خطاب عون يدفع اللبنانيين للاحتجاج أمام قصر بعبدا – مصدر24

خطاب عون يدفع اللبنانيين للاحتجاج أمام قصر بعبدا

بيروت– يواصل المتظاهرون اللبنانيون احتجاجاتهم التي أحدثت زلزالا سياسيا صاخبا هزّ الطبقة السياسية في لبنان، مصرين على تحقيق جميع مطالبهم وعلى رأسها رحيل الطبقة السياسية مجتمعة ومحاربة الفساد وتشكيل حكومة تكنوقراط.

ودفعت الاحتجاجات، التي لم يسبق لها مثيل وعمت أرجاء لبنان بالبلاد إلى أتون اضطرابات سياسية بينما تجد السلطات صعوبة في احتواء أسوأ أزمة اقتصادية تواجهها البلاد منذ الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990.

وانتشرت قوات الأمن اللبنانية بصورة مكثفة في الساعات الأولى من صباح الأربعاء عند قصر بعبدا الرئاسي، وذلك وسط دعوات للتظاهر أمامه.

وجاءت دعوات التظاهر قرب القصر الرئاسي بعد مقابلة أجراها الرئيس ميشال عون مساء الثلاثاء والتي أثارت جدلا واسعا وأشعلت غضب المحتجين.

وتجددت التظاهرات وعملية قطع الطرق ليل الثلاثاء في مختلف المناطق اللبنانية احتجاجاً على اقتراح الرئيس ميشال عون تشكيل حكومة “تكنو-سياسية”، وادلائه بمواقف اعتبرها متظاهرون مستفزة وأثارت غضباً واسعاً.

وأثار عون غضب المتظاهرين عندما قال إنه لا أحد يستطيع وضع فيتو على مشاركة وزير الخارجية في الحكومة المستقيلة وصهره جبران باسيل في الحكومة، وقوله باللهجة اللبنانية، عن المحتجين، :”إذا مش عاجبهم ولا حدا آدمي (شخص) بالسلطة يروحوا يهاجروا”.

وقال عون، في حوار تلفزيوني من قصر بعبدا الرئاسي، إن “حكومة تكنوقراط صرف لا يمكنها إدارة سياسة البلد”.

وأضاف أن “الحكومة إذا لم تكن تكنوسياسية لا يمكن أن يكون لديها غطاء؛ لأنه يجب أن يكون لديها الصفة التمثيلية الشعبية، وهنا يجب العودة إلى وزراء يمكن أن يكونوا في الحكومة السابقة أم لا. لدي مبدأ، وهو أفضل أن لا يكونوا من داخل البرلمان.. أنا لا أقرر شكل الحكومة، ولكن هذه رغبتي”.

وفي حوار تلفزيوني بثته شاشات التلفزة المحلية، اقترح عون تشكيل حكومة “تكنو-سياسية، لأنه إذا لم تكن كذلك فلا غطاء لها” ولن يكون لها “الصفة التمثيلية الشعبية”.

 المتظاهرون عبروا عن غضبهم الشديد من دعوة عون لهم للهجرة
 المتظاهرون عبروا عن غضبهم الشديد من دعوة عون لهم للهجرة

وعن مطلب تشكيل حكومة من مستقلين، أجاب عون مبتسماً “من أين سأفتش عليهم؟ على القمر؟” في بلد يقوم على المحاصصة السياسية والطائفية.

ورجح أن تبدأ الاستشارات النيابية قبل نهاية الأسبوع، لكنه قال إن ذلك “رهن أجوبة سنتلقاها من المعنيين”، لافتاً إلى “صعاب كثيرة ذللناها ولا تزال هناك نقاط أخيرة”.

ولم يحدد عون ما إذا كان الحريري سيكون هو رئيس الحكومة المكلف، قائلًا: “الحريري لديه أسباب شخصيّة تمنّعه من أن يكون رئيسًا للحكومة، لا أحد يتنكر له، وأنا لا يُمكنني أن أحدد إذا كان الحريري سيكون رئيسًا للحكومة قبل أن تتم الاستشارات”.

وأردف: “الحريري مُتردّد في رئاسة الحكومة، ولا أعرف إذا لا يزال مترددا؛ لأنه لم يعطني جوابًا، وإذا كان هناك أسباب خارجية يعرفها أصحاب العلاقة”.

وردًا على سؤال بشأن احتمال بدء الاستشارات النيابيّة، الخميس أو الجمعة المقبلين، لاختيار رئيس وزراء مكلف، أجاب عون: “هذا يعتمد على الإجابات من المعنيين، فهناك صعوبات كثيرة ذُللت وتبقى النقاط الأخيرة، إذ لابد من الخروج بحكومة منسجمة وليست متفرقة”.

وأضاف أنه: “يجب تأليف حكومة لديها الجرأة بمحاربة الفساد، وتعتمد خطة اقتصاديّة وتحضر المجتمع المدنيّ بشكل أوسع”.

ورغم اقراره أن مطالب المتظاهرين “محقة”، إلا أنه انتقد عدم وجود أي قياديين في صفوفها. وقال “دعوناهم الى لقاء لنتحدث معاً.. لكنني لم أتلق جواباً”، في إشارة إلى دعوة وجهها إليهم إثر اندلاع حركة الاحتجاجات.

وفي موقف لافت، أثار انتقادات المتظاهرين وغضب رواد مواقع التواصل الاجتماعي، سأل عون “هل من ثورة لا قيادي لها”؟ مضيفاً باللهجة العامية “إذا ما في عندهم أوادم بالدولة يروحوا يهجوا (يغادروا)، ما رح يوصلوا للسلطة” في عبارة فسرها متظاهرون بأنها دعوة لهم إلى الهجرة.

وقال أحد المتظاهرين غاضباً عبر الشاشة “نحن أولاد البلد ولن نهرب”، بينما قال آخر بانفعال “لن نهاجر، لن نترك بلدنا”.

وفور انهاء عون لكلمته، بادر متظاهرون غاضبون إلى قطع طرق رئيسية في وسط بيروت وفي شمال البلاد وجنوبها وشرقها. كما أشعلوا الإطارات المطاطية في مناطق عدة احتجاجاً.

وتخلل التظاهرات غير المسبوقة التي يشهدها لبنان منذ نحو شهر انتقادات واسعة طالت تحديداً صهر عون، وزير الخارجية جبران باسيل، رئيس التيار الوطني الحر. ويحمل خصوم باسيل عليه سعيه للاستئثار بالسلطة مستفيداً من كتلة وزارية وازنة ومن تحالفه مع حزب الله، المدعوم من إيران.

وقال عون إن “أحداً لا يستطيع أن يمنع باسيل من حقه كرئيس أكبر كتلة نيابية وأن يضع فيتو عليه في نظام ديمقراطي”، إلا أنه في الوقت ذاته أبدى مرونة لناحية احتمال استبعاده بقوله “لدي مبدأ ألا يكونوا (الوزراء) من داخل البرلمان”.

من جانبه أصدر المكتب الإعلامي للرئاسة توضيحا، وأكد أنه جرى تحريف تصريح عون ليبدو وكأنه يدعو المتظاهرين للهجرة. وذكر المكتب الإعلامي أن “الصحيح أن الرئيس عون قال إنه إذا لم يكن هناك أوادم من الحراك للمشاركة في الحوار، فليهاجروا لأنهم بهذه الحالة لن يصلوا إلى السلطة. فاقتضى التوضيح منعا لأي التباس أو سوء استغلال”.

ولم ينف عون ضغوط واشنطن لاستبعاد حزب الله، الذي تفرض عقوبات عليه، من الحكومة.

واعتبر أن “هذا الموضع قابل للحل”، إلا أنه شدد في الوقت ذاته على أنهم “لا يستطيعون أن يفرضوا علي أن أتخلص من حزب يشكل على الأقل ثلث اللبنانيين”.

وتوجّه عون إلى اللبنانيين قائلًا: “لا تتهافتوا إلى المصارف لسحب أموالكم، فالودائع مضمونة بكاملها”.

وتابع: “اجتمعت مع المصارف، واتخذنا بعض التدابير، لكننا نحتاج إلى مساعدة من الشعب، من خلال عدم سحب كافة أموالهم؛ لأن الدولار ليس مفقودًا، لكن يتم إخراجه من الودائع إلى المنازل، وهذا يفاقم الوضع”.

ونفد موظفو المصارف اللبنانية إضراباً الثلاثاء، احتجاجاً على إشكالات وقعت بينهم وبين المودعين الراغبين بالحصول على سحب مبالغ من ودائعهم، في ظل قيود مشددة فرضتها المصارف مؤخراً لمواجهة أزمة سيولة حادة.

ويأتي الإضراب غداة محاولة حاكم مصرف لبنان طمأنة مخاوف اللبنانيين، إذ أكد أن الأولوية هي الحفاظ على استقرار الليرة اللبنانية وحماية أموال المودعين في المصارف. وقال إنه طلب من كافة المصارف أن تعيد النظر باجراءاتها المتشددة.

في غضون ذلك، سقط الثلاثاء أول قتيل منذ انطلاق الاحتجاجات في لبنان منذ نحو شهر. وأعلن الجيش اللبناني على الفور توقيف العسكري مطلق النار وفتح تحقيق.

القتيل ينتمي للحزب الديمقراطي التقدمي التابع لوليد جنبلاط
القتيل ينتمي للحزب الديمقراطي التقدمي التابع لوليد جنبلاط

وأعلن الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يترأسه الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، ليلاً، مقتل أحد كوادره علاء أبو فخر باطلاق النار عليه في منطقة خلدة، جنوب بيروت.

وأوردت قيادة الجيش في بيان أن أحد عناصرها “اضطر” لاطلاق النار على مجموعة من المتظاهرين خلال قطعهم الطريق في محلة خلدة، أثناء مرور آلية عسكرية وحصول “تلاسن وتدافع مع العسكريين”. وذكرت أنها أوقفت العسكري وباشرت التحقيق معه.

وفي محاولة لتهدئة مناصريه، قال جنبلاط “لا ملجأ لنا، رغم ما جرى هذه الليلة، إلا الدولة”.

وفي وسط بيروت، كتب متظاهرون بالشموع على الأرض “علاء فخر الثورة”، مؤكدين أن ما حدث لن يثنيهم عن مواصلة تحركهم السلمي.

ويعد هذا القتيل الثاني منذ بدء التحركات الشعبية، بعد مقتل متظاهر بإشكال فردي على طريق المطار.

وشدد رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري خلال اتصالين مع قيادتي الجيش والأمن الداخلي على “وجوب اتخاذ كافة الاجراءات التي تحمي المواطنين وتؤمن مقتضيات السلامة للمتظاهرين”.

'