تجارة زيت النخيل تئن تحت وطأة أزمة شرق أوروبا – مصدر24

تجارة زيت النخيل تئن تحت وطأة أزمة شرق أوروبا

تتسلل حالة من التشاؤم بين أوساط صناعة زيت النخيل في العالم، من احتمال تعرض القطاع إلى انتكاسة ستحدّ من نشاطه حيث اضطر التجار إلى رفع الأسعار لمواجهة تكاليف مواد الخام مع اندفاع أكبر الموردين إلى تعليق التصدير مؤقتا بسبب تداعيات حرب أوكرانيا.

لندن – استفاقت العديد من المناطق حول العالم على الثمن الباهظ، الذي لا تزال تتركه الحرب في شرق أوكرانيا على إمدادات زيت النخيل بعدما باتت هذه التجارة تحت رحمة الأسعار الجامحة وقلة فرص توفيره في الأسواق.

وفي تأكيد على المخاوف بدأت إندونيسيا الخميس تعليق صادراتها من زيت النخيل، الذي تعد أكبر دولة منتجة له في العالم ما يمكن أن يؤدي إلى زعزعة استقرار سوق الزيوت النباتية التي ارتفعت أسعارها إلى أعلى مستوى منذ فبراير 2022.

جيمس فراي: لم نختبر هذه المواقف والدول الفقيرة تتحمل العبء الأكبر

ويواجه الأرخبيل الواقع في جنوب شرق آسيا منذ أشهر نقصا في زيوت الطهي وارتفاع أسعارها في أسواقه المحلية ويخشى تصاعدا في التوتر الاجتماعي.

وفي تبدل في اللحظة الأخيرة مساء الأربعاء الماضي، أوضحت السلطات أن قرار تعليق الصادرات كل صادرات الزيوت النباتية وليس فقط منتجات زيوت الطعام فقط.

وأشار الوزير المنسق للاقتصاد ايرلانغا هارتارتو إلى أن “جميع المنتجات” بما في ذلك زيت النخيل الخام “مشمولة بمرسوم وزارة التجارة”، موضحا أن الحظر يدخل حيز التنفيذ ليل الأربعاء/الخميس.

وارتفع سعر زيت النخيل الخام حوالي عشرة في المئة قبل بدء الحظر الإندونيسي في بورصة كوالالمبور، بزيادة نسبتها 63 في المئة خلال عام واحد.

وأكد الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو أن تأمين هذه السلعة للسكان يشكل “الأولوية القصوى”. وأضاف “بما أننا أكبر منتج لزيت النخيل، من المفارقات أننا نواجه صعوبة في الحصول على زيت الطهي”، داعيا المنتجين إلى التعاون.

ولا تنتج روسيا ولا أوكرانيا زيت النخيل، وهو سلعة استوائية، لكن غزو موسكو أحدث آثارا غير مباشرة عبر الاقتصاد العالمي المترابط بشكل معقد اليوم.

وبعد حوالي أسبوعين من الحرب تجاوز عقد زيت النخيل الخام الماليزي، الذي يعتبر بمثابة المعيار العالمي، رقما قياسيا بلغ 1718 دولارا للطن، أي ما يقرب من ضعف السعر قبل عام. ولم يرتفع سعر زيت القلي فقط بل سعر فول الصويا أيضا.

وتعاني إندونيسيا التي يبلغ عدد سكانها 270 مليون نسمة من مشكلات في التوزيع والتخزين بينما يفضل المنتجون بيع شحناتهم دوليا للاستفادة من ارتفاع الأسعار.

وتخطط جاكرتا لاستئناف الصادرات عندما ينخفض سعر الجملة لزيت الطهي إلى 14 ألف روبية (97 سنتا) في الأرخبيل بعدما ارتفع بنسبة 70 في المئة في الأسابيع الأخيرة.

ويطرح توريد زيت النخيل، الزيت الرئيسي المستخدم في الأرخبيل للطهي مشكلة منذ بداية العام. واضطر المستهلكون متواضعو الحال للانتظار لساعات في طوابير طويلة أمام مراكز توزيع النفط بأسعار مدعومة في العديد من المدن.

وصرح ليسوس أنتوني لوكالة الصحافة الفرنسية “من الصعب العثور على زيت الطهي حتى في سوق الجملة”. وأضاف “أخيرا قررت تقليل استهلاكي حتى لا أضطر إلى الوقوف في طوابير أو القتال” في محاولة لشرائه.

60

في المئة من صادرات زيت النخيل العالمي تنتجه إندونيسيا ويستهلك ثلثاه في سوقها

وقالت أدي نيني التي تبيع نوعا من الأطعمة المقلية التي يحبها الإندونيسيون وتسمى “غورنغان” إنها ضربة قوية. وأضافت أن “أسعار النفط المرتفعة أدت إلى خفض مبيعاتي، واضطررت إلى رفع سعر ما أنتجه من الغورنغان”.

وتؤمن إندونيسيا حوالي ستين في المئة من إنتاج زيت النخيل العالمي والذي يستهلك ثلثاه في السوق المحلية. وقد صدرت 34.2 مليون طن العام الماضي من زيوت الطعام إلى جانب مجموعة واسعة من السلع الأخرى من مستحضرات التجميل إلى المواد الغذائية.

ويؤكد بيما يوديستيرا الخبير الاقتصادي في مركز الدراسات الاقتصادية والقانونية أن “الدول الأكثر تضررا بتعليق التصدير هي الهند والصين وبنغلادش وباكستان” نظرا لاستهلاكها الغذائي.

ويشير إلى أن إندونيسيا تجازف باحتمال دفع غرامات لخرقها عقودا وحتى المقاضاة أمام منظمة التجارة العالمية إذا طال أمد هذا الحظر.

ولكن حتى العديد من الدول الأفريقية تواجه معضلة ساعد الصراع في دفع أسعار زيت النخيل الموجود في كل مكان في الأطباق الأفريقية من أرز الجولوف النيجيري إلى موز الجنة اللزج الإيفواري إلى مستويات قياسية يقول الخبراء إنها ستؤدي إلى تعميق أزمة تكلفة الغذاء ومعاقبة الأفقر.

وتمثل نفقات الغذاء دول أفريقيا جنوب الصحراء 40 في المئة من إنفاق المستهلكين للأسر، وهي أعلى نسبة في أي منطقة في العالم، وأكثر من 17 ضعفا ما تنفقه الاقتصادات المتقدمة على هذا البند.

ووصلت أسعار زيوت الطعام إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق في مارس الماضي بسبب نقص الإمدادات العالمية بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وهما دولتان رئيسيتان منتجتان لزيت عباد الشمس.

ونسبت وكالة رويترز إلى جيمس فراي، مؤسس شركة استشارات السلع الزراعية أل.أم.سي “لم نختبر أبدا هذا النوع من المواقف”. وأضاف ستكون الأفقر في الدول الكبرى أو البلدان في أفريقيا هي التي ستضطر بالتأكيد إلى تحمل العبء الأكبر”.

Thumbnail

وحتى قبل الحرب، أصبح التضخم مصدر قلق عالمي، فقد ارتفعت أسعار السلع الغذائية بأكثر من 23 في المئة العام الماضي، وهي أسرع وتيرة منذ أكثر من عقد، وفقا لمنظمة للأغذية والزراعة (فاو).

وفي مارس الماضي، سجل مؤشر الفاو للأسعار العالمية للحوم والألبان والحبوب والسكر والزيوت أعلى مستوى له منذ إنشائه في عام 1990، بعد “قفزة عملاقة” بلغت 12.6 في المئة خلال فبراير. وكانت زيوت الطهي من بين المنتجات الأكثر تضررا.

وقضى الجفاف على صادرات زيت الصويا من الأرجنتين وإنتاج بذور اللفت في كندا. أدى سوء الأحوال الجوية في إندونيسيا وقيود الهجرة المرتبطة بفايروس كورونا في ماليزيا إلى خنق إنتاج زيت النخيل وتسبب في نقص العمالة في المزارع.

وقال فراي إن “النقطة المضيئة الوحيدة، بطريقة ما، كانت عباد الشمس”، لكن حرب أوكرانيا أدت إلى تعطيل الشحنات من منطقة البحر الأسود، والتي تمثل 60 في المئة من إنتاج عباد الشمس وأكثر من ثلاثة أرباع الصادرات، ومحو حصة ضخمة من الإمدادات العالمية.

ولم يكن ذلك كافيا، إذ أن أسعار النفط الخام المرتفعة وهي نتيجة أخرى للحرب قد أضافت المزيد من الضغط على إمدادات الزيت النباتي من خلال زيادة الطلب على الوقود الحيوي. وأضاف فراي “لا يمكنك تقريبا اختلاق مدى سوء الوضع ولقد شهدنا حقا عاصفة كاملة تقريبا”.

وبغض النظر عن تقاليد الطهي، كان اختيار زيت النخيل أيضا أمرا اقتصاديا للعديد من البلدان الفقيرة نظرا لأنه كان تاريخيا أرخص أنواع الزيوت النباتية الرئيسية. ومع ذلك، تظهر بيانات البنك الدولي مؤخرا أنه كان يلحق “الضرر بالخصوم” وخاصة زيت الصويا وزيت عباد الشمس.

وفي مارس الماضي وللمرة الأولى، أصبح هذا الزيت مؤقتا هو الأكثر تكلفة من بين زيوت الطعام الأربعة الرئيسية في الهند، والذي يعتبر من أهم الأسعار العالمية، مما يشير إلى أن الأيام التي كان فيها استخدام النفط في أفريقيا هو الأرخص بشكل موثوق قد ولت.

'