جونسون أمام إخفاقاته: بريكست وكورونا يهددان وحدة المملكة المتحدة – مصدر24

جونسون أمام إخفاقاته: بريكست وكورونا يهددان وحدة المملكة المتحدة

شكّل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) محركا لإعادة الزخم للنزعات الانفصالية في بريطانيا، والتي بدا أنها انتهت مع فشل استفتاء تقرير المصير في العام 2014 في أسكتلندا وانتهاء الاقتتال الذي أدمى مقاطعة أيرلندا الشمالية، ما يضع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أمام تحدي الحفاظ على وحدة المملكة المتحدة.

لندن – زار رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الخميس أسكتلندا التي ترتفع فيها نسبة التأييد لاستقلالها بسبب بريكست وإدارة وباء كورونا، للتأكيد على أهمية وحدة المملكة المتحدة، في وقت عادت فيه مسألة توحيد جزيرة أيرلندا لتتصدر المشهد بعد أكثر من 20 عاما على اتفاق الجمعة العظيمة.

وتأتي زيارة جونسون إلى أسكتلندا بينما عادت الدعوات إلى الاستقلال بقوة يغذيها بريكست الذي صوت غالبية الأسكتلنديين ضده، وبعد انتقادات كثيرة لإدارة الوباء من قبل لندن.

وتطالب رئيسة وزراء أسكتلندا نيكولا ستورجون منذ أشهر بإجراء استفتاء جديد حول تقرير المصير، إلا أن الحكومة المركزية في لندن ترفض ذلك.

ورغم معارضة جونسون الذي لا يريد أن ينفرط عقد المملكة في عهده، فإن المشهد في أسكتلندا يشهد حالة من التعبئة للضغط على الحكومة البريطانية للقبول باستفتاء جديد بعد الاستفتاء الأول الذي تم تنظيمه سنة 2014 ورجّح كفة البقاء وعدم الانفصال.

وتراهن ستورجون على فوز حزبها في الانتخابات التشريعية القادمة لتدعيم موقفها الداعي إلى استفتاء ثانٍ على تقرير المصير، فيما يعارض جونسون ذلك بشدة مشيرا إلى أن الأسكتلنديين صوتوا بالفعل بنسبة 55 في المئة في 2014 مع البقاء في المملكة المتحدة.

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن الاستقلاليين سيفوزون في هذا الاستفتاء الذي تعتزم رئيسة الوزراء تنظيمه بعد الوباء إذا أفضت الانتخابات المحلية التي ستجرى في مايو إلى أغلبية استقلالية في البرلمان الأسكتلندي. وترجّح استطلاعات الرأي أن يحقق الحزب الوطني الأسكتلندي فوزا كبيرا في هذا الاقتراع.

غوردون براون: فشل الحوكمة والإصلاحات قد يؤديان إلى تفتت البلاد
غوردون براون: فشل الحوكمة والإصلاحات قد يؤديان إلى تفتت البلاد

وتقول أستاذة السياسة الإقليمية في جامعة إدنبرة نيكولا ماك إيون، إن “الحزب الوطني الأسكتلندي يأمل في أنه كلما كان أداؤه الانتخابي أقوى، سيكون صعبا على رئيس الوزراء البريطاني مواصلة الرفض”.

ومع ذلك، لا توجد مؤشرات على الإطلاق على أن زعيم المحافظين سيستسلم للمطلب الأسكتلندي في نهاية المطاف. فإذا استقلت أسكتلندا، فهي ستدخل الاتحاد الأوروبي وتتخلى عن الجنيه الإسترليني، وستُقيم حدودا أكثر صرامة مع بريطانيا للحفاظ على وحدة السوق الأوروبية الموحدة.

وتتمثل أكبر مشكلة أمام أسكتلندا في طريق الاستقلال في إلزامية حصولها على إذن من البرلمان البريطاني لإجراء استفتاء حول الاستقلال بموجب المادة 30 من القانون الخاصة بأسكتلندا.

ويرى مراقبون استحالة صدور إذن من البرلمان البريطاني في ظل سيطرة حزب المحافظين على أغلبية المقاعد.

ودعا رئيس الوزراء العمالي السابق غوردون براون المولود في أسكتلندا الاثنين إلى إصلاحات عاجلة للحوكمة في المملكة المتحدة، محذرا من أن فشلا في هذا المجال قد يؤدي إلى تفتت البلاد، وقال “أعتقد أن الخيار الآن بين دولة تم إصلاحها ودولة فاشلة”.

وغرقت بريطانيا، المؤلفة من أربع مقاطعات، في انقسام عميق منذ استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي في العام 2016، ففي حين صوّتت إنجلترا وويلز لصالح الخروج، أيّدت أيرلندا الشمالية وأسكتلندا البقاء.

وعادت مسألة توحيد جزيرة أيرلندا لتتصدر المشهد بعد أكثر من 20 عاما على نهاية مرحلة الاقتتال التي أدمت مقاطعة أيرلندا الشمالية البريطانية.

وأنهى اتفاق سلام وقع عام 1998 القتال العنيف بين الجمهوريين الكاثوليك المؤيدين لتوحيد الجزيرة، والبروتستانت المؤيدين للبقاء تحت التاج البريطاني، والذي أسفر عن مقتل 3500 شخص على مدى ثلاثة عقود.

وعلى خلفية ذلك، ينظر الكثيرون بسلبية إلى الحدود التي ستنشأ من جديد مع جمهورية أيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي، رغم سعي الأوروبيين والبريطانيين إلى جعلها غير مرئية إلى أقصى الحدود.

وفي فبراير، رأت زعيمة الحزب القومي شين فين ماري لو ماكدونالد، التي فاز حزبها بالأصوات الشعبية في الانتخابات التشريعية في جمهورية أيرلندا، أن استفتاء حول وحدة الجزيرة قد يُعقد في السنوات الثلاث أو الخمس المقبلة، معتبرة أن بريكست قد “غيّر قواعد اللعبة”.

لكن بالنسبة إلى دبلن، فالأولوية هي الحفاظ على السلام، “فالسيناريو الكارثي سيكون فوزا قصيرا للوحدة، يؤدي إلى ردّ عنيف من جانب مؤيدي البقاء مع بريطانيا”.

وبعد أن اختار معسكر بريكست خلال استفتاء العام 2016 وصل جونسون إلى منصب رئيس الوزراء وقاد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. لكن يبقى معرفة ما إذا كان مستقبله السياسي سيشهد أكثر إشراقا.

وأظهر استطلاع جديد للرأي أن رئيس الوزراء البريطاني في طريقه إلى خسارة مقعده بالبرلمان، كما أنه من المستبعد أن يفوز أي من الحزبين الرئيسيين بأغلبية مطلقة في الانتخابات العامة المقبلة التي تجرى في 2024 على أقرب تقدير.

'