جبهة سياسية لبنانية مناوئة لعون وتياره – مصدر24

جبهة سياسية لبنانية مناوئة لعون وتياره

نجح رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في حشد دعم أطراف سياسية مؤثرة لتفادي فراغ رئاسي محتمل يعمل على تكريسه الرئيس المنتهية ولايته ميشال عون وتياره السياسي. ويقوم المخرج على تولي حكومة تصريف الأعمال الحالية صلاحيات رئاسة الجمهورية في حال مواصلة عون تعطيل ولادة الحكومة الجديدة.

بيروت – دخلت المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للبنان أسبوعها الثاني، على وقع تصعيد في المواقف يُنذِر بمسار شائِك يزيد من تعقيداته شبه استحالة الاتفاق على حكومة جديدة، وتشكّل تحالف في وجه الرئيس ميشال عون وتياره السياسي (التيار الوطني الحر) يقوده رئيس مجلس النواب نبيه بري، ويضم رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي ورئيس الحزب الاشتراكي التقدمي وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.

ويهدف التحالف إلى منع دخول لبنان في فراغ رئاسي وحكومي يعمل الرئيس عون وصهره رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل على تكريسه، ما يزيد من تأزيم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية في البلاد، إذ يشترط المانحون الغربيون استقرارا سياسيا على مستوى المؤسسات للمضي قدما في دعم خطط لبنان الإصلاحية.

ويهوّن التحالف من شأن الفراغ الرئاسي عبر تبنيه فتوى دستورية تجيز نقل صلاحيات رئيس الجمهورية إلى حكومة تصريف الأعمال الحالية في صورة إصرار عون وتياره على الفراغ.

ويعارض الرئيس عون وتياره هذا المخرج الدستوري، مشيرا إلى أن حكومة تصريف الأعمال اللبنانية لن تكون قادرة على ممارسة مسؤولياتها على نحو كامل، في حال تعذر انتخاب رئيس جديد للجمهورية ضمن المواعيد الدستورية لأي سبب كان. وأكد عون أن الفراغ الرئاسي لا يمكن تغطيته بسلطة تنفيذية غير مكتملة الصلاحيات وغير حائزة على ثقة مجلس النواب.

نبيه بري: البرلمان لا يفقد صلاحيته في التشريع في ظل الفراغ

وبعد أسبوع على تصعيد بري ضد التيار، وتأكيده أن المجلس النيابي هو من يفسّر الدستور، وغداة الهجوم غير المسبوق لجعجع على الرئيس عون والتيار برعاية البطريركية المارونية، سُجّل موقف صريح لميقاتي من الحكومة، بقوله إن حكومة تصريف الأعمال يمكنها بموجب الدستور تولي مهام رئاسة الجمهورية في حالة الشغور الرئاسي.

وصرح ميقاتي عقب لقائه الاثنين جنبلاط في بيروت “جنبلاط كان صرح سابقا بأن هذه الحكومة، في حال الشغور الرئاسي، ستنتقل إليها صلاحيات رئيس الجمهورية. لا يوجد ما يسمى بفراغ رئاسي بل شغور والدستور واضح في هذا الموضوع، وهذه الحكومة تنتقل إليها صلاحيات الرئيس في حال حصول أيّ شغور رئاسي”.

وعن موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري قال “سألتقيه وسنبحث في كل الأمور”. وكان بري قد أكد في وقت سابق أن البرلمان لا يفقد صلاحيته في التشريع في ظل الفراغ.

وتابع ميقاتي “كل الآراء والاستشارات الدستورية التي صدرت حتى الآن أكدت أن الدستور نص على انتقال الصلاحيات إلى الحكومة، ولم يحدد ما إذا كانت حكومة تصريف أعمال أم لا، وما من شيء يُسمّى فراغ إنّما شغور رئاسي”. وأردف “الدستور ينبذُ الفراغ حقا، وكلّ المبادرات بشأن الملف الرئاسي جيّدة والترجمة لها يجب أن تكون في الذهاب إلى مجلس النواب لحضور جلسة انتخاب الرئيس، ونحن حريصون على أن يجري الاستحقاق المنتظر في موعده وهذا أمر ضروري”.

ويأتي الاستحقاق الرئاسي في ظل حكومة مستقيلة منذ إجراء الانتخابات البرلمانية في مايو الماضي، بينما الحكومة الجديدة برئاسة ميقاتي، الذي أعيد تكليفه في يونيو الماضي، لم تؤلف بعد.

ومنذ اتفاق الطائف عام 1989 الذي أنهى 15 عاما من الحرب الأهلية اللبنانية (1975 – 1990)، لم تُنجز غالبية الاستحقاقات الدستورية في موعدها، نظرا إلى التعقيدات والخلافات السياسية المتكررة.

وما يفتح باب التكهنات أكثر حول هذا الاستحقاق الرئاسي هو أن أبرز زعماء الأحزاب المسيحيين الموارنة لم يعلنوا صراحة ترشحهم للرئاسة بعد، مثل جعجع وباسيل ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية.

والمعطيات الواردة من داخل البرلمان تعكس محاولات للتوافق على مرشح، خشية مقاطعة نيابية لجلسات الانتخاب، والحؤول دون انتخاب الرئيس الرابع عشر للبنان منذ استقلاله عن فرنسا عام 1946 ضمن المهلة المحددة.

 

 الاستحقاق الرئاسي يأتي في ظل حكومة مستقيلة منذ إجراء الانتخابات البرلمانية، بينما الحكومة الجديدة برئاسة ميقاتي، الذي أعيد تكليفه في يونيو الماضي، لم تؤلف بعد

ويتم انتخاب رئيس الجمهورية بغالبية ثلثي أعضاء البرلمان المؤلف من 128 عضوا، أي 86 نائبا في الدورة الأولى، وبالأغلبية المطلقة في الدورة الثانية أي 65 نائبا.

ويقوم النظام السياسي اللبناني على أساس اقتسام السلطات والمناصب وفقا للانتماءات الدينية والطائفية، بحيث يكون رئيس الجمهورية مسيحيا مارونيا ورئيس البرلمان شيعيا ورئيس الحكومة سُنيا.

وفي الأول من سبتمبر بدأت مهلة انتخاب رئيس جديد للجمهورية من جانب أعضاء مجلس النواب، وتنتهي في الحادي والثلاثين من أكتوبر، وذلك خلفا للرئيس عون الذي يتولى المنصب منذ عام 2016.

وبعد 29 شهرا من الفراغ الرئاسي، وصل عون إلى الرئاسة إثر تسوية سياسية بين أبرز المكونات المسيحية والسُنية والشيعية، إلا أن تكرار مثل هذه التسوية قد يكون صعبا هذه المرة نتيجة متغيرات عديدة شهدتها البلاد.

لكن هذه التسوية التي أُبرمت بين عون وحليفته جماعة حزب الله (شيعية) وخصمه المسيحي حزب القوات وأبرز مكون سني “تيار المستقبل”، انهارت أواخر 2019 إثر احتجاجات شعبية تبعها انفجار ضخم بمرفأ العاصمة بيروت عام 2020 وأزمة اقتصادية حادة مستمرة.

'