حزب الله وداعمته إيران في مهب الانتخابات الأميركية – مصدر24

حزب الله وداعمته إيران في مهب الانتخابات الأميركية

صعدت الولايات المتحدة من إجراءاتها ضد حزب الله وداعمته إيران، في خطوة ربطها البعض بالانتخابات الرئاسية الأميركية التي تنظر لها طهران على أنها مصيرية، لجهة أن بقاء الرئيس دونالد ترامب لولاية ثانية سيعني الاضطرار للتسليم حيث لن تكون لها فرصة لالتقاط الأنفاس.

بيروت – صعدت الولايات المتحدة من ضغوطها على حزب الله اللبناني، حيث أدرجت اثنين من قياداته ضمن لائحة الإرهاب، في خطوة تعكس في الظاهر فصلا بين مساري التفاوض حول ترسيم الحدود بين إسرائيل ولبنان، وتشكيل حكومة لبنانية جديدة، وبين تشديد الضغوط على الحزب المدعوم من إيران والذي تعتبره تهديدا خطيرا للأمن الدولي.

وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية أن الولايات المتحدة فرضت عقوبات على اثنين من مسؤولي حزب الله، وهما نبيل قاووق عضو المجلس التنفيذي للحزب والذي قاتل أثناء الاحتلال العسكري الإسرائيلي لجنوب لبنان في الفترة بين 1982 و2000، وحسن البغدادي.

وقالت وزارة الخزانة إن قاووق والبغدادي عضوان في مجلس حزب الله المسؤول عن انتخاب مجلس الشورى، أعلى هيئة لصنع القرار في الحزب “والذي يصوغ السياسات ويسيطر على جميع جوانب الأنشطة بما في ذلك الأنشطة العسكرية”.

مايك بومبيو: ندعو جميع الدول إلى تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية
مايك بومبيو: ندعو جميع الدول إلى تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية

وأضافت أن قاووق ألقى خطبا هدد فيها بمحاربة إسرائيل وندد بالوجود الأميركي في الشرق الأوسط وأشاد بأسلوب هجمات حزب الله. وتابعت أن البغدادي دافع بدوره عن الهجمات على الأميركيين وأشاد بالحرس الثوري الإيراني ومقاتليه في سوريا والعراق لاستهدافه قواعد عسكرية أميركية.

وتجمد مثل هذه الخطوة أي أصول بالولايات المتحدة للمدرجين على القائمة السوداء وتمنع الأميركيين بوجه عام من التعامل معهم. وقالت الوزارة إن من يدخلون في معاملات معينة مع المدرجين بالقائمة السوداء معرضون أيضا لفرض عقوبات.

وتأتي العقوبات الجديدة ضمن حزمة استهدفت أيضا كيانات مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، وأيضا سفير طهران في العراق إيراج مسجدي.

وكانت الولايات المتحدة أعلنت الأسبوع الجاري عن رصد مكافآت مالية بقيمة 5 ملايين دولار لقاء معلومات عن القياديين العسكريين في حزب الله هيثم علي طبطبائي، ويوسف خليل حرب، لدورهما في عمليات الحزب في كل من سوريا واليمن والأراضي الفلسطينية.

ويرى مراقبون أن توالي الإعلانات الأميركية عن عقوبات بحق حزب الله وداعمته إيران، لا يخلو من اعتبارات انتخابية لاسيما مع اقتراب الاستحقاق الرئاسي في الولايات المتحدة.

ويشير المراقبون إلى أن إدارة دونالد ترامب مؤمنة بأن ممارسة أقصى الضغوط على إيران وأذرعها من شأنها أن تدفع طهران إلى الرضوخ لمطالب واشنطن والقوى الحليفة في المنطقة، في المقابل فإن النظام الإيراني يرى أن لا خيار أمامه سوى تجاوز عاصفة الانتخابات الأميركية على أمل أن يفوز الديمقراطي جو بايدن.

ووجّه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الجمعة دعوة إلى العالم لتصنيف حزب الله كمنظمة “إرهابية” بالكامل. وقال في تغريدة على موقع  “تويتر” “في ذكرى مقتل 241 من أفراد الخدمة الأميركية الشجعان في الهجوم الإرهابي عام 1983 على ثكنة مشاة البحرية في بيروت تدعو الولايات المتحدة جميع الدول إلى تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية بالكامل”.

ويقول المراقبون في حال فاز ترامب بولاية جديدة وهذا محتمل بنسبة كبيرة رغم استطلاعات الرأي التي تصب في صالح بايدن، فإن إيران حتما ستجد نفسها في موقف صعب قد يضطرها إلى التنازل والجلوس على الطاولة وفق الشروط الأميركية.

ويلفت المراقبون إلى أن اعتقاد إيران بأن الأمر سيكون أسهل في حضرة بايدن قد يجانبه الصواب، خاصة وأن الكثير من الوقائع تغيرت وبالتالي فإن العودة إلى الاتفاق النووي الذي وقعته إدارة باراك أوباما وانسحب منه ترامب، ليست مرجحة.

وتفصل الولايات المتحدة في الظاهر بين مفاوضات ترسيم الحدود الإسرائيلية اللبنانية التي انطلقت في وقت سابق من هذا الشهر ويرجح أن تستأنف الأربعاء المقبل، وبين العقوبات على حزب الله وهذا ينسحب أيضا على ملف التشكيل الحكومي اللبناني الذي شهد انفراجة الخميس بعد تمكن زعيم تيار المستقبل سعد الحريري من الحصول على التكليف وإن بغالبية ضعيفة.

مهمة صعبة
مهمة صعبة

وأكد ديفيد شينكر مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى في وقت سابق أن تشكيل الحكومة اللبنانية لن يغير سياسات واشنطن في مواصلة فرض العقوبات على حزب الله وحلفائه في لبنان.

وقال شينكر في مؤتمر صحافي عبر الهاتف “أيا كانت الحكومة التالية، يتعين عليها أن تلتزم وتكون قادرة على تنفيذ إصلاحات يمكن أن تقود إلى تحقيق فرص اقتصادية وحوكمة أفضل وتقضي على الفساد المستشري”.

ورفض المسؤول الأميركي التعليق على تنصيب الحريري رئيسا للوزراء لفترة رابعة من أجل مواجهة أسوأ أزمة تشهدها البلاد منذ الحرب الأهلية التي شهدتها بين عامي 1975 و1990. وقال شينكر “أمامنا الكثير لنعمل على إصلاحه، لذا فنحن متمسكون بالمبادئ أكثر من الأشخاص وسنتحفظ على إصدار حكم”.

وبدأ الحريري الجمعة جهود تشكيل حكومة جديدة مؤلفة من اختصاصيين، ولئن تظهر القوى السياسية حتى تلك التي لم تسمه للمنصب دعما ظاهريا لهذه الجهود بيد أن محللين يرون أن مهمة زعيم تيار المستقبل لن تكون سهلة.

وقال رئيس الحكومة المكلف في ختام استشارات نيابية غير ملزمة “إننا سنشكل حكومة اختصاصيين تقوم بالعمل حسب الورقة الإصلاحية الفرنسية، التي تتضمن إصلاحات كان يجب أن نقوم بها منذ وقت طويل، لكننا الآن سنقوم بها، ولسوء الحظ كل التأخير أوصلنا إلى هنا”، لافتا إلى أن “هناك انهيارا في البلد وعلينا التعامل مع هذه الفرصة وأن نضع الاختلاف جانبا ونكون إيجابيين حتى نستعيد الثقة إن كان بين المواطن والدولة أو بين الدولة والمجتمع الدولي”.

وكانت فرنسا طرحت مبادرة في سبتمبر الماضي تقضي بتشكيل حكومة اختصاصيين لمدة أشهر تتولى الإصلاحات التي يطالب بها المجتمع الدولي وبينها ملف الكهرباء، على أن تعقبها انتخابات نيابية، ولئن أبدت القوى السياسية دون استثناء دعمها للمبادرة إلا أنها تراجعت أمام أول اختبار.

وحالت عقبات دون تشكيل مصطفى أديب للحكومة، أبرزها التمسك بحقيبة وزارة المالية من طرف الثنائي الشيعي “حركة أمل وحزب الله”، ما أعاد الحريري إلى صدارة المشهد اللبناني مجددا.

ويعاني لبنان، منذ أشهر، أزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975 – 1990)، إضافة إلى استقطاب سياسي حاد، في مشهد تتصارع فيه مصالح دول إقليمية وغربية.

'