأكدت كتلة النواب الخمسة في وقت سابق أن مرسوم تأجيل انعقاد مجلس الأمة موصوم بعدم المشروعية “وهو والعدم سواء”، داعية رئيس مجلس الوزراء إلى سرعة تشكيل الحكومة وألا تخرج الدعوة لانعقاد المجلس عن مدة أسبوعين التي نصت عليها المادة الـ87 من الدستور.

وقالت النائبة جنان بوشهري إنها “علمت بأن مرسوم تأجيل انعقاد المجلس غير الدستوري صدر بصورة فردية ولم يعرض على مجلس الوزراء”، مشيرة إلى أن “هذا الأمر سابقة خطيرة إن لم تصدر الحكومة فيها بيانا واضحا فإن رئيسها سيتحمل المسؤولية السياسية ويعرضه لمواجهة الأدوات الدستورية”.

وصدر مرسوم تأجيل انعقاد المجلس النيابي، لفسح المجال أمام المشاورات بين رئيس الوزراء المكلف والنواب حول التشكيل الحكومي. وتقدم رئيس الوزراء المكلف الأسبوع الماضي بتشكيلة وزارية تتألف من خمسة عشر وزيرا، وتضمنت عودة ستة وزراء من الحكومة السابقة.

وقوبلت التركيبة الحكومية برفض نيابي غير مسبوق جراء اعتراضات على عودة عدد من الأسماء، الأمر الذي وضع رئيس الوزراء في موقف محرج بين الانصياع لمطالب النواب، أو البحث عن “وزير محلل”، بعد اعتذار النائب عمار محمد العجمي.

اقرأ أيضا
تعيينات تشمل أعلى المناصب القضائية في الكويت

واختار الشيخ أحمد النواف في الأخير الذهاب في مشاورات مع الكتل النيابية، على السير في عملية كسر إرادات هو في غنى عنها، وقد تنتهي بالبلاد إلى شلل حكومي، خصوصا وأن أيا من النواب لن يقبل المشاركة في التشكيل الحالي.

ويلزم الدستور الكويتي رئيس الوزراء بوجود نائب على الأقل في التركيبة الحكومية يسمى “الوزير المحلل”. ويرى مراقبون أن الاعتراضات السائدة حول مسألة انعقاد مجلس الأمة ليست في وارد أن تؤثر على المشاورات الجارية بين النواب ورئيس الوزراء حول التركيبة الحكومية.

وشكلت هذه المشاورات فرصة بالنسبة إلى العديد من الكتل لعرض الأولويات المنتظرة خلال المرحلة المقبلة على الشيخ أحمد النواف، ومن ضمنها قضايا العفو الخاص والعدالة في توزيع المناصب والتعيينات.

وشهد ملف العفو عن معارضين ونواب سابقين في مجلس الأمة تقدما خلال عهد الحكومة السابقة بقيادة الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، حيث جرى العفو عن دفعة من هؤلاء، من بينهم مسلم البراك وفيصل المسلم وجمعان الحربش.

لكن سرعان ما عاد هذا الملف إلى الأدراج على ضوء الخلافات التي تفجرت بين النواب وحكومة الشيخ صباح الخالد، ومن المرجح أن يجري فتح الملف مجددا في ظل العهد الجديد التي يسطره مجلس أمة جديد وحكومة جديدة بقيادة الشيخ أحمد النواف. وأجرت الكويت في التاسع والعشرين من سبتمبر انتخابات تشريعية أسفرت عن فوز مريح للمعارضة في مقابل تراجع دراماتيكي للفريق المؤيد للحكومة.

 

'