خطة الحكومة الإسرائيلية لخفض تكاليف المعيشة لا تعالج القضايا المفصلية – مصدر24

خطة الحكومة الإسرائيلية لخفض تكاليف المعيشة لا تعالج القضايا المفصلية

القدس – عندما أدت الحكومة الإسرائيلية الجديدة اليمين الدستورية في يونيو من عام 2021، كان أحد وعودها للجمهور هو خفض تكاليف المعيشة.

وبعد شهور استمرت فيها الأسعار في الارتفاع وتزايد الانتقادات العامة، أعلنت الحكومة الإسرائيلية مؤخرا خطة تهدف إلى معالجة المشكلة من خلال اتخاذ عدة خطوات تستهدف معظمها العمال حيث سيتلقى آباء الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و12 عاما مزايا ضريبية إضافية.

ويرى خبراء اقتصاديون إسرائيليون أن ارتفاع تكاليف المعيشة في إسرائيل سيظل بنفس الحدة في العديد من الملفات التي لم تتطرق إليها الخطة.

وتمنح الخطة التي تم الإعلان عنها الأسبوع الماضي تعويضات للشركات والموظفين المستقيلين الذين تأثروا من أزمة كورونا، حيث سيتم تخفيف ارتفاع تكلفة المرافق من خلال دعم الحكومة وتخفيض الرسوم الجمركية والأسعار على العديد من السلع الاستهلاكية مثل اللحوم والأسماك والدقيق والبيض.

الخطة التي أطلقتها الحكومة تشبه أدوية علاج الصداع، فهي تساعد في تخفيف الأعراض لكنها لا تحل المشكلة

وقال ران بن مالكا الخبير الاقتصادي والمحاضر في قسم الاقتصاد في جامعة بن غوريون بالنقب إن الخطة التي أطلقتها الحكومة “تشبه أدوية علاج الصداع، فهي تساعد في تخفيف الأعراض لكنها لا تحل المشكلة، ولم يتم إزالة مصدر الخلل”.

ولدى الإعلان عن الخطة قال رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت إن “هذه ليست مجرد خطوات تكتيكية لإبطاء ارتفاع الأسعار، هذا عقد جديد بين الدولة ومواطنيها، عقد عادل ينص على أن المواطنين الذين يتشاركون أعباء الدولة يستحقون الاحتفاظ بالمزيد من رواتبهم”.

ووفقا لمؤشرات مستوى الأسعار لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لعام 2021، فإن إسرائيل هي رابع أغلى دولة عضو داخل المنظمة.

وخلال الأسابيع الأخيرة، ارتفعت أسعار البنزين والكهرباء في إسرائيل، كما أعلنت شركات الأغذية الكبرى عن ارتفاع أسعار منتجاتها لكن الكثير منها تراجع في وقت لاحق بسبب الاحتجاجات.

وفي حين لقيت الخطة ترحيبا من قبل الكثيرين، إلا أنها لاقت اعتراضات أيضا، لأنها لا ترضي جميع قطاعات السكان في إسرائيل وفقا لبن مالكا.

فالخطة لن تمنح العائلات التي ليس لديها أطفال نفس القدر من المزايا لتلك التي لديها أطفال. كما أن السوق الإسرائيلي الذي يتسم بالاحتكار في العديد من القطاعات، يجعل خفض تكلفة المعيشة تحديا كبيرا لأيّ حكومة إسرائيلية.

وقال بنيامين بنتل أستاذ الاقتصاد في جامعة حيفا “هذه هي المشكلة الرئيسية المسؤولة عن ارتفاع الأسعار في إسرائيل مقارنة بالدول الأخرى”.

وأضاف بنتل “إنه تحد يتطلب استجابة شاملة مع خطط طويلة الأجل تستغرق وقتا لإظهار النتائج”.

ولعقود من الزمن، تم دعم المنتجات الزراعية المنتجة محليا في إسرائيل ومنع استيراد هذه المنتجات من الخارج إلا بشكل قليل جديد، إلا أن الحكومة الحالية تحاول تغيير هذا الواقع.

عقد جديد بين الدولة ومواطنيها
عقد جديد بين الدولة ومواطنيها

وقال بن مالكا “جذور النظام الاقتصادي الإسرائيلي عميقة، تأسست إسرائيل على قيم تمنح المنتجين المحليين والعمالة قدرا كبيرا من الدعم والقوة على حساب منع الواردات”.

وأضاف “منع الواردات أثّر بشكل سلبي على أسعار السلع في إسرائيل، حيث أصبح العثور على منتجات رخيصة شيء شبه مستحيل، ولكن في الوقت نفسه لا يتم تحفيز وتشجيع الصناعة المحلية لزيادة الكفاءة وخلق المنافسة وهذا أدى إلى ارتفاع الأسعار”.

ووفقا لبن مالكا، فإن الخطة الاقتصادية التي أطلقتها الحكومة الإسرائيلية مؤخرا لا تعالج هذه القضية ولم تتطرق لها على الإطلاق.

وقال إن “هناك حالة يكون فيها مستوردو الأغذية أيضا منتجين محليين لديهم احتكارات محلية تتحكم في السوق كمنتجين وكمستوردين لنفس السوق، فهم يتأكدون من أن البديل المستورد ليس أرخص بكثير من السلع المنتجة محليا”.

وتفاقمت أزمة غلاء الأسعار في إسرائيل في أواخر عام 2021 عندما أعلنت شركة “أوسم”، أحد أكبر مصنعي وموزعي المواد الغذائية في إسرائيل، أنها سترفع سعر المعكرونة وغيرها من السلع المنزلية الأساسية في بداية هذا العام.

وفي الوقت نفسه أعلنت شركة “شتراوس” الكبرى لتصنيع المواد الغذائية عزمها رفع الأسعار، وحذت حذوها شركة “سانو” لتصنيع المنظفات، وتراجعت الشركات جميعها بعد ذلك مع تصاعد الضغط العام وتهديدات المستهلكين بمقاطعة منتجاتها.

خطة الحكومة تعمل على زيادة الدخل للعائلات التي لديها أطفال، لكن من غير المرجح أن تقلل بشكل كبير من تكلفة المعيشة في إسرائيل

كما أن الضرائب والجمارك على السلع المستوردة مرتفعة للغاية أيضا في إسرائيل، وتحاول الحكومة الحالية تغيير ذلك، في خطوة قد تساعد أيضا في إحداث تأثير في الأسعار المرتفعة.

وتعمل خطة الحكومة على زيادة الدخل للعائلات التي لديها أطفال، لكن من غير المرجح أن تقلل بشكل كبير من تكلفة المعيشة في إسرائيل.

ويرى بن مالكا أنه يجب أن تأتي الأموال من المزايا الضريبية والتخفيضات الجمركية، لذلك في المستقبل إما سترتفع الضرائب مما سيزيد من تكلفة المعيشة أو يجب خصم الإنفاق العام على أشياء مثل التعليم والصحة.

وفي عام 2011 خرج الإسرائيليون إلى الشوارع لأسابيع في احتجاجات ضد غلاء المعيشة، وردا على ذلك تبنت الحكومة آنذاك بعض الإجراءات التي خفضت تكلفة المعيشة وتجنب المزيد من الزيادات في الأسعار، إلا أنه مع ذلك بدأت الأسعار ترتفع مرة أخرى بالتدريج.

وسارعت الحكومة إلى الإعلان عن الإجراءات الجديدة بالتزامن مع التداعيات الاقتصادية لأزمة كورونا وغضب الجمهور الإسرائيلي واستيائهم من غلاء المعيشة.

وقال بنتل “هناك ذعر داخل الحكومة وخوف من تكرار الاحتجاجات الاجتماعية التي خرجت في عام 2011″، فيما اعتبر بن مالكا أن الخطة هي “خطوة شعبوية بحتة، وهي تهدف إلى تهدئة الجمهور فقط”.

'