تحديات أعمق أمام سلطنة عمان تتجاوز كوفيد – 19 – مصدر24

تحديات أعمق أمام سلطنة عمان تتجاوز كوفيد – 19

تمكنت سلطنة عمان بفضل الإجراءات المتنوعة التي اتخذتها من الحدّ من التأثيرات السلبية لانخفاض أسعار النفط وأزمة الوباء على الاقتصاد. وتختبر السلطنة الآن مدى قدرتها على مواجهة تحديات داخلية بمنع تفاقم الوضع الصحي، وأخرى خارجية تتعلق باختبار نجاح تمسكها بسياسة الحياد في علاقاتها الدبلوماسية المختلفة.

مسقط  – بدت سلطنة عُمان تحت قيادة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد قادرة على مواجهة التحديات الكبيرة التي فرضتها أزمة وباء كورونا وامتداداتها المؤثرة بقوة على الاقتصاد، لكنها تواجه تحديات أخرى على صعيد السياسة الخارجية والتمسك بخيار الحياد في ما يخص العلاقة مع إيران والتطبيع مع إسرائيل.

واتخذ السلطان هيثم مجموعة واسعة من الإجراءات الصارمة لمواجهة تداعيات الوباء على الاقتصاد والتخفيف من تأثيراته المختلفة على العمانيين في بلد يزيد عدد سكانه عن 5 ملايين نسمة، نصفهم تقريبا من المهاجرين.

وعملت السلطات العمانية ضمن إجراءات واسعة النطاق لتطويق التداعيات الاقتصادية للوباء والانخفاض الحاد في أسعار النفط، التي أثرت بدورها بشكل مباشر على اقتصاد السلطنة.

ورغم نجاح السلطات في الحدّ من ازدياد حالات الإصابات بالوباء منذ بداية انتشاره، إلا أن الصورة اليوم بدت مقلقة على صعيد تسجيل 9 وفيات و1128 حالة جديدة في اليوم الذي وصلت فيه إجمالي أعداد الوفيات إلى 2000 حالة وإجمالي حالات الإصابة منذ بداية الوباء إلى 191 ألف حالة.

يقول تقرير موسع نشرته مؤسسة “عرب دايجست” الاستشارية إنه على عكس تعامل المملكة المتحدة المتخبط في مواجهة معدلات الوفيات والإصابات، اتخذت السلطنة العديد من الإجراءات الصحيحة ولا تزال تجد نفسها تسير على الطريق السليم في ما يخص أزمة الوباء.

ويضيف التقرير أن أحد التحديات التي يجب أن يتصدى لها بشكل عاجل في سلطنة عمان هو النسبة المنخفضة جدا من الشعب العماني الذين تلقوا لقاح كورونا منذ انطلاق حملة التلقيح في ديسمبر الماضي.

وتقدر وكالة رويترز أن 2.5 في المئة فقط من السكان تم تطعيمهم حتى الآن، على عكس المملكة المتحدة حيث حصل أكثر من نصف السكان على جرعة اللقاح الأولى وما يقرب من خمسهم على الجرعة الثانية.

تحديات اقتصادية

مؤسسة “عرب دايجست” الاستشارية: السلطان هيثم بن طارق يواجه تحديات في الحفاظ على سياسة الحياد التي قادها السلطان قابوس

شكل كل من الوضع الاقتصادي والتداعيات الاستثنائية لوباء كورونا اختبارا ليس بالسهل على السلطان هيثم، الذي تولى العرش في أوائل العام الماضي بعد وفاة السلطان قابوس بن سعيد. وكان السلطان هيثم قد كشف عن توجه عام نحو التخلص من البطء والتكلس في أجهزة الدولة وإزالة العوائق التي أخّرت الإصلاح الاقتصادي حيث فرضت التداعيات اللاحقة للوباء تحديات إضافية في خطط التطوير والإصلاح.

وعملت السلطنة تحت قيادته على اتخاذ إجراءات اقتصادية لمواجهة التداعيات المختلفة لانخفاض أسعار النفط والتحديات التي فرضها الوباء بصورة مباشرة على الاقتصاد. وقدمت الحكومة دعما ماليا كبيرا لمواجهة تلك التداعيات على أكثر من صعيد.

ورصد صندوق النقد الدولي إصدار الحكومة العمانية لمجموعة واسعة من الإجراءات تضمنت إصدار قروض طارئة دون فوائد والتنازل عن الضرائب أو تخفيضها، والتحلي بالمرونة في دفع الضرائب على أقساط، وإنشاء صندوق الأمان الوظيفي لدعم المواطنين الذين فقدوا وظائفهم.

كما عملت من خلال البنك المركزي العماني على تيسير الأوضاع المالية عن طريق معدلات الفائدة المنخفضة وضخ السيولة، ودفع أقساط القروض المؤجلة، وتخفيف المتطلبات الاحترازية الكلية بشأن الاحتياطيات الرأسمالية ونسب السيولة.

ويتوقع صندوق النقد أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي لسلطنة عمان بنسبة 6.4 في المئة في عام 2021، وتضاعف عجز الحساب الجاري تقريبا إلى 10 في المئة من الناتج الإجمالي وارتفاع دين الحكومة المركزية من 61 في المئة إلى 80 في المئة في عام 2020.

وتقول مؤسسة “عرب دايجست” إنه على الرغم من الضرر الذي ألحقه الوباء وانخفاض أسعار النفط على الاقتصاد العماني الذي يعاني بالفعل من صعوبات، إلا أن إجراءات الدعم المالي التي أدخلت في عهد السلطان هيثم خففت بلا شك الضربة على الاقتصاد وستؤمن الحكومة إيرادات إضافية.

وفرضت السلطنة في السادس عشر من أبريل الماضي ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 في المئة، لتصبح بذلك رابع دولة من دول مجلس التعاون الخليجي بعد السعودية والإمارات والبحرين التي تقفز في عربة ضريبة القيمة المضافة. ويتوقع أن تدر الضريبة 400 مليون ريال عماني (ما يقارب 1.04 مليار دولار أميركي)، أي ما يعادل 1.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وحصلت عمان في أكتوبر الماضي على مليار دولار من الدعم المالي المباشر من قطر، وتبع ذلك صفقة تمويل بقيمة 2 مليار دولار أميركي تم ترتيبها بدعم من بنك أبوظبي الأول. وتطلعا للصين، تعهدت عُمان بدعم مبادرة الحزام والطريق عندما زار وزير الخارجية الصيني وانغ يي السلطنة كجزء من جولة في دول الشرق الأوسط.

وساطة من جديد

Thumbnail

تقول مؤسسة “عرب دايجست” الاستشارية إن الصعوبة التي يستشعرها السلطان هيثم تكمن في أنه لا شيء يأتي مجانا، حيث يواجه تحديات في الحفاظ على سياسة الحياد التي قادها سلفه السلطان قابوس بمهارة على مدى خمسة عقود.

وترى المؤسسة في تقريرها أن إحدى السبل التي يجب اتباعها هي أن تعيد عمان دورها الحاسم الذي لعبته في مفاوضات الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران خلال فترة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما.

ويقر الإيرانيون والأميركيون بأن سلطنة عمان كانت لاعبا مهما وإن كان من وراء الكواليس في التوصل إلى الاتفاق النووي عام 2015، فقد كانت مسقط مسرحا للعديد من الاجتماعات السرية التي عقدت بين الجانبين على مدار عامين.

وتؤكد المؤسسة الاستشارية أن عمان تقف في وضع جيد للعب دور الوساطة مرة أخرى، وإن لم يكن ذلك بهدوء، مع وجود نفس الأشخاص على الجانب الأميركي الذين ساعدوا في إعادة التفاوض على خطة العمل الشاملة المشتركة، وحرص الرئيس الأميركي جو بايدن على إبرام صفقة جديدة مع إيران.

وكان وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي قد صرح في فبراير الماضي، على هامش اجتماع المجلس الأطلسي، بأن بلاده تتمتع بعلاقات ممتازة مع كل من طهران وواشنطن. وقال في ذلك الوقت “أعتقد أن القنوات مفتوحة بشكل مباشر بين فرق السياسة الخارجية في واشنطن وطهران. لا أرى أي سبب يمنع من إعادة تنشيط هذه القنوات”.

وتقول “عرب دايجست” إن هناك نقطة أخرى أكد فيها السلطان هيثم بهدوء على الحياد وهي التطبيع مع إسرائيل، حيث صمد أمام الضغوط التي مارسها البيت الأبيض في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب ومن ثم وزير الخارجية مايك بومبيو، حيث قاس أنه يمكن الحفاظ على العلاقات الودية مع إسرائيل دون الاضطرار إلى تعريض العلاقات بين مسقط وطهران للخطر من خلال التوقيع على اتفاقات أبراهام.

وفي مقال كتبه كل من كريستيان كوتس أولريشسن وجورجيو كافيرو من معهد الشرق الأوسط “من وجهة نظر عمان، فإن تطبيع العلاقات مع إسرائيل – حتى لو كان ذلك مرغوبا فيه من وجهات نظر التجارة والسياحة والاستثمار – سيكون من السابق لأوانه”.

وقالا إن “موقف مسقط هو أن الاتفاق مع إسرائيل يتطلب موافقة تل أبيب على مبادرة السلام العربية”، التي تدعو إلى حل الدولتين مع العودة إلى حدود ما قبل حرب عام 1967 والقدس الشرقية عاصمة لفلسطين، حيث إن التمسك العلني بهذا الموقف مع الحفاظ على العلاقات الودية مع إسرائيل هو عمل دبلوماسي لا يبذل الكثير من الجهد لدفع قضية الفلسطينيين وبالتالي يزعج الإسرائيليين.

وتؤكد سلطنة عمان أنها راضية عن مستوى العلاقات والحوار مع إسرائيل، ورحبت كذلك باتفاقات أبراهام التي وقعتها كل من الإمارات والبحرين والمغرب والسودان مع الدولة العبرية، وأعربت حينها عن أملها في أن تعزز هذه الخطوة المساعي نحو إقرار سلام دائم وعادل في الشرق الأوسط.

 

عُمان لا تزال تجد نفسها تسير على الطريق السليم في ما يخص الوباء
عُمان لا تزال تجد نفسها تسير على الطريق السليم في ما يخص الوباء
'