تباينات في الأوساط الأميركية حيال كيفية التعاطي مع الجزائر – مصدر24

تباينات في الأوساط الأميركية حيال كيفية التعاطي مع الجزائر

الجزائر – تقرّ أوساط أميركية بضرورة التريث في بحث أي تدابير عقابية بحق الجزائر لاسيما في ظل الوضع الدولي الراهن، وذلك في رد على ضغوط من نواب في الكونغرس الأميركي، يطالبون بإدراج الجزائر ضمن لائحة العقوبات على خلفية علاقتها مع روسيا.

ويقول مراقبون إن هناك تضاربا في التوجهات بشأن الجزائر داخل الولايات المتحدة، بين الحكومة والكونغرس وبعض النخب، وهذا أمر متوقع حيث أن أي قرار بهذا الحجم ستكون له بالتأكيد مفاعيله على العلاقات الثنائية، وقد يقود الجزائر إلى اتخاذ خطوات نحو المزيد من توثيق الروابط مع الشرق، فضلا عن أن هذه الخطوة ستكون لها تداعيات على التعاملات المتعلقة بالطاقة لاسيما وأن الحلفاء الأوروبيين يراهنون على هذا البلد المغاربي لسد جزء من احتياجاتهم من الغاز، في ظل الأزمة التي نشبت بين الغرب وروسيا.

ودعا تقرير لجيمس دورسي في موقع “ويل بريس” الولايات المتحدة إلى ترجيح كفة المصالح الاقتصادية والغاز الطبيعي في إرساء علاقات ثنائية مع الجزائر بدل اللجوء إلى فرض عقوبات عليها، نزولا عند رغبة الأصوات النيابية التي دعت إلى إدراجها ضمن الدول المعنية بقانون “كاتسا”.

واستعرض التقرير مختلف البيانات الاقتصادية وبيانات الطاقة التي تمتلكها الجزائر، فهي تحوز ناتجا داخليا خاما يقدر بنحو 170 مليار دولار، وهي ضمن المصادر الأساسية للنفط والغاز في القارة الأفريقية، فضلا عن أنها تملك ثالث احتياطي في العالم في مجال الغاز الصخري، كما حققت خلال العام الجاري مداخيل إضافية قدرت بحوالي 50 مليار دولار، ونسبة نمو قاربت الأربعة في المئة، عكس الانكماش الذي عرفته عام 2020.

وتبدي نخب أميركية اهتماما متزايدا بقطاع الغاز الجزائري، وبالبيانات الاقتصادية التي تحوزها البلاد، خاصة وأنها تمثل قوة نامية في أفريقيا وملاذا لحلفاء الولايات المتحدة في القارة الأوروبية، وذلك لكونها أحد المصادر المتاحة لتلبية الطلب الأوروبي وتخفيف الضغط الروسي في هذا المجال.

 

مصير مجهول للائحة التي أطلقها النائب ماركو روبيو خاصة مع بطء الحكومة في التفاعل معهاد
مصير مجهول للائحة التي أطلقها النائب ماركو روبيو خاصة مع بطء الحكومة في التفاعل معها

 

وكان عدد من النواب في الكونغرس الأميركي قد أعدّوا منذ شهر سبتمبر الماضي عريضة تدعو الحكومة إلى معاقبة الجزائر وفق قانون “كاتسا”، بسبب إبرامها صفقات عسكرية ضخمة مع روسيا، مما شكل متنفسا للخزينة الروسية في مواجهة حزمة العقوبات التي أقرتها واشنطن على موسكو.

ومع مخرجات انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة، وفشل الموجة الحمراء، يُجهل مصير اللائحة التي أطلقها النائب ماركو روبيو، خاصة مع بطء الحكومة في التفاعل معها، وإمكانية بروز معطيات جديدة مع تشكيلة الكونغرس الأميركي الجديدة.

وتطرق جيمس دورسي في مقاله إلى مواقف الجزائر السياسية والدبلوماسية، ووصفها بـ”المسار المستقل”؛ فهي ترفض التدخل في شؤون الآخرين الداخلية وفي شؤونها الداخلية، وتقيم علاقات وثيقة مع روسيا والصين، كما أنها من أشد المنتقدين لإسرائيل وكانت من معارضي الغزو الأميركي للعراق ولتدخل حلف الناتو في ليبيا، كما شجبت اتفاقيات أبراهام وتحافظ على العلاقات مع حكومة بشار الأسد في سوريا.

وأشار إلى أن مسار الجزائر الدبلوماسي وسياستها الخارجية لا يمكن أن يعيقا إرساء تعاون معها في مجاليْ الاقتصاد والطاقة بدل اللجوء إلى سياسة العقوبات، خاصة في الظروف الراهنة التي يعيشها العالم بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.

ودعا في هذا الإطار إلى بلورة موقف براغماتي مع مصدر مهم للطاقة، فكل عقاب يسلط على الجزائر سينعكس سلبا على أوروبا. وعرج دورسي على فرص تعزيز الولايات المتحدة لاستثماراتها في الجزائر مشيرا إلى أن “الشركات المملوكة للدولة تشكل أكثر من نصف الاقتصاد الرسمي، وهي عبء على النمو، لكن القطاع الخاص يأمل أن تواصل الحكومة مسار الإصلاحات لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر إلى القطاع غير المتعلق بالطاقة”.

ووفق أحدث تصنيف للبنك الدولي تحتل الجزائر المرتبة 157 من أصل 190 دولة بشأن سهولة ممارسة الأعمال التجارية، ما يعكس وجود حاجة إلى خطة لاجتذاب الاستثمار الأجنبي المباشر لتنمية القطاعات غير المرتبطة بالطاقة وإلغاء قاعدة “51/49” في الاستثمار الأجنبي.

واعتبر الباحث الأميركي أن “المفتاح هو عدم استمرار الحكومة في سياسة ‘شراء السلم الاجتماعي’ من خلال مدفوعات الضمان الاجتماعي في حين أن أسعار النفط والغاز مرتفعة، لكن بعد انخفاض الأسعار في نهاية المطاف سيؤدي الوضع إلى غضب الشباب وتبديد الخيارات المؤقتة للحكومة”. ولفت دورسي إلى ضرورة النظر إلى العلاقة مع الجزائر من زاوية المصالح، بدل الانجرار وراء قاعدة “من ليس معنا فهو ضدنا”.

 

'