تغليب المصالح المشتركة عنوان نقلة نوعية في علاقات الرياض وبغداد – مصدر24

تغليب المصالح المشتركة عنوان نقلة نوعية في علاقات الرياض وبغداد

تغليب المصالح المشتركة عنوان نقلة نوعية في علاقات الرياض وبغداد

معسكر الموالاة لإيران يهاجم تقارب بغداد والرياض رغم فوائده العملية للعراق.

طريق العراق لتصحيح مسار علاقاته مع بلدان محيطه والحدّ من اختلال التوازن في تلك العلاقات لمصلحة إيران، لن تكون ممهّدة وخالية من العوائق، لكنّ مصدر الدفع الأساسي للمضي بثبات في تلك الطريق هو تغليب العامل الاقتصادي والمصلحي على ما عداه من العوامل والاعتبارات السياسية والأيديولوجية وحتى الطائفية. وهو ما يبدو أن الرياض وبغداد على وعي تام به وتدفعان معا باتجاهه.

بغداد – تشهد العلاقات العراقية السعودية ما يصفه مراقبون بـ“أكبر عملية تصحيح لمسارها”، في إشارة إلى المراوحة بين البرود والتوتّر التي شابت تلك العلاقات طيلة عقود من الزمن، وجاءت الزيارة الأخيرة لوفد ضخم من المسؤولين السعوديين لبغداد وما نتج عنها من قرارات لتؤكّد دخولها عهدا جديدا يكون أساسه المصالح المشتركة والتنسيق والتعاون العملي في مجالات حيوية اقتصادية وأمنية وغيرها.
والتقت المساعي السعودية للعودة بقوّة إلى الساحة العراقية، مع رغبة طاقم الحكم الحالي في العراق في إحداث حالة من التوازن في علاقات البلد بمحيطه بهدف الاستفادة من مختلف بلدان الإقليم سعيا لتحقيق نقلة مطلوبة في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي لم يعد من الممكن تأجيلها تحت ضغط الشارع الملحّ في مطالبته بتحسين الأوضاع.
وبحسب مراقبين فإنّ الطريق أمام تلك المساعي لن تكون ممهّدة وخالية من العوائق في ظلّ اختلالات قائمة في المشهد السياسي العراقي الذي يعرف منذ سنة 2003 هيمنة قوى موالية لإيران على مقاليد السلطة ومدارج القرار، وهي قوى لا يتوقّع أن تكون مرحّبة بتوطيد العلاقات مع السعودية بشكل تعتقد أنّه سيكون على حساب نفوذ طهران التي لن يكون بمقدورها مجاراة الرياض في ما تعرضه على بغداد من مصالح ومنافع اقتصادية.
وبرز ذلك عمليا في مواقف أطراف عراقية مما تمّ تحقيقه خلال زيارة الوفد السعودي الكبير للعراق، حيث لم تسلم الزيارة من هجمات أطراف على صلة بإيران.
وقال عامر الفايز النائب عن تحالف الفتح القريب من إيران، معلّقا على منحة للعراق أعلنت عنها السعودية، إن “منحة المليار دولار ليست خيرية”، مضيفا أن هذه المنح يجب ألا تفرض على العراق الانخراط في محور إقليمي معيّن.
برهم صالح: اتسعت آفاق انفتاح العراق على مختلف البلدان بعد انتصاره على داعش
برهم صالح: اتسعت آفاق انفتاح العراق على مختلف البلدان بعد انتصاره على داعش
كما انتقد عباس الموسوي المتحدث باسم ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي ما سمّاه “رقص بعض العراقيين للزيارة السعودية من غير دف”.
وقال الموسوي إنّ عودة السعودية إلى فتح ملف “منفذ عرعر” لا يرتبط بمصالح العراق بل بمحاولة “إعادة مشروعها الذي فشل في سوريا”.
وعلى الطرف المقابل ترى دوائر سياسية عراقية أن العراق في حاجة إلى الانفتاح على جيرانه وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية، بغض النظر عن علاقته الملتبسة بإيران. وورد في أحد التحليلات السياسية التي رافقت زيارة الوفد السعودي لبغداد أنّه “لن يكون مطلوبا من العراق إذا ما طوّر علاقاته الاقتصادية مع السعودية أن يكون جزءا من محور ما. فالمملكة نفسها لا تفرض شرطا من ذلك النوع”.
ويضيف صاحب التحليل “إذا ما كان أتباع إيران في العراق يشككون في النوايا السعودية فإنهم لا ينطلقون من الواقع الذي يعيشه البلد في ظل توقعات اشتداد الأزمة بين إيران والولايات المتحدة والتي ستفرض على العراق أن يقف على مسافة من أطراف الصراع، بما يعني أنه في حاجة إلى أن ينوّع أسواقه قبل أن تقع الكارثة”، مشيرا إلى أنّ “السعودية تقدم الاقتصادي على السياسي في علاقتها بالعراق”، وأنّ “الرياض إذ تنفتح على العراق فإنها تقدم صورة عن مشروعها العملي في المنطقة بعيدا عن الخلفيات العقائدية وهو ما يعني أنّها تتعامل مع الدولة العراقية وليست مع طائفة بعينها”.
ونقلت زيارة وفد سعودي كبير إلى العراق، العلاقات بين البلدين الجارين من مرحلة التخطيط إلى التنفيذ، على ما أفاد وزير التجارة والاستثمار السعودي ماجد القصيبي، فيما كشف وزير الصناعة العراقي صالح الجبوري عن الانتهاء من إعداد صيغ ثلاث اتفاقيات كبرى في مجالات اقتصادية متنوعة، للتوقيع لدى الزيارة التي سيقوم بها رئيس الحكومة العراقية عادل عبدالمهدي إلى الرياض قريبا.
ووصل إلى بغداد الأربعاء وفد سعودي يضم نحو 100 مسؤول في شتى المجالات، بينهم 7 وزراء، ما وصف بأنه الخطوة الأضخم في مسار تعزيز العلاقات بين البلدين.
وعلى مدار يومين، التقى الوفد السعودي الذي يترأسه وزير الاستثمار ماجد القصيبي، كلا من رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي ورئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي. كما عقد اجتماعا مع وفد عراقي، في إطار مجلس التنسيق المشترك بين البلدين.
وأعلن القصيبي أن بلاده ستقدم منحة بقيمة مليار دولار أميركي للعراق، ونصف مليار أخرى لتعزيز التبادل البيني، مشيرا إلى أن كبرى الشركات السعودية في مجال الصناعات النفطية والبتروكيمياوية والعقارية تلقت عروضا حكومية لتنفيذ مشاريع استثمارية في العراق.
وقال إن العلاقات العراقية السعودية خرجت من مرحلة التخطيط و”لبست ثوب التنفيذ”، مشيرا إلى أن الوفد اتفق مع السلطات العراقية على موقع تنفيذ الملعب الرياضي الذي أهدته السعودية للعراق. وأكد أن “العمل سيبدأ قريبا” في المشروع. وبدا واضحا أن السعودية عازمة على الدخول بقوة إلى الساحة العراقية، لاسيما في قطاعات الاقتصاد والاستثمار.
وبحضور وزير الخارجية العراقي محمد الحكيم، افتتح الوفد السعودي قنصلية للرياض في بغداد، لتسهيل حصول العراقيين الراغبين بزيارة السعودية على سمات دخول.
وعلمت “العرب”، أن المسؤولين العراقيين قطعوا شوطا مهما في مباحثاتهم مع الجانب السعودي بشأن استثمار ضخم في محافظة البصرة، جنوب البلاد، في قطاع البتروكيمياويات.
وأعلن وزير التخطيط العراقي نوري الدليمي أن منفذ عرعر الحدودي بين العراق والسعودية سيفتتح قريبا لتعزيز التبادل البيني، فيما كشفت وزارة الخارجية العراقية عن موافقة الجانب السعودي على افتتاح قنصلية عراقية في مدينة الدمام.
وشملت مباحثات الوفد السعودي في بغداد جوانب مختلفة تتعلق بالتعاون الاستخباري وتعزيز التبادل الثقافي، فيما قال وزير الصناعة صالح الجبوري إن لجانا مشتركة بين البلدين وضعت اللمسات النهائية لتوقيع ثلاث اتفاقيات.
وقال الجبوري “لجنة الطاقة والصناعات التحويلية (ضمن المجلس التنسيقي المشترك) توصلت إلى ثلاث مذكرات تفاهم في مجالات الصناعة والنفط والكهرباء جاهزة للتوقيع خلال الزيارة المرتقبة لرئيس مجلس الوزراء عادل عبدالمهدي إلى السعودية”.
وقال رئيس الجمهورية برهم صالح لدى استقباله الوفد السعودي، إن “العراق يحرص على بناء علاقات مميزة مع المملكة وبقية أشقائه وجيرانه وفقا للمصالح المشتركة”.
وأضاف صالح أن “العراق بعد تحقيقه النصر الناجز على الإرهاب المتمثل بعصابات داعش، بات محطة جاذبة للمستثمرين لاسيما أن آفاق الاستثمار فيه أصبحت واعدة لانفتاحه على العالم والعلاقات الطيبة التي تربطه مع العديد من البلدان”.
من جهته أكد رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي “حرص مجلس النواب العراقي على توفير جميع التشريعات والقوانين بهدف تطوير القطاع الاستثماري والتجاري وبشكل يعزز العلاقات الثنائية مع الجانب السعودي”.
وخلال استقباله الوفد السعودي بحث الحلبوسي “تعزيز آفاق التعاون الثنائي بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين كما استعرض اللقاء مذكرات التفاهم التي تؤطر التعاون الثنائي في مختلف المجالات بين البلدين، فضلا عن المشاريع الاستثمارية المزمع إنشاؤها في العراق”.

'