تجميد حسابات ترامب الرقمية يطرح جدلية الخصوصية والحريات – مصدر24

تجميد حسابات ترامب الرقمية يطرح جدلية الخصوصية والحريات

تنتشر الأخبار عن أشخاص أضروا بسمعتهم بعد نشرهم لمواد غير ملائمة على مواقع التواصل الاجتماعي، ومنهم كبار السياسيين، ولكن تجميد حسابات خاصة بالرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب على خلفية أحداث الكابيتول بقدر ما يترك انطباعا عن هذه الشخصية الجدلية بقدر ما يدفع الموضوع برمته بشكل مختلف إلى درجة أن البعض اعتبروا أن الخطوة ستؤسس لسابقة خطيرة قد تمس من حقوق الإنسان.

سان فرانسيسكو (الولايات المتحدة) – قفزت العلاقة بين الحريات الشخصية في الإنترنت والقوانين المؤطرة للعملية مؤخرا إلى واجهة النقاش العالمي عقب تجميد الكثير من شركات التواصل الاجتماعي الشهيرة حسابات الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب.

وتصاعد الجدل حول حدود العلاقة بين الخصوصية والحريات الفردية بعد تلك الخطوة التي جاءت عقب دعوات التحريض التي قام بها ترامب وأدت إلى أحداث عنف في مبنى الكابيتول، وقد رأت الأمم المتحدة أن مسألة حماية حقوق الإنسان في أثناء حجب الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تتطلب مناقشة مفتوحة بمشاركة مختلف الأطراف.

والمؤكد أن مسألة الخصوصيات والحريات الفردية تصونها القوانين والمواثيق الدولية فضلا عن الدساتير في غالبية الدول، لاسيما تلك التي تسعى للحفاظ على مراتب تنافسية عالمية متقدمة في مؤشرات التنمية البشرية وحقوق الإنسان ومعدلات الرفاه وغيرها.

ولدى الحكومات التزامات بشأن مراعاة حقوق الإنسان لأنها وقعت الاتفاقيات ذات الشأن، أما بخصوص الشركات فهذا أمر مختلف رغم أن ثمة تعليمات للأمم المتحدة تقول إن الشركات يجب أن تمنع انتهاكات حقوق الإنسان، وهذه النقطة الجدلية التي يبدو أن ترامب فجرها عن غير قصد ربما تغير وضع التعامل في المستقبل.

وكان فيسبوك ومواقع أخرى مثل سنابشات وتويتر ويوتيوب علّقت حسابات ترامب لأجل غير مسمّى، لكن مع أكثر من 88 مليون متابع، كان تويتر المنصة المفضلة لترامب للقيام بإعلانات سياسية أو مهاجمة وسائل إعلام أو إهانة خصومه بشكل يومي.

ومع أن مؤسّس تويتر ورئيسه جاك دورسي اعتبر أنّ قرار الموقع فرض حظر على ترامب كان “الخيار الصحيح”، إلا أنّه مع ذلك يشكّل إخفاقا ويؤسس لسابقة خطيرة بشأن مقدار السلطات التي تتمتّع بها كبريات شركات الإنترنت.

وفي سلسلة تغريدات، قال دورسي إنّ هذا القرار يمثّل “إخفاقا من جانبنا في الترويج لمحادثة صحّية فرض حظر على الملياردير الجمهوري الذي كان لديه أكثر من 88 مليون متابع على حسابه في تويتر يرسي سابقة تبدو لي خطرة: القوة التي يتمتع بها فرد أو شركة على جزء من المحادثة العامة”.

وعلّق تويتر بشكل دائم حساب ترامب الجمعة بعد يومين من اقتحام حشد من أنصار الرئيس الجمهوري الكابيتول في أعمال شغب أوقعت خمسة قتلى وألحقت خرابا بالمبنى وصدمت الولايات المتحدة وأضرّت بسمعتها في العالم.

وقال الموقع في معرض تبريره قرار تعليق حساب ترامب إنّه “بعد المراجعة الدقيقة للتغريدات الأخيرة على حساب @ريل دونالد ترامب وللسياق الحاليّ علّقنا الحساب نهائيا بسبب خطر حدوث المزيد من التحريض على العنف” من جانب الرئيس الأميركي المنتهية ولايته.

وأثار قرار تويتر ردود فعل سياسية متباينة في الولايات المتحدة وخارجها، فقد اعتبرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن إغلاق العديد من شبكات التواصل الاجتماعي ومن بينها تويتر حسابات ترامب “يطرح إشكالية”، لأن هذه المنصات لديها “مسؤولية كبيرة جدا ويجب ألا تبقى دون تحرك” في مواجهة محتوى يتضمن حقدا أو عنفا، في حين أنّ “حرية التعبير هي حق جوهري له أهمية أساسية”.

وبينما رأى وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير أنّ “تنظيم العمالقة الرقميين لا يمكن أن تقوم به الأوليغارشية الرقمية نفسها”، اعتبر المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أن هناك ضرورة لجمع مختلف الأطراف المعنية ومناقشة هذا الموضوع.

ويشدد دوجاريك على أن جميع الوسائل لكبح التصريحات الخطيرة والكراهية يجب أن تتجاوب مع القواعد الدولية الخاصة بمراعاة حقوق الإنسان.

وفي سلسلة تغريداته اعتبر دورسي أنّ توازن القوى محترم طالما أنّه “بإمكان الناس أن يذهبوا بكل بساطة إلى خدمة أخرى إذا كانت قواعدنا وطريقة تطبيقنا لهذه القواعد لا تناسبهم”، لكنّه اعترف بأنّ “هذا المفهوم وُضع على المحكّ الأسبوع الماضي عندما قرّر عدد من مزوّدي أدوات الإنترنت الأساسيين عدم استضافة ما يعتبرونه خطيرا”.

وأضاف مؤسّس تويتر “لا أعتقد أنّ هذا الأمر كان منسّقا. الأكثر ترجيحا هو أنّ الشركات توصّلت إلى استنتاجاتها الخاصة أو شجّعتها عليها تصرّفات الآخرين”.

وكان ترامب حاول الالتفاف على قرار تويتر بتعليق حسابه بأن غرّد مستخدما الحساب الرسمي لرئيس الولايات المتحدة @بوتوس (بوتوس هي الأحرف الأولى بالإنجليزية لعبارة رئيس الولايات المتحدة)، لكنّ المنصّة سارعت إلى حذف تغريداته.

وقال موقع تويتر لوكالة الصحافة الفرنسية إنّ “استخدام حساب آخر في محاولة للالتفاف” على حساب تمّ سابقا تعليقهُ هو أمر “مخالف لقواعدنا”.

وفي ظل المخاوف المتزايدة، قالت متحدثة باسم شركة فيسبوك لرويترز الخميس إن موقع التواصل الاجتماعي الشهير يشهد زيادة في إشارات توحي باحتمال ارتكاب أعمال عنف مرتبطة بمساعي تحدي نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية منذ الهجوم على مبنى الكونغرس الأسبوع الماضي.

وأضافت أن الإشارات التي تعقبتها فيسبوك تتضمن نشرات رقمية تروج للأحداث وبعضها يشمل دعوات لحمل السلاح أو شارات ميليشيات أو جماعات الكراهية.

وكان مكتب التحقيقات الفدرالي قد حذر من احتجاجات مسلحة يتم التخطيط لها في واشنطن وجميع عواصم الولايات المتحدة الخمسين في الفترة التي تسبق التنصيب.

'