تأمين الحكم المعركة الأصعب لماكرون في انتخابات البرلمان – مصدر24

تأمين الحكم المعركة الأصعب لماكرون في انتخابات البرلمان

باريس – يواجه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد فوزه بـ58 في المئة من أصوات الناخبين الفرنسيين، الجزء الأصعب في معركته لتأمين أغلبية قوية من النواب تساعده على الحكم بحرية خلال السنوات الخمس المقبلة بعيدا عن الصراع مع المعارضة.

وحصل ماكرون (44 عاما) على 58 في المئة من الأصوات في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة التي جرت في الرابع والعشرين من أبريل الجاري، مقابل 42 في المئة لمنافسته اليمينية مارين لوبان (53 عاما).

ويدخل ماكرون بعد هذا الفوز الجزء الأصعب المتمثل في تأمين أغلبية قوية من النواب من أصل 577 مقعدا متاحا في الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان)، خلال الانتخابات التشريعية التي ستُجرى في الفترة بين الثاني عشر والتاسع عشر من يونيو المقبل.

وهذه الأغلبية ستساعد ماكرون إذا نجح في الحصول عليها على الحكم بحرية خلال السنوات الخمس المقبلة، لكن يبدو أن زعيم حزب الجمهورية إلى الأمام لا يحظى بنفس القدر من الدعم الذي كان عليه بانتخابات عام 2017.

إيمانويل ديبوي: التحالفات ستكون أصعب مما كانت عليه قبل خمس سنوات

ويقول المحلل السياسي الفرنسي أوليفيه روكون، إنه “رغم الانتصار الذي حققه ماكرون في الانتخابات الرئاسية يبقى حزبه ضعيفا وليست له شعبية بين الدوائر الانتخابية”.

ويضيف “سيحتاج ماكرون إلى بعض التحالفات (..) سيتعين عليه توسيع أغلبيته التي هي بالفعل مركبة منذ العام 2017 في الجمعية الوطنية وتعتمد بشكل خاص على قادة حزب الحركة الديمقراطية، إدوارد فيليب، وفرانسوا بايرو”.

وحصل حزب الجمهورية إلى الأمام، إلى جانب حليفه حزب الحركة الديمقراطية، على أكثر من 300 مقعد في الجمعية الوطنية في الانتخابات البرلمانية لعام 2017.

وبحسب مدير معهد الاستشراق الأوروبي إيمانويل ديبوي، فإن “المناقشات بشأن التحالفات البرلمانية المقبلة بدأت بالفعل خلف الكواليس قبل أكثر من أسبوع”.

ويعتبر ديبوي، أن “المفاوضات ستكون أكثر صعوبة مما كانت عليه قبل خمس سنوات، لأنه في الغالب لن يحصل حزب ماكرون على الأغلبية، فالأخير انتخب بشكل سيء في الرئاسة فهو رغم حصوله على أغلبية نسبية إلا أنه بالمقابل كان هناك 13 مليون ناخب غائب و4 ملايين صوت فارغ، وهذا يعني أن ماكرون لديه أصوات أقل مما تقوله النتيجة المعلنة”.

كما أن الانتخابات الرئاسية في الجولة الأولى حققت مفاجأة من العيار الثقيل مع اليساري جون لوك ميلنشون، الذي حصل على نسبة مهمة من الأصوات بلغت 22 في المئة وبهذا سيجعل الجولة الثالثة (الانتخابات البرلمانية) صعبة جدا على ماكرون.

ويشير إلى أن ماكرون لم يحصل على الأغلبية المطلقة في انتخابات العام 2017 والمتمثلة في 289 مقعدا في الجمعية الوطنية، وإنما حصل على 280 فقط وكان في حاجة إلى التحالف، واليوم عدد من نواب حزبه ليسوا تحت راية حزب الجمهورية إلى الأمام. ويضيف “لهذا يبدو أن الوضع صعب جدا أمام ماكرون، وسنكون أمام حكومة تحالفات”.

وإن لم تستطع المعارضة الوصول إلى الرئاسة لكنها عبرت عن استعدادها لانتزاع التعايش السياسي في الانتخابات التشريعية المقبلة، فبعد هزيمتها مباشرة مساء الأحد، أعلنت مارين لوبان أن المباراة “لم تُلعب بعد”، ودعت كل من يعارضون ماكرون إلى التجمع ضد سياسته.

وفي مايو 2020، أعلن 17 نائبا انبثقوا عن حزب الجمهورية إلى الأمام تشكيل كتلة سياسية مستقلة جديدة في البرلمان، ما أدى إلى تراجع عدد النواب الداعمين لحزب ماكرون إلى 288 نائبا دون عتبة الغالبية المطلقة (289 نائبا)، وهو ما قد يؤثر على حظوظه بالانتخابات المقبلة.

ماكرون حصل على 58 في المئة من الأصوات في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة مقابل 42 في المئة لمنافسته اليمينية مارين لوبان

وأما المرشح اليميني المتطرف المهزوم إيريك زمور، الذي جاء في المرتبة الرابعة بالجولة الأولى فقد دعا إلى تشكيل “ائتلاف كبير للحقوق وجميع الوطنيين” لبناء أغلبية في الانتخابات التشريعية المقبلة ضد ماكرون.

وعلى اليسار دعا زعيم حزب “فرنسا الأبية” جان لوك ميلنشون، الفرنسيين في خطابه ليلة الانتخابات الرئاسية، إلى انتخابه رئيسا للوزراء من خلال التصويت لصالح حزبه في الانتخابات التشريعية وانتخاب أغلبية نواب من “فرنسا الأبية”.

إلا أن المحلل السياسي روكون، يرى أن “فرضية التعايش (الأغلبية في البرلمان تكون لصالح أحزاب غير داعمة لحزب رئيس البلاد) غير محتملة للغاية وتتطلب هزيمة كبيرة لحزب الجمهورية إلى الأمام وأنصاره”.

وحول التحالفات المحتملة لماكرون، يقول مدير معهد الاستشراق الأوروبي، إنه “لا يمكن التكهن بالحلفاء لأن ذلك مرتبط بالنتائج المقبلة للانتخابات التشريعية، يجب أن نطرح تساؤلا آخر حول صورة هذه الحكومة، هل ستكون تكنوقراط؟ أم يختار الفرنسيون معارضة ماكرون المتمثلة في جون لوك ميلنشون؟”.

وفي الرابع والعشرين من أبريل الجاري، أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد “أوبن واي” الفرنسي، أن 63 في المئة من الفرنسيين لا يرغبون في فوز حزب ماكرون بالانتخابات التشريعية المقبلة، فيما أظهر استطلاع أجراه معهد “إيبسوس سوبرا – ستيريا” المحلي أيضا، أن 56 في المئة لا يريدون فوز ماكرون بغالبية مقاعد البرلمان.

وتجري الانتخابات التشريعية الفرنسية على أساس طريقة قائمة الأغلبية على دورتين في كل دائرة، ولمدة 5 سنوات. وللفوز في الجولة الأولى يجب الحصول على الأغلبية المطلقة من أصوات الناخبين وألا يقل عدد الناخبين عن 25 في المئة من عدد الناخبين المسجلين في القوائم الانتخابية. ويخوض الجولة الثانية المرشحون الحاصلون على 12.5 في المئة من الأصوات كحد أدنى، وتكفي الأغلبية النسبية في الجولة الثانية لاختيار الفائز.

'