تراجع الحوثي في اللحظات الأخيرة يفشل الجهود الدولية لتمديد الهدنة في اليمن – مصدر24

تراجع الحوثي في اللحظات الأخيرة يفشل الجهود الدولية لتمديد الهدنة في اليمن

عدن- كشفت مصادر دبلوماسية مطلعة لـ”العرب” عن إفشال الجناح العسكري والعقائدي للحوثيين اتفاقا معدلا تقدم به المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ السبت، في محاولة لمنع انهيار الهدنة الأممية التي تنتهي الأحد.

 

وقالت المصادر إن ضغوطا عمانية وأممية على وفد التفاوض الحوثي المتواجد في مسقط بسلطنة عمان أسفرت عن إبلاغ محمد عبدالسلام رئيس الوفد المبعوثَ الأممي بالموافقة الحوثية على الاتفاق المعدل لتمديد الهدنة، قبل أن يصدر المجلس السياسي الأعلى للحوثيين الأحد بيانا يمثل تراجعا عن الموافقة الحوثية على بنود تمديد الهدنة الأممية.

 

وقالت المصادر نفسها إن الاتفاق المعدل الذي تقدم به المبعوث السبت تضمن تمديد الهدنة لستة أشهر وفتح خطوط جديدة للطيران من مطار صنعاء وفتح ميناء الحديدة وفتح الطرقات في مدينة تعز والتوافق على قيام الحوثيين بإيداع إيرادات ميناء الحديدة في حساب خاص تحت إشراف الأمم المتحدة يتم من خلاله صرف رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الحوثيين، على أن تتولى الحكومة الشرعية تغطية العجز في بند الرواتب من الإيرادات في مناطق سيطرتها.

 

وأشارت هذه المصادر إلى مطالبة الحوثيين بأن تتولى الحكومة الشرعية دفع الرواتب من إيرادات النفط والغاز في المحافظات المحررة، على أن تقوم الميليشيات الحوثية بفتح طرق فرعية في مدينة تعز، كان ممثل الحكومة في مفاوضات الأردن قد رفضها سابقا واعتبرها غير كافية.

يعقوب السفياني: الحوثيون يتعاملون مع الهدنة كملف لابتزاز المجتمع الدولي

ووفقا لمصادر “العرب” شهد معسكر الشرعية مخاضا عسيرا قبل الموافقة على مقترحات غروندبرغ المعدلة، بعد أن رفض معظم أعضاء مجلس القيادة الرئاسي المبادرة الأممية لتمديد الهدنة في نسختها السابقة التي كانت تنص على تحمل الحكومة الشرعية تبعات دفع الرواتب في مناطق الحوثيين بشكل منفرد دون مشاركة الحوثيين ودون وجود ضمانات حول فتح الطرقات في مدينة تعز.

وأكدت المصادر ذاتها أن المجلس الرئاسي انقسم إلى فريقين، الأول مع رفض الاشتراطات الحوثية دون تقديم الميليشيات أي تنازلات في المقابل، وقاد هذا التيار داخل المجلس رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي وقائد ألوية العمالقة الجنوبية أبوزرعة المحرمي، فيما وافق فريق آخر بقيادة ممثليْ حزب الإصلاح داخل المجلس (سلطان العرادة وعبدالله العليمي) على تمديد الهدنة مقابل الحصول على ضمانات تتعلق بعدم تحرك قوات الانتقالي نحو حضرموت والمهرة وإعادة القوات الموالية للإخوان إلى شبوة.

وحول رؤيته لمآلات الهدنة وعواقب فشلها قال المدير التنفيذي لمركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية ماجد المذحجي في تصريح لـ”العرب” إن “الحوثي يستخدم إستراتيجية رفع السقف بالضغط على مخاوف الإقليم الذي يريد الاستقرار بسبب الظروف الإقليمية الحالية ومنها فعاليات كأس العالم”.

ولفت المذحجي إلى أن “مطالب الرياض وواشنطن حاسمة في ضمان الهدنة والحوثي يدرك ذلك، ولذلك فإن المجلس الرئاسي ليست لديه قدرة على التحفظ وسيستجيب لهذه الضغوط، ومشكلة هذه الضغوط تكمن في أنها غير حساسة تجاه كلفة هذه الاستجابة وبالتالي يستطيع الحوثي أن يستثمر الهشاشة التي عليها خصومه الإقليميون وأيضا المحليون والحصول على مكاسب، وبذلك ستمضي الهدنة في الأخير”.

ومع اتضاح ملامح انهيار الهدنة نتيجة رفض الشرعية اليمنية الرضوخ لإملاءات الجماعة الحوثية عمد الحوثيون إلى رفع مستوى التهديد الذي شمل التلويح باستهداف شركات النفط العاملة في المناطق المحررة.

وأصدر المجلس السياسي الأعلى (أعلى سلطة سياسية حوثية) بيانا اتهم فيه التحالف العربي بتحمل “مسؤولية تعطيل عملية السلام ورفضه للحقوق المشروعة لأبناء الشعب اليمني”.

وقال المجلس السياسي إنه يستهجن “تلكؤ الأمم المتحدة وطرحها لورقة لا ترقى إلى مطالب الشعب اليمني ولا تؤسس لعملية السلام”، في إشارة إلى المقترح المعدل الذي تقدم به المبعوث الأممي السبت.

وأضاف المجلس أنه لن يسمح “بأن تتحول الهدنة إلى غاية كونها كانت مجرد وسيلة للوصول إلى اتفاق نهائي”.

وفي سياق التهديدات الحوثية باستهداف المصالح الاقتصادية لدول الإقليم والعالم دعا وزير الدفاع في حكومة الحوثي، غير المعترف بها دوليا، محمد ناصر العاطفي الأحد القوات الحوثية إلى المزيد “من اليقظة والجهد والتأهيل وأن يكونوا دوماً في جهوزية للذود عن حياض الأمة”، وقال إن الميليشيات الحوثية “لن تألوا جهداً في امتلاك القدرات والإمكانيات والموارد والأساليب”.

وأضاف “نحن أمام منعطف تاريخي عظيم وسخرنا إمكانياتنا لنكون في مقدمة مواكب المواجهة للمشروع الصهيوني الاستكباري” و”أراضي الجمهورية اليمنية ومياهها وبحارها وثرواتها هي أساس السيادة”.

ماجد المذحجي: مطالب الرياض وواشنطن حاسمة في ضمان الهدنة والحوثي يدرك ذلك

وكان الناطق العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع قد أدلى بتصريحات السبت حذر فيها “الشركات الملاحية التي لها وجهات إلى دول (التحالف) والتي تعمل في اليمن لمتابعة تحذيراتنا وتعليماتنا”، وأضاف “سنوافيكم بتحذيراتنا فور انتهاء وقت الهدنة في حال عدم التوصل إلى ما يحقق مطالب شعبنا المحقة”.

وتابع “نحن بصدد الاستعداد لأي تطورات ونحمل تلك الشركات مسؤولية تجاهل ما سيصدر عنا خلال الساعات المقبلة”.

وفي تصريح لـ”العرب” حول قراءته للتطورات المتسارعة المتعلقة بمصير الهدنة الأممية في اليمن أكد يعقوب السفياني، مدير مركز ساوث 24 للدراسات والأخبار في عدن، أن “الهدنة الأممية في اليمن تتجه إلى مسارين قاتمين يحددهما الحوثيون؛ الأول فشل الهدنة وعودة الحرب، والثاني تمديد وتوسيع الهدنة لمصلحة الجماعة المدعومة من إيران وهذا في كلتا الحالتين صفقة سيئة بالنسبة إلى المجلس الرئاسي والتحالف بقيادة السعودية”.

ولفت السفياني إلى أن الحوثيين يتعاملون مع الهدنة كملف لابتزاز المجتمع الدولي والإقليم، تماما كما تعاملوا مع الملفات الإنسانية طوال فترة الحرب، مشيرا إلى أن تحذيرات الجماعة باستهداف الشركات النفطية تأتي ضمن سياسة الابتزاز الحوثي نظرا للأزمة العالمية في الطاقة الناتجة عن الحرب الروسية – الأوكرانية، وكذلك التهديدات باستهداف الشركات الملاحية والتلميح بنقل الحرب إلى المضايق والممرات المائية.

وتابع “قد تنجح الضغوط الدولية في إرغام كل الأطراف على تمديد الهدنة، لكن الحوثيين سيواجهون عمليا صعوبة في تقبل واقع الحد الأدنى من الشروط والتنازلات خصوصا إذا تمسك المجلس الرئاسي بموقفه الثابت إزاء إيرادات ميناء الحديدة التي يفترض أن تغطي جزءا من رواتب موظفي الخدمة العامة في مناطق الحوثيين. وهذا ما قد يدفع إلى بروز مواقف متطرفة من الجناح الحوثي المتشدد المقرب من طهران”.

وكانت الحكومة اليمنية قد ألمحت، نقلا عن مصدر مسؤول فيها، إلى موافقتها في وقت متأخر من مساء السبت على الصيغة الأممية المعدلة لبنود تمديد الهدنة، ونقلت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية عن مصدر مسؤول قوله إن الحكومة تلقت مقترحًا محدثًا من المبعوث الأممي لليمن لتمديد وتوسيع الهدنة ابتداء من 2 أكتوبر.

وأكد المصدر أن “الحكومة تعمل على دراسة المقترح المحدث، وستتعامل معه بإيجابية انطلاقًا من حرصها على بذل كافة الجهود الرامية إلى تخفيف المعاناة الإنسانية لجميع أبناء شعبنا في كافة المحافظات”.

وفي تصريح لـ”العرب” اعتبر الباحث السياسي اليمني محمود الطاهر أن “الحوثيين يسعون للحصول على أكبر قدر من المكاسب السياسية، ضمن خططهم الساعية لانتزاع اعتراف دولي بشرعيتهم، والقضاء على شرعية الحكومة اليمنية، ويستغلون الوضع العالمي المتوتر لإرهاب الولايات المتحدة والمجتمع الدولي من خلال التهديدات التي يطلقونها لاستهداف منابع الطاقة والشركات النفطية العاملة في المنطقة”.

وأشار الطاهر إلى أن الحوثيين يستغلون مخاوف واشنطن والغرب من التأثير على إمدادات الطاقة، ما من شأنه أن يقوي الموقف الروسي في الحرب الأوكرانية في حال تم استهداف الحوثي لمنابع الطاقة التي ستتضرر كثيرًا، لذلك يسعى الحوثيون للضغط في هذا الاتجاه، بينما سيزيد الضغط الدولي على الحكومة اليمنية بهدف القبول بالشروط الحوثية.

وتابع “سيستمر الحوثي في الضغوط وقد يرتكب عمليات إرهابية، لكن سلوك الحوثي سيتغير إلى الانصياع أو إلى البلطجة من خلال المواقف الدولية تجاه الميليشيا، إن كانت حازمة سيخضع، وإن كانت غير حازمة لن يخضع وقد يزيد من مطالبه، وفي الأول والأخير سيتم الاتفاق على تمديد الهدنة إذا وجد الحوثي أنه معزول دوليًا، وأن عليه ضغطًا عسكريًا”.

وكانت الساعات الماضية قد شهدت تصاعدا غير مسبوق في التحركات الدولية لمنع انهيار الهدنة التي كان المجتمع الدولي يعول على تحويلها إلى مسار دائم للسلام في اليمن.

محمود الطاهر: الحوثيون يسعون للحصول على أكبر قدر من المكاسب السياسية

وفي هذا السياق عبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عن قلق واشنطن إزاء تصرفات الحوثيين الأخيرة، مشددا على أهمية دعم المجتمع الدولي لمجلس القيادة الرئاسي في اليمن.

ورحّب بلينكن، خلال اتصال مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، بالتزام السعودية بتمديد فترة الهدنة في اليمن. وقال بلينكن إن مزايا تمديد الهدنة ستشمل دفع رواتب المعلمين والممرضات وغيرهم من موظفي الخدمة المدنية، بالإضافة إلى توسيع الرحلات الجوية من صنعاء، وفتح طرق في تعز وأماكن أخرى، وضمان استمرار تدفق الوقود.

وعبر السفير الأميركي لدى اليمن ستيفن فاجن في وقت سابق عن “القلق” من عدم إحراز تقدم في تأمين تمديد الهدنة في اليمن ودعا السفير الأميركي -في تغريدة على تويتر- الأطراف المختلفة إلى عدم تبديد تقدم الأشهر الستة الماضية، وإعطاء الأولوية للشعب اليمني بقبول تمديد الهدنة وتوسيعها.

كما دعا وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي السبت الحوثيين إلى التواصل بشكل بنّاء مع جهود الأمم المتحدة للاتفاق على تمديد الهدنة في اليمن.

وقال “من الضروري ألا يعود اليمن إلى الصراع مرة أخرى. الهدنة تنتهي الأحد، لكن ما زال الحوثيون مستمرين في تهديد سير المفاوضات وحرمان اليمنيين من مستقبل سلمي”.

وفيما دعا الوزير البريطاني الحوثيين إلى “التواصل بشكل بنّاء مع جهود مبعوث الأمم المتحدة الخاص هانس غروندبرغ للاتفاق على تمديد الهدنة لإتاحة الانخراط في حوار جادٍّ بشأن تحقيق مستقبل سلمي شامل للجميع وبقيادة اليمنيين أنفسهم”، أشاد “بالتزام الحكومة اليمنية بمواصلة تطبيق فوائد الهدنة عن طريق تمكين اليمنيين من التنقل بحرية وأمان أكبر في أنحاء اليمن، والحصول على الوقود في مختلف مناطق البلاد، والسفر من وإلى اليمن بغرض الزيارات العائلية والحصول على الرعاية الصحية، وكذلك من خلال استئناف دفع رواتب موظفي الحكومة. والشعب اليمني سوف يستمر في الحصول على هذه الفوائد بعد الأحد فقط في حال اتفاق الأطراف على تمديد الهدنة”.

'