“حظر تجول” يعيد إلهام شاهين لمنصة التتوي – مصدر24

“حظر تجول” يعيد إلهام شاهين لمنصة التتوي

تألقت الفنانة المصرية المخضرمة إلهام شاهين في أداء وتجسيد دور الأم المنبوذة من ابنتها بعد تورّطها في جريمة قتل زوجها، وذلك عبر الفيلم المصري “حظر تجول” الذي عرض ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الثانية والأربعين، والتي توجّت من خلاله بجائزة أفضل ممثلة مناصفة مع الممثلة الروسية نتاليا بافلينكوفا عن دورها في فيلم «مؤتمر».

القاهرة – قدّمت الفنانة المصرية إلهام شاهين العديد من الشخصيات الفنية التي وضعتها في الصفوف الأولى للنجمات العربيات، لكنها لا تزال تحلم بتقديم شخصيات نسوية فرعونية، مثل كيلوباترا وحتشبسوت، لأنها تعدّ من الأعمال المختلفة والجذّابة، وتقدّم شكلا جديدا عمّا يجري حاليا، وتنتظر شركة الإنتاج التي تتحمّس لهذه النوعية من الأفلام أو المسلسلات، فقد دفعها شغفها بالتاريخ للاطلاع على العديد من الشخصيات الثرية.

وأجادت شاهين تقديم الكثير من الأعمال الفنية التي تتناول قضايا نسوية شائكة، آخرها فيلم “حظر تجول” الذي نالت عليه جائزة أفضل ممثلة في الدورة الـ42 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الذي انتهت فعالياته مؤخرا، وكان بمثابة عودة لها بعد غياب استمر نحو أربع سنوات منذ فيلمها “يوم للستات”.

عوامل النجاح

تألق جديد لإلهام شاهين
تألق جديد لإلهام شاهين

قالت الفنانة شاهين في حوارها مع”العرب”، إنها وصلت إلى مكانة كبيرة، ولديها ثقة كاملة في جمهورها جعلتها لا تظهر في أي عمل لمجرد التواجد الفني فقط، لذلك تدقّق في كل خطواتها الفنية حفاظا على ما حقّقته خلال سنوات عمرها وتاريخها الطويل، ولن تقبل سوى بالأدوار التي تعزّز حضورها.

وأضافت أنها تفضل الجلوس دون عمل على المشاركة في أعمال لا ترغب فيها أو لمجرد الظهور، وقد حدث ذلك بالفعل بعد آخر أفلامها “يوم للستات”، والجزء السادس من مسلسل “ليالي الحلمية”، فلم تجد ما يرضي غرورها الفني، لذلك ظلت نحو أربعة أعوام بعيدة عن الشاشة، حتى عرض عليها فيلم “حظر تجول” منذ أكثر من عام ووافقت عليه دون تردّد لأهمية القصة التي يتناولها.

من المقرّر أن يعرض فيلم “حظر تجول” في دور العرض السينمائي الأربعاء 30 ديسمبر الجاري، وتشاركها فيه البطولة أمينة خليل، وأحمد مجدي، ومحمود الليثي، والفلسطيني كامل الباشا الحاصل على جائزة أفضل ممثل في الدورة الـ74 من مهرجان البندقية السينمائي الدولي عن فيلم “قضية رقم 23” لزياد دويري.

والفيلم تصوير عمر أبودومة، وتصميم أزياء ناهد نصرالله، وموسيقى تصويرية لتامر كروان، ومن تأليف وإخراج أمير رمسيس، يتناول قصة فاتن بعد مرور عشرين عاما على خروجها من السجن بسبب ارتكابها جريمة قتل زوجها.

وتعود الأحداث إلى خريف عام 2013 بعد فرض حظر التجوال في عموم مصر، والذي أجبر فاتن على قضاء ليلتها عند ابنتها ليلى، التي تضعها أمام محاكمة ثانية بحثا عن إجابات لأسئلة مسكوت عنها، لتمرّ الليلة في محاولة كل منهما لتقبل الأخرى.

وأوضحت الفنانة المصرية في حوارها مع “العرب” أنها شعرت بسعادة غامرة لم تشعر بها من قبل عند تلقيها خبر اختيارها كأفضل ممثلة في مهرجان القاهرة السينمائي، لأنها بالفعل بذلت مجهودا كبيرا لتجسيد شخصية فاتن، ومرّت بالعديد من المراحل الصعبة.

قضية زنا المحارم التي تناولها الفيلم، لا بد من تسليط الضوء عليها بعد أن تجرد البعض من مشاعر الأبوة نحو أبنائهم

وكشفت أن تصوير العمل استغرق وقتا طويلا، وتعايشت مع الدور فترة كبيرة كي تتقن تقمّص الشخصية، حيث شعرت كأنها فاتن فعلا، وعندما نالت التكريم شعرت بأحاسيس مضطربة، وما أرضاها أنها نجحت في توصيل رسالة الدور إلى قلب وعقل الجمهور.

وعبّرت عن سعادتها بهذه النقلة، لأنها كانت أوشكت أن تفقد الأمل في إيجاد دور قويّ بعد عرض الكثير من الأعمال عليها، ووجدت أنها لن تضيف إلى مشوارها الفني شيئا، لذلك كان التدقيق شديدا، مثمنة قيمة وأهمية الجائزة التي حصلت عليها، قائلة “يستحقها جميع فريق العمل بلا استثناء”.

وأكّدت النجمة المصرية أن الدور جذبها منذ قراءة أول مشهد في السيناريو الذي عرضه عليها مؤلف ومخرج العمل أمير رمسيس، فشخصية فاتن صعبة للغاية لأنها تقدّم معاناة المرأة المقهورة التي تريد الحفاظ على حياتها وأخلاقها.

ومرّت الشخصية بالعديد من المراحل الصعبة، منذ رؤيتها زوجها يتحرّش بابنتها الصغيرة ليلى وقتلها له، وسجنها لمدة 20 عاما، وتقبلها اتهامها بالخيانة سنوات طويلة حتى لا تخبر ابنتها بالحقيقة، وأن والدها كان سيدمّر مستقبلها، وكي لا تعيش حياتها وتلاحقها وصمة عار تدمّرها.

مشاعر متناقضة

إلهام شاهين اعتبرت أن دور فاتن في فيلم “حظر تجول” أرضى تطلعاتها الفنية بعد اختيارها الغياب

قالت شاهين إن البطلة مرّت بمجموعة كبيرة من المشاعر المتناقضة والمختلطة، من الصعب تحملها خاصة أنها بالفعل كانت متعاطفة مع فاتن، ورأت فيها نموذجا للمرأة القوية والمتماسكة، فقد ظلت صامدة ومتحملة كل الظلم الواقع عليها وعلى سمعتها، لأجل الحفاظ على ابنتها فقط.

وتحرص الفنانات دائما على المحافظة على شكلهنّ ومداراة كبر عمرهنّ، لكن إلهام شاهين في شخصية فاتن كسرت كل القواعد وظهرت بسن كبير.

وأشارت الفنانة في حوارها مع “العرب” إلى أنها لا تخشى من ذلك، فهي فنانة في كل الأحوال وتستطيع الظهور في كل الأعمار، وشخصية فاتن كانت تستلزم الظهور بهذا الشكل وتأكيد قسوة الظلم.

ومن الضروري أن تظهر تعبيرات الزمن عليها، لأن الفيلم قدّم مراحلها العمرية، عندما تزوّجت وابنتها صغيرة، ثم سجنت لمدة 20 عاما فلا يجوز أن تظل على شكلها الأول وهي في مقتبل العمر، وبدا الشعر الأبيض لافتا، ومن الطبيعي أن يختفي المكياج، وهذا الشكل هو الذي جعل الجمهور يتقبل دورها، وتبدو شديدة الصدق في الأداء العام.

وأوضحت شاهين أن قضية زنا المحارم التي تناولها الفيلم مهمة للغاية، ولا بد من تسليط الضوء عليها بعد أن زادت نوعية هذه الجرائم بشكل ملحوظ، وتجرّد البعض من مشاعر الأبوة نحو أبنائهم.

وهي من الموضوعات المثيرة للرأي العام، ويجب أن تكون العقوبات صارمة، ولا تكتفي بالحبس لسنوات فقط، فزنا المحارم معروف منذ فترة، لكن لم ينل حظه من تركيز الضوء عليه، لافتة إلى ضرورة تشديد الأحكام في هذه القضايا.

الدور جذب إلهام شاهين منذ قراءة أول مشهد في السيناريو الذي عرضه عليها مؤلف ومخرج العمل أمير رمسيس

واعترفت شاهين أن الفيلم كان صعبا في مجمله، والمشهد الذي أبكى الكثير من المشاهدين وأبكاها شخصيا، وهو المشهد الأخير الذي نطقت فيه ابنتها كلمة ماما وقامت بمناداتها بها بعد سنوات من الجفاء وعدم الاعتراف بها، خاصة أنها لم تخبرها بالسبب الحقيقي وراء قتل والدها، طالما هي ترى نفسها بريئة.

وتسير شاهين بخطوات محسوبة منذ بداية مشوارها الفني في السبعينات من القنر الماضي، ما جعلها تصبح من نجوم الصف الأول على مدار تاريخها السينمائي الذي مثلت فيه أكثر من 80 عملا.

وأقدمت الفنانة المصرية على إنتاج أعمال لم تحقّق العائد المادي الذي توقعته مثل فيلم “هز وسط البلد”، وفيلم “يوم للستات”، وهو ما يجعلها تخسر أموالها، مؤكّدة أنها تلجأ لذلك لإيمانها بالفكرة وقد خسرت أموالا طائلة، ولم تندم على ذلك، فهي تقوم بتجميع أموال أخرى لتنفقها أيضا في السينما، لأن الربح الأدبي بالنسبة لها أقوى من المادي، وقد ربحت الأموال من الفن وستنفقها على الفن.

أما عن غيابها عن التلفزيون مؤخرا، فقالت لـ”العرب” إنها لم تجد المسلسل المناسب لها حتى الآن، على الرغم من التقدّم الذي أحرزته الدراما خلال الأعوام الماضية، والتطوّرات التي شهدتها على مستوى الأفكار والتقنيات، خاصة مع ظهور مجموعات كبيرة من الشباب الموهوبين ولهم مستقبل كبير، وتوسيع مساحة مواسم العرض على مدار العام، فلم يعد رمضان هو موسم الانتشار الوحيد.

'