حكومة السراج تبدأ بالتخلص من سطوة الميليشيات – مصدر24

حكومة السراج تبدأ بالتخلص من سطوة الميليشيات

حكومة السراج تبدأ بالتخلص من سطوة الميليشيات

النائب العام في طرابلس يأمر باعتقال عبدالحكيم بالحاج بتهمة شن هجمات على مؤسسات حكومية

تونس – أصدر مكتب النائب العام الليبي، الصديق الصور، مذكرة لاعتقال عدد من الأشخاص، بينهم أمير الجماعة الليبية المقاتلة، ورئيس حزب الوطن الليبي، عبدالحكيم بلحاج المثير للجدل، وذلك في خطوة وصفها المتابعون للشأن الليبي بأنها متحررة من نفوذ أمراء الحرب، وسطوة الميليشيات المسلحة التي مازالت تسيطر على العاصمة طرابلس، ومناطق واسعة من الغرب الليبي.

وحمل هذا القرار الذي بدأ يتفاعل بسرعة في المشهد الليبي، بين ظهرانيه، بوادر مرحلة جديدة تستعد ليبيا لدخولها بمعادلات سياسية، يُنتظر أن تفرض توازنات مختلفة عن السائدة حاليا، بالنظر إلى دلالات وأبعاد هذه الخطوة في علاقة بمسارات العملية السياسية في البلاد التي مازالت متعثرة بسبب استمرار الخلافات الداخلية، وتضارب المقاربات الإقليمية والدولية.

ومن الواضح أن حكومة الوفاق الوطني التي يرأسها فائز السراج تعمل على التخلص من ثقل نفوذ الميليشيات المسيطرة على العاصمة الليبية وتحييد قياداتها المدعومة من قبل تركيا وقطر من أجل توفير الشروط التي تطلبها جهات إقليمية ودولية ساعية لإنجاح خيار التوافق السياسي بين مختلف فرقاء الأزمة الليبية.

أحمد المسماري: القرار رسالة تُؤشر إلى بدء سقوط أمراء الحرب

 

واستند الصور في مذكرته التي وجهها مساء الخميس، إلى رئيس جهاز المخابرات الليبية، ورئيس جهاز المباحث العامة، إلى “التحقيقات الجارية حول الوقائع التي تضمنتها القضية رقم 50 /2018، وإلى ما ورد بالبلاغات المرفوعة لمكتب النائب العام ذات الصلة بالهجوم الذي تم من قبل مجموعات مسلحة على الحقول والموانئ النفطية”.

وأشار في هذا السياق إلى أن “البلاغات ذات الصلة بالهجوم على قاعدة ‘تمنهنت’، والتدخل في القتال الذي كان بين بعض القبائل الليبية، وإلى البلاغات الواردة عن الوقائع المتعلقة بجرائم القتل والخطف والحرابة التي طالت عددا من المواطنين الليبيين بالجنوب الليبي من قبل عناصر فصائل المعارضة التشادية الموجودة بإقليم الدولة الليبية”.

وفي نهاية شهر مايو من العام الماضي، تصدت قوات الجيش الليبي، لهجوم مسلح مباغت شنّته “سرايا الدفاع عن بنغازي”، ومجموعات تابعة للمعارضة التشادية على قاعدة “تمنهت” العسكرية الواقعة في مدينة سبها بجنوب ليبيا.

وبعد ذلك بنحو شهر، تعرضت الموانئ النفطية في منطقة الهلال النفطي، شرق ليبيا، إلى هجوم مماثل شنته ميليشيات تابعة لقائد حرس المنشآت النفطية السابق، إبراهيم الجضران، غير أن قوات الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، تمكنت من استعادة سيطرتها على المنطقة بعد اشتباكات استمرت عدة أيام.

وكان لافتا أن الهجومين، جاءا بعد أيام قليلة من اجتماع باريس، الذي اتفق خلاله الفرقاء الليبيون على إعلان سياسي يقود إلى إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، ما يعني أن الهدف منهما هو إعادة خلط الأوراق السياسية والميدانية، لإفساد أي محاولة للخروج من الانسداد السياسي في ليبيا.

وفي ضوء تلك التحقيقات والبلاغات، طالب الصور في مذكرته، رئيس جهاز المخابرات، ورئيس المباحث العامة، بـ”البحث والتحري عن الوافدين المعارضين الأجانب وعددهم 31 عنصرا، بالإضافة إلى ضبط وإحضار عبدالحكيم بلحاج، وإبراهيم الجضران، وشعبان هدية المكنى بـ’أبوعبيدة الزاوي’، وحمدان أحمد حمدان، وعلي الهوني ومختار ارخيص”.

وسارع عبدالحكيم بلحاج الذي يقيم منذ مدة في تركيا ويدير إمبراطورية مالية بدعم تركي قطري، إلى نفي الاتهامات الموجهة له، حيث أعرب في تصريحات بثتها قناة “ليبيا الأحرار”، عن استغرابه من قرار النائب العام الليبي.

وقال في تصريحاته إن ليست له “أي صلة بالوقائع، والتهم الموجهة إليه من النائب العام”، وإنه “يستغرب من الطريقة التي صدرت بها هذه الأوامر”، دون أن يستبعد في المقابل “وجود مكيدة من قبل من يهيمنون على الأجهزة الضبطية في طرابلس″، على حد قوله.

لكن استغراب عبدالحكيم بلحاج لم يحجب، ولم يُقلل من الارتياح لدى غالبية الفاعلين السياسيين الليبيين، الذين رأوا في قرار النائب العام خطوة في الاتجاه الصحيح للتخلص من الميليشيات وقادتها الذين تسببوا في المآسي التي عرفتها ليبيا خلال السنوات القليلة الماضية، آملين أن يكون بمقدور السلطات الليبية تنفيذ المذكرة ولا تبقى مجرد بيان يتم تداوله.

ارتياح من خطوة التخلص من الميليشيات
ارتياح من خطوة التخلص من الميليشيات

وفي هذا السياق، لم يتردد العميد أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش الليبي، في وصف قرار النائب العام الليبي، بأنه “خطوة مهمة وإيجابية على طريق تطهير ليبيا من رعاة الإرهاب والإرهابيين الذين عاثوا في البلاد فسادا، وإجراما”.

وقال في اتصال هاتفي مع “العرب”، من شرق ليبيا، إن “هذا القرار ستكون له دون شك تداعيات على المشهد الليبي العام، لأنه رسالة إلى كل أمراء الحرب وتنظيمات الإسلام السياسي، وخاصة منها تنظيم الإخوان والقاعدة، وبقية الميليشيات، تُؤشر إلى بدء ساعة السقوط التي ستشمل كافة الأدوات الوظيفية التي ساهمت في تدمير ليبيا”.

وأضاف أن “هذا القرار يأتي ليؤكد مرة أخرى ما سبق أن أعلنته القيادة العامة للجيش الليبي، من أن عبدالحكيم بلحاج، وأبوعبيدة، وغيرهما من الأدوات الوظيفية هم من أدخلوا ومولوا الإرهاب في ليبيا، ومارسوا القتل والاغتيال والنهب والسرقة، خدمة لأجندات خارجية تريد الشر لليبيا”.

وأكد المسماري أن عبدالحكيم بلحاج “استولى خلال العام 2011 على أموال طائلة، وكميات كبيرة من الذهب تعود لمعمر القذافي، حيث نقلها إلى مدينة إسطنبول التركية، حيث يقيم حاليا”، لافتا في هذا الصدد إلى أن الجيش الليبي “لديه الدلائل التي تؤكد هذه المعلومات”.

وبالتوازي، رحبت المنظمة الليبية لحقوق الإنسان بقرار النائب العام الليبي، حيث اعتبرت في بيان لها أن “أوامر القبض الصادرة عن مكتب النائب العام تعتبر خطوة جادة في اتجاه تحقيق العدالة ومحاسبة المجرمين والإرهابيين ليكونوا عبرة لغيرهم، وترسيخاً لمبدأ عدم الإفلات من العقاب”.

وشددت في بيانها على “ضرورة الاستمرار في ملاحقة جميع الأطراف المتورطة في أعمال الإرهاب التي طالت المدن الليبية”، وذلك في الوقت الذي ينظر فيه المراقبون إلى هذه التطورات على أنها مقدمة قد تفتح المشهد الليبي على جولة جديدة من المتغيرات السياسية والميدانية، خاصة وأنها تأتي فيما تطرق المقاربات الإقليمية والدولية باب الأزمة الليبية بحسابات ومعادلات جديدة.

'