تطوير القطاع الصحي هاجس تونسي – ليبي لتفعيل التعاون المشترك – مصدر24

تطوير القطاع الصحي هاجس تونسي – ليبي لتفعيل التعاون المشترك

تتصاعد الدعوات المطالبة بتفعيل التعاون التونسي – الليبي في قطاع الصحة للارتقاء بالخدمات بما يتلاءم وتطلعات الطرفين في ظل تدفّق عدد كبير من الليبيين لتلقي العلاج في المصحات والمستشفيات التونسية، ودخول البلد النفطي في مرحلة إعادة الإعمار، التي تستدعي تطوير هذا المجال.

تونس – أكد خبراء أن تطوير القطاع الصحي في تونس وليبيا يستدعي تفعيل الاتفاقيات المبرمة بين البلدين في مجال الأدوية والاستفادة من التجربة التونسية في إدارة المستشفيات، فضلا عن تشجيع تبادل الوفود الطبية وإيجاد حلول لسداد الديون المترتبة عن علاج المرضى والجرحى الليبيين في تونس.

ويؤكد مستشار منظمة الصحة العالمية في تونس سهيل العلويني أن التعاون بين البلدين في القطاع ليس بالجديد، حيث تستقبل تونس الليبيين في مؤسساتها الاستشفائية لعلاجهم باعتبار علاقة القرب والجوار.

ناجي جلول: تنظيم القطاع يكون على مستوى وزارتي الصحة بالبلدين

وأشار في تصريحات لـ”العرب” إلى أنه لا بدّ من المراهنة على تلك العلاقات خاصة بعد مرور ليبيا بأزمة تواصلت لأكثر من عشر سنوات، ما يجعل التعاون الصحي في مصلحة الطرفين.

وقال “ثمة ضرورة لدعمه من مختلف النواحي وإقامة مؤسسات صحية مشتركة على المدن الحدودية مثل العاصمة طرابلس، وبن قردان التونسية”. واعتبر أن الكفاءات الطبية التونسية يمكن أن تشتغل في ليبيا في خطوة لتجاوز معدلات البطالة المرتفعة وتجسيد فرص الاستثمار.

ويعتبر الليبيون من الوافدين الرئيسيين للمصحات الخاصة في تونس، ما يدفع القطاع إلى البحث عن تسهيلات للمحافظة على هذا الرصيد من المعاملات وتنمية عائداتها عبر زيادة تدفقات طالبي العلاج.

وتظهر بيانات رسمية أن نحو 380 ألف مريض أجنبي يعالجون سنويا في تونس، منهم 320 ألف ليبي، فيما تبلغ معاملات القطاع نحو 500 مليون دينار (نحو 167.3 مليون دولار).

ويؤكد ناجي جلول رئيس الائتلاف الوطني التونسي أن الليبيين كثيرا ما يتوجهون إلى المؤسسات الصحية التونسية، إذ أن لدى تونس أفضل الكفاءات الطبية، وهي قادرة على استقبال ما بين 10 و20 مليون مريض من أفريقيا، بينما ليبيا هي مستهلك تقليدي وجزء من “تراثنا وعلاقاتنا التاريخية”.

وقال لـ”العرب”، “لا بد من تأسيس شراكة فعلية بين المنظومة الطبية في البلدين، والقطاع في حاجة ملحّة إلى التنظيم، وتنظيمه يكون أساسا على مستوى وزارتي الصحّة والهياكل المشرفة على القطاع في البلدين”.

وتقدر غرفة المصحات الخاصة في تونس الديون المتراكمة على الجانب الليبي منذ بداية عام 2011 بنحو 200 مليون دينار (66.9 مليون دولار)، بينما قالت وزارة المالية الليبية إنها تبلغ نحو 50 مليون دولار فقط.وتعدّ الاستثمارات الصحية من أفضل القطاعات الناشطة لكونها تنمو بوتيرة سريعة وتسهم في توفير فرص العمل، كما يلعب القطاع الخاص دورا مهما في استقطاب العديد من المرضى الأجانب للعلاج، ما ساهم في تعزيز إيرادات النقد الأجنبي للدولة.

سهيل العلويني: لا بد من بناء مؤسسات صحية مشتركة بالمدن الحدودية

ويطالب مسؤولون بالقطاع الصحي بضرورة التنسيق الحكومي بين الجانبين ووضع الرعاية الصحية ضمن أولوية الاهتمامات بين الطرفين. وقال وزير الصحة السابق سعيد العايدي “على الحكومتين التونسية والليبية التنسيق أكثر في هذا الإطار وإيجاد طرق للتكفل بالمرضى الليبيين، فضلا عن تفعيل القطاع الخاص”.

وأكّد لـ”العرب” أن “هناك ديونا لليبيين لدى المصحات التونسية يجب سدادها لتطوير الخدمات، وإنشاء مصحات مشتركة في الجنوب التونسي والحدود، علاوة عن تبادل الخبرات البشرية، خاصة وأن الكفاءات التونسية معروفة بتميّزها في هذا القطاع”.

واستطرد العايدي قائلا “الأطباء والموظّفون في القطاع الصحي لهم دور كبير أيضا باعتبار الاشتراك في نفس اللغة والعادات والثقافة وهذا سيساعد كثيرا على إعادة الإعمار في ليبيا”.

وسبق أن كشف رئيس الغرفة النقابية الوطنية للعيادات الخاصة في تونس بوبكر زخامة أن قيمة الديون الليبية للمصحات في بلاده تتجاوز 270 مليون دينار (90.3 مليون دولار).

وأطلقت السفارة الليبية بتونس مؤخرا دعوة لتقديم عروض بشأن تكليف شركة متخصصة بمراجعة وتدقيق الإنفاق الصحي لليبيين في العيادات التونسية مع تقديم عرضين أحدهما فني والآخر مالي خلال أسبوع من تاريخ إطلاق الدعوة. ومطلع العام الماضي عينت الحكومة الليبية لجنة لدراسة ملف الديون المستحقة على العيادات الخارجية بما في ذلك العيادات التونسية.

سعيد العايدي: ثمة ديون على ليبيين لدى المصحات التونسية يجب سدادها

وتشارك شركات التأمين الليبية في وضع خطط تأمينية لتوفير تغطية صحية تساعد على تلقي المرضى الليبيين للعلاج في الخارج، وتكفل العروض التأمينية التي توفرها شركات التأمين العلاج داخل شبكة المصحات والمستشفيات في كل من ليبيا وتونس ودول أجنبية أخرى في حالتي الإيواء والعلاج الخارجي.

وفي وقت سابق أكد وزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيّد في لقاء مع نظيره الليبي انعقد بتونس على ضرورة وضع تصوّر مشترك لدفع التبادل في عدّة قطاعات مثل الصناعات الدوائية والإنتاج الغذائي، خاصة على مستوى المواد الأولية والخدمات الصحيّة.

ودعا وزير الاقتصاد والتجارة بحكومة الوحدة الوطنية الليبية محمد الحويج المصحات والمستشفيات التونسية لفتح فروع لها في ليبيا، متعهدا بتقديم تسهيلات أمام القطاع الطبي التونسي في البلاد، لزيادة التعاون في المجال الطبي، على مستوى الصناعة والاستثمار.

وقال الحويج، في مقطع مصور نشرته صفحة الوزارة على فيسبوك خلال لقائه سمير سعيد، إن “ليبيا تتطلع للتعاون مع تونس في المجال الطبي، خاصة أن تونس توصلت إلى 40 مصلا ووفرت 70 في المئة من الاحتياجات الدوائية”.

كما تحدث عن ضرورة التعاون في مجال صناعة الدواء، بالتعاون بين رجال الأعمال الليبيين والتونسيين للمشاركة في تنمية الخدمات الصحية وتوفير الاكتفاء الذاتي من الأدوية.

ويرى الحويج أن أغلب الخدمات الصحية لليبيين تقدم في تونس، وهو ما يشجع على دعوة المصحات والمستشفيات التونسية لفتح فروع لها في ليبيا، لاسيما في المناطق الحدودية مثل منطقة زوارة.

واعتبر أن المناطق الخاصة الحدودية التي أعلنتها الوزارة، وهي أكثر من المنطقة الحرة، تتمتع بمرونة أكثر من جميع النواحي، وتشجيع على التعاون في خارطة استثمارية لزيادة الناتج المحلي الإجمالي في البلدين.

خالد هدوي

صحافي تونسي

'