خطوات الرئيس التونسي تزيد من منسوب العزلة السياسية للنهضة وحلفائها – مصدر24

خطوات الرئيس التونسي تزيد من منسوب العزلة السياسية للنهضة وحلفائها

قرر الرئيس التونسي قيس سعيد الذي يقود مسارا سياسيا انتقاليا في بلاده تشكيل لجنة ستدير الحوار الوطني المرتقب وستُستثنى منه الأحزاب، في خطوة من شأنها أن تفاقم عزلة حركة النهضة الإسلامية وحلفائها بعد أن فقدوا شعبيتهم في الشارع التونسي الذي يحملهم جزء كبير منه مسؤولية أزمات البلاد المستفحلة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا.

تونس – أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد عن تشكيل لجنة ستوكل إليها مهمة إدارة الحوار الوطني الذي ستُستثنى منه المعارضة وتشارك فيه المنظمات الوطنية الأربع الكبرى، في خطوة ستزيد من العزلة السياسية لحركة النهضة الإسلامية وحلفائها.

وأثار إعلان الرئيس سعيد تساؤلات عن الكيفية التي ستستفيد منها الأحزاب والمنظمات التي أيدت تحركه في الخامس والعشرين من يوليو الماضي.

وأعلن الرئيس سعيّد عن تشكيل لجنة تُكلّف بإدارة حوار وطني تُستثنى منه الأحزاب السياسية التي يعتبرها مسؤولة عن الأزمة السياسية والاقتصادية التي تشهدها البلاد.

وأضاف في خطاب ألقاه بمناسبة عيد الفطر الأحد “ستتشكل لجنة بهدف الإعداد لتأسيس جمهورية جديدة تنهي أعمالها في ظرف وجيز”، مضيفا “ستتشكل هيئتان داخل هذه اللجنة العليا إحداهما للحوار”.

وأكد قيس سعيّد أن الحوار لن يشمل “من باعوا أنفسهم ولا وطنية لهم إطلاقا ومن خربوا ومن جوعوا ومن نكلوا بالشعب” إنما يضم “المنظمات الأربع الوطنية” وهي الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والرابطة التونسية لحقوق الإنسان والهيئة الوطنية للمحامين.

ويرى مراقبون أن الرئيس سعيد على دراية بخبايا الوضع السياسي، مشيرين إلى أنه بقدر ما يصب إعلانه الجديد في صالح من ساندوا قراراته في الخامس والعشرين من يوليو وما تلاه في إطار استكمال المسار السياسي، فإنه يمثل خطوة أخرى نحو عزل المنظومة السابقة بقيادة حركة
النهضة.

 

واعتبر رافع الطبيب، الباحث في الشؤون الجيوسياسية، أنه “عندما يقول الرئيس سعيّد هذا الكلام، فإنه يملك قراءة للوضع السياسي في البلاد وقرارات الخامس والعشرين من يوليو، ويدرك أن المعارضة هي أحزاب السفارات، واليوم يمكن الحديث عن أحزاب وطنية وأحزاب سفارات”.

وقال لـ”العرب” إن “لا حلّ للنهضة وأتباعها إلا تجنيد السفارات والقوى السياسية لإرغام الرئيس بضغوط سياسية ودبلوماسية على التغيير، وأكبر ضمان لوجود النهضة وحلفائها هو قيس سعيّد لأنه وقف في وجه المدّ الشعبي الذي كان سيقضي عليها”.

رافع الطبيب: من ساندوا قيس سعيّد سيستفيدون من هذا الإجراء

وأكّد الطبيب أن “الأحزاب الأخرى (التي ساندت الرئيس سعيّد) ستستفيد من هذه الخطوة لأنها ستكون في الواجهة، أما البقية فقد تم عزلهم شعبيا قبل أن يعزلهم قيس سعيّد، فضلا عن كون استثناء المعارضة هو بالضرورة قبول للمساندين”.

واستطرد “هو حوار وطني ولا يتم الاعتراف فيه إلا بمن يساندون الخط الوطني”.

 

وتحمّل شريحة هامة من التونسيين حركة النهضة، واجهة الإسلاميين في البلاد، وحلفائها مسؤولية تردي الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية في العشرية الماضية التي أدارت فيها الحكم، معتبرة الحوار الوطني مرحلة جديدة لتحصين المسار السياسي والديمقراطي والمزيد من عزل النهضة سياسيا بعد رفضها شعبيا.

 

وأفاد الكاتب والمحلل السياسي محمد ذويب بأن قرارات الرئيس سعيد “خطوة جيدة ومعقولة ستساهم في فك العزلة عن الرئيس وفتح أبواب الحوار والتمثيل أمام المنظمات الوطنية وبعض الأحزاب الأخرى الوطنية غير المتورطة في العشرية السوداء، في المقابل ستساهم في المزيد من عزلة الأحزاب المعارضة لمسار الخامس والعشرين من يوليو”.

 

وقال ذويب في تصريح لـ”العرب” إن “هذه الخطوة إن تمت ستساهم في تحصين المسار من المتربصين به وستكسبه المزيد من الشرعية والمشروعية أمام الرأي العام الوطني والدولي ونتمنى أن يكون هذا الحوار على أرضية صلبة ومتينة ويتطرق إلى كل النقاط والمواضيع الحارقة خاصة منها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأن يمثل دعما لتونس الجديدة التي يجب أن تخرج من الحالة المتردية التي هي عليها الآن والتي تتحمل فيها الأطراف التي استثناها الرئيس من الحوار المسؤولية

الكبرى”.

ودعا الاتحاد العام التونسي للشغل الرئيس سعيّد إلى الشروع فورا في إجراء حوار وطني، واعتبر أنه “قارب النجاة الأخير” لتجاوز الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تعيشها البلاد.

وحذّر الأمين العام للاتحاد نورالدين الطبوبي خلال خطاب بمناسبة عيد العمال من أن “حالة الضبابية والتفرد السائدة حاليا” تهدد بأن “تزيد الوضع سوءا وانسدادا للآفاق وتسارعا لحالة الانهيار”.

محمد ذويب: الخطوة ستساهم في تحصين مسار 25 يوليو من المتربصين به

وفي خريف 2013 أشرف الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان والهيئة الوطنية للمحامين بتونس على الحوار الوطني بين الفصائل السياسية في البلاد.

وحصلت هذه المنظمات الأربع عام 2015 على جائزة نوبل للسلام لمساهمتها في الانتقال الديمقراطي في تونس التي اعتُبرت آنذاك الدولة الديمقراطية الوحيدة في العالم العربي.

وأعلن قيس سعيّد في الخامس والعشرين من يوليو الماضي تجميد أعمال البرلمان وإقالة رئيس الحكومة، ثم قرر لاحقا اتخاذ خطوات سياسية بدأت في منتصف يناير باستشارة إلكترونية وطنية تنتهي باستفتاء شعبي على الدستور في يوليو المقبل، فضلا عن تنظيم انتخابات تشريعية نهاية العام الجاري.

في المقابل تعتبر حركة النهضة وحلفاؤها ما قام به الرئيس سعيّد “انقلابا على الدستور”.

وفي نهاية أبريل الماضي شكلت جمعيات وأحزاب معارضة لقيس سعيّد تحالفا بقيادة الناشط السياسي أحمد نجيب الشابي حمل اسم “جبهة الخلاص الوطني” التي تدعو إلى حوار وطني وتشكيل “حكومة انتقالية للإنقاذ”.

وتحاول الأحزاب المعارضة باسم الدفاع عن الديمقراطية الضغط على الرئيس سعيّد وإرغامه على التراجع إلى الوراء، عبر الاستقواء بالخارج والتعويل على السفارات الأجنبية بعد أن فقدت مكانتها الشعبية في الداخل.

وتشهد تونس أزمة اجتماعية واقتصادية، فيما تجري مفاوضات مع صندوق النقد الدولي بهدف الحصول على قرض جديد.

'