حضور لافت للسلطان قابوس بعد غياب طويل – مصدر24

حضور لافت للسلطان قابوس بعد غياب طويل

مسقط – على غير العادة، كانت للسلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان لقاءات متعددة في الأيام الماضية مع مسؤولين عرب وأجانب ومحليين، وهو المعروف بتجنّبه لأضواء الإعلام، مما يشير إلى رغبة رسمية للسلطنة في إعادة الحيوية إلى دورها في الملفات الإقليمية والذي لعبته في مناسبات سابقة سواء ما تعلق بفتح قنوات تواصل غربية مع إيران، أو رعاية مفاوضات متعددة تخص الملف اليمني.

وأكد السلطان قابوس حرص بلاده على تعزيز التفاهم والحوار بين الدول، لحل القضايا بالطرق السلمية.

وجاءت تصريحات السلطان قابوس خلال اجتماع لمجلس الوزراء في مسقط، استعرض عددا من الأوضاع الإقليمية والدولية، وفق ما نقلته وكالة الأنباء العمانية، الجمعة.

وقال السلطان قابوس، إن السلطنة، تؤكد “حرصها الدائم والمستمر على تعزيز التفاهم والحوار البناء والتعاون بين الدول من أجل حل كافة القضايا بالطرق السلمية وسط أجواء آمنة ومستقرة”. وأبدى “تفاؤله بالجهود المبذولة لإحلال الاستقرار في المنطقة”.

والثلاثاء، جمع لقاء السلطان قابوس ونائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، في مسقط، عقب توقيع اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي. كما التقى الجمعة السفير الأميركي لدى مسقط مارك جي سفيرز، ووزعت وكالة الأنباء العمانية صورا متعددة لأداء مسؤولين حكوميين كبار القسم أمام السلطان.

واعتبر متابعون للشأن العُماني أن الظهور المتتالي للسلطان قابوس ولقاءاته مع مسؤولين عرب وأجانب وترؤسه مجلس الوزراء فيه طمأنة للعمانيين بأن السلطان استعاد عافيته. كما هدف إلى تبديد المخاوف التي لازمت رحلة علاجه الطويلة بشأن مستقبل السلطنة واستقرارها السياسي.

وأشار هؤلاء إلى أن هناك رسالة واضحة من اللقاءات الأخيرة، وهي أن السلطان قابوس، الذي استعاد عافيته، بدأ يستعيد حضوره الاعتباري والإمساك بالملفات الحيوية، خاصة ما يتعلق بالملفات التي تخص السعودية ودول الخليج الأخرى، في وقت ساد فيه اعتقاد بأن غيابه عن تلك الملفات قد أطلق أيدي مسؤولين من الدرجة الثانية في السلطنة لحرف موقف مسقط الذي كان أقرب إلى دول مجلس التعاون برغم الحياد، لكنه أصبح أميل لإيران وأذرعها في المنطقة، ودفعها إلى تموقع إقليمي يتنافى مع حيادها في الملف اليمني.

وفيما كانت مسقط بمثابة فناء خلفي للحوثيين وفتحت لهم قنوات التواصل والاعتراف مع دول غربية، في تقاطع مع مصالح الرياض، فإن بيان الخارجية العمانية الأخير بعد لقاء السلطان قابوس مع الأمير خالد بن سلمان المكلف بالملف اليمني، كشف عن تعديل واضح في الموقف العماني ليتماشى مع رؤية السلطان والدبلوماسية الهادئة التي كان يعتمدها، والتي تضع على رأس أولوياتها مراعاة الموقف السعودي.

Thumbnail

وقال البيان إن سلطنة عمان تأمل في الوصول إلى تسوية شاملة تنهي الأزمة اليمنية، وأنها “ترحب بجهود السعودية في التوصل إلى اتفاق الرياض بين بعض الأطراف اليمنية”.

وترى أوساط خليجية أن من مصلحة سلطنة عمان أن تدعم مساعي السعودية لتوسيع اتفاق الرياض ليشمل الحوثيين لأن ذلك سيريحها من الرهان على مجموعة متمردة باتت تمثل عبئا عليها بعد أن طال أمد الحرب ولم تعد الوساطة قادرة على أن تفضي إلى نتائج دون السعودية.

ومن شأن حل شامل في اليمن بمشاركة السعودية ورضاها أن يقلل من الضغوط على السلطنة بشأن الاتهامات التي توجه لها على أنها تسير في فلك إيران وحساباتها، وأنها دفعت إلى اصطفاف يناقض روح دبلوماسيتها القائمة على الحياد في ما بات يعرف بخلية مسقط التي كانت منصة ركبتها قطر والإخوان والحوثيون والحراك الجنوبي الموالي لإيران لإرباك جهود السعودية الهادفة إلى تطبيع الأوضاع في عدن قبل التوصل إلى اتفاق الرياض كأرضية صلبة للحل الأشمل.

وعملت هذه الخلية على توسيع الخلاف العماني السعودي بشأن محافظة المهرة. لكن إمساك السلطان قابوس بالملفات الحيوية وإذابة الجليد مع الرياض من شأنه أن يبدد تلك اللعبة، وأن يعيد الحوار كآلية رئيسية بين مسقط والرياض وبقية العواصم الخليجية وينهي حالة البرود التي رافقت ميلا عمانيا غير مفهوم لأجندات إيران.

ولا تقف دول الخليج ضد انفتاح مسقط على طهران، أو أن تقود وساطة لفائدتها، لكنها تشترط أن تفضي تلك الوساطة إلى نتائج عملية تظهر على الأرض خاصة في اليمن، وأن أربعين سنة من عمر ثورة الخميني وما رافقها من عداء إيراني لدول الخليج ومصالحها لا يمكن أن تبددها الوعود أو التعهدات الشخصية من أي جهة.

ولجأ مسؤولون إيرانيون في الآونة الأخيرة إلى إطلاق تصريحات تغازل دول الخليج، وتسوق لمبادرة حوار إيرانية ليس فيها من محتوى سوى هدف إذابة الجليد مع دول مجلس التعاون، وخاصة السعودية، التي تنظر إلى المحاولة الإيرانية على أنها مناورة ظرفية لتلافي الضغوط الدولية، وخاصة في ظل إصرار واشنطن على فرض المزيد من العقوبات على طهران.

'