تعيينات “كهربائية” تثير توترا سياسيا عاليا في لبنان – مصدر24

تعيينات “كهربائية” تثير توترا سياسيا عاليا في لبنان

تعيينات “كهربائية” تثير توترا سياسيا عاليا في لبنان

تعيين مجلس إدارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان خطوة إصلاحية من وجهة النظر الحكومية لا تلقى رضا القوى السياسية التي ترى بأن آلية اختيار الأعضاء لم تخل من اعتبارات سياسية ومحاصصات حزبية.

بيروت – عينت الحكومة اللبنانية أخيرا مجلس إدارة جديد لمؤسسة كهرباء لبنان، في خطوة تأجلت كثيرا وهي من ضمن عدد من الإجراءات التي يترقبها صندوق النقد الدولي والدول المانحة التي تطالب لبنان بإجراء إصلاحات جوهرية لاسيما في القطاعات التي تستنزف خزينة الدولة.

وعلى غرار التعيينات السابقة، لم تخل الإدارة الجديدة من منطق المحاصصة الطائفية والسياسية، الأمر الذي يجعل كثيرين يتشككون في قدرتها على معالجة أزمة المؤسسة التي تقدر خسائرها بنحو ملياري دولار سنويا، بما يمثل ضغطا كبيرا على المالية العامة للدولة، التي تشهد تدهورا غير مسبوق في ظل شح الدولار.

ومن ضمن نحو 18 إسما طرح على طاولة مجلس الوزراء الثلاثاء، تم اختيار ستة أعضاء وهم كالآتي: طارق عبدالله (سنّي)، حسين سلوم (شيعي)، سامر سليم (درزي)، كريم سابا (أورثوذكس)، حبيب سرور (كاثوليك) وشادي كريدي (ماروني).

سمير جعجع: اعوجاج في البداية سيؤدي حكماً إلى اعوجاج في النتائج
سمير جعجع: اعوجاج في البداية سيؤدي حكماً إلى اعوجاج في النتائج

وتم إرجاء النظر في تعيين الهيئة الناظمة للكهرباء في انتظار تعديل قانون الهيئة، واعتبر البعض أن هذه الخطوة لا تخلو من ألاعيب سياسية وأن الهدف منها تحويل الهيئة إلى استشارية لإبقاء القرار بيد وزير الطاقة المحسوب على التيار الوطني الحر.

ويسيطر التيار الوطني الحر على وزارة الطاقة منذ نحو 10 سنوات، وكانت هذه الحقيبة في السابق بأيدي حركة أمل الشيعية.

ومع بداية التسريبات عن الأعضاء الذين تم اختيارهم لمجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان، انهالت التعليقات من الفرقاء السياسييين. وقال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في تغريدة على تويتر، “في ما يتعلق بملف الكهرباء، اعوجاج في البداية سيؤدي حكماً إلى اعوجاج في النتائج”.

وتساءل جعجع “أولاً، ما نفع الهيئة الناظمة إذا جرِّدت من صلاحياتها، كما هو مقترح، وأصبحت مجرد هيئة استشارية لوزير الطاقة”. وأضاف “ثانياً، ما نفع مجلس إدارة جديد إذا كان سيأتي على غرار مجالس الإدارة السابقة بالتعيين المباشر ومن دون اللجوء إلى الآلية التي كان مجلس النواب قد اقترحها. وهذا ما حدث اليوم في مجلس الوزراء”.

من جهتها قالت الكتلة النيابية لتيار المستقبل لم “نتفاجأ بسياسة ‘غب الطلب’ في ملف التعيينات وخصوصاً في ملف الكهرباء وقد قدّم العهد والحكومة الصماء نموذجًا مكررًا عن الأداء المريب وتأكيد أن قطاع الكهرباء لم يتحرّر من السيطرة السياسية”.

وفي وقت سابق، غرد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط قائلا “في التعيينات الحكومية الأكل على أبوجنب على حساب الكفاءة والطوائف ومنها الدروز مع ابتلاع قطاع الكهرباء والهيئة الناظمة بدل الإصلاح المطلوب”.

وجاء الاتفاق على مجلس الإدارة الجديد لمؤسسة كهرباء لبنان بعد تفاهمات جرت بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.

ويبني منتقدو المجلس الجديد موقفهم على اعتماد أقطاب السلطة السياسية الحاليين، على التعيين المباشر، بدل الالتزام بآلية التعيين التي جرى إقرارها قبل فترة في مجلس النواب، ورسى الاختيار على شخصيات ذات ميولات سياسية معروفة، فيما تم تجاهل أشخاص تقدموا لعضوية المجلس وهم يتمتعون بالكفاءة اللازمة.

الانتقادات للمجلس الجديد لم تقتصر فقط على القوى المعارضة بل وأيضا الحلفاء، حيث اعتبر الوزير السابق صالح الغريب المقرب من رئيس الحزب الديمقراطي طلال أرسلان أن “تعيين مجلس إدارة كهرباء لبنان خطوة إصلاحية مهمة، لكن الأهم هو تغيير طريقة تفكير إديسون غجر (وزير الطاقة ريمون غجر) في إدارة هذا القطاع”.

وتوجه الغريب لغجر بالقول في تغريدة على حسابه عبر تويتر، “الناس كفرت من انقطاع الكهرباء وهوّي نازل فينا آليات خنفشارية.. شرّف جيب الفيول والكهرباء لتبطل الناس تسبّك”.

وتشهد مختلف المناطق اللبنانيّة تقنينًا قاسيًا للتيار الكهربائي لساعات طويلة، في ظلّ شحّ في مادّة المازوت والوقود بسبب استحواذهما بالعملة الصعبة.

وأثر هذا التقنين ليس فقط على المواطنين بل وأيضا على مؤسسات الدولة ومنها المستشفيات في وقت تواجه الأخيرة وضعا ضاغطا بسبب أزمة تفشي جائحة كورونا.

وأعلنت إدارة مستشفى رفيق الحريري الجامعي مؤخرا أنه “بسبب الظروف القاسية التي تمرّ بها البلاد حالياً لناحية التقنين في الكهرباء، والتي طالت أخيراً المستشفى من خلال إخضاعه لجدول التقنين المطبق، قررت إدارة المستشفى اتخاذ إجراءات وتدابير لترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية منها إيقاف العمل في أجهزة التكييف في كافة المكاتب الإدارية وبعض الممرات من أجل إعطاء الأولية للمرضى حرصاً منها على صحتهم وسلامتهم”.

وأشارت الإدارة إلى أن “التبريد لم يتوقف في الأقسام الطبية كالعمليات والعناية الفائقة والطوارئ وغسيل الكلى وغيرها من الأقسام”.

ويواجه لبنان أزمة مالية واقتصادية خانقة نتيجة الفساد والهدر الذي يضرب أركانه منذ سنوات، ولعل أزمة الكهرباء المزمنة في هذا البلد خير معبر عن ذلك، وربط صندوق النقد الدولي مؤخرا عودة المحادثات مع لبنان بوجوب اتخاذ خطوات إصلاحية في هذا الملف الذي بات ضاغطا خصوصا وأن البلد بات مهددا بالعتمة.

'