خلافات المضاربين تكشف هشاشة البورصة المصرية – مصدر24

خلافات المضاربين تكشف هشاشة البورصة المصرية

عكست موجات الهبوط العنيفة التي طالت البورصة المصرية طيلة أسبوعين حاجة السوق إلى ضوابط من شأنها كشف المتلاعبين، بدلا من تركز التداولات في يد فئة من المضاربين أصبحوا يتحكمون في اتجاه البورصة عندما يقررون تحويل دفة السوق إلى الهبوط.

القاهرة – كشفت خلافات المضاربين في سوق الأوراق المالية عن ضعف البورصة المصرية بعد أن فقدت نحو 2.5 مليار دولار من رأسمالها السوقي خلال فترة وجيزة نتيجة تراجع أسهم المضاربات التي يتعامل عليها الأفراد.

ودفع الهبوط القياسي للبورصة هيئة الرقابة المالية لوقف عدد من أسهم المضاربات أملا في السيطرة على حالة الهبوط التي طالت الأسهم، رغم عدم وجود أحداث كبيرة تؤثر سلبا على حركة التداولات.

وهرعت الجهات الرقابية لإنقاذ السوق من حالة الانهيار التي قاربت عليها عقب قيام البورصة بتعليق تداولات السوق لمدة نصف ساعة الأسبوع الماضي، نتيجة هبوط المؤشر إلى الحد الأقصى المسموح له بالهبوط يوميا عند خمسة في المئة.

وأعلن البنك المركزي المصري عن تأسيس صندوق لتمويل شركات الوساطة بقيمة 42 مليون دولار بالتعاون مع هيئة الرقابة المالية لإتاحة سيولة نقدية لدى الشركات لتمويل المراكز المكشوفة للمتعاملين.

محمد عمران: البنك المركزي حريص على دعم الأسواق لمواصلة خطط التنمية

وقال محمد عمران رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية لـ”العرب” إن البنك المركزي المصري حريص على دعم الأسواق واستدامتها بوصف سوق الأوراق المالية داعما رئيسيا لخطط التنمية الاقتصادية.

وقبل خطوة البنك المركزي، أطلقت شركات الوساطة “نداء الهامش”، وهو بيع أسهم المستثمرين المقترضين منها لتغطية مراكزهم المكشوفة.

وتسمح سوق الأوراق المالية في مصر لشركات الوساطة المالية بإقراض المتعاملين لشراء الأسهم مقابل فائدة يتفق عليها الطرفان، وتصل قيمة القروض أحيانا خمس مرات من حجم قيمة محفظة المستثمر الأصلية.

وتراقب الشركات حركة محفظة المستثمر وعند شعورها بأن المحفظة المالية في طريقها إلى التآكل تقوم ببيع الأسهم دون الرجوع إلى المستثمر ضمانا لحقها، ويطلق على هذه الخطوة نداء “المارجن” أو الهامش.

وشهدت البورصة المصرية أسوأ موجة هبوط لها في العام الماضي وتحديدا خلال شهر مارس، جراء الإعلان رسميا عن تحول وباء كورونا لجائحة عالمية، باستثناء هذين الحدثين لم تشهد البورصة المصرية أسوأ تداولاتها منذ ثورة 25 يناير عام 2011.

وإمعانا في إنقاذ البورصة من حالة الهبوط وجه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي البنك المركزي برصد حزمة تمويلية بقيمة 1.3 مليار دولار لإنعاش السوق، تستهدف تعزيز العمق الاستثماري للبورصة.

وأوضح رامي أبوالنجا نائب محافظ البنك المركزي أن هناك حزمة تمويل دعم البورصة متاحة بالكامل في أي وقت حال وجود تذبذبات غير مبررة.

وتسعى القاهرة لإنقاذ البورصة بوصفها إحدى الأدوات التمويلية المتاحة أمام الشركات عبر طرح حصص من أسهمها في السوق الثانوية للبورصة أو طرح أدوات مالية متنوعة لجني سيولة نقدية تعزز توسعاتها الرأسمالية.

وتعوّل الحكومة على البورصة في طرح الشركات الحكومية وفقا لبرنامج الطروحات الذي تعتزم تنفيذه، وتم تأجيله لعدة مرات من جانب اللجنة العليا لإدارة برنامج طرح أسهم الشركات الحكومية في البورصة. وأكدت أن عمليات الإرجاء سببها الهبوط الحاد في مؤشرات البورصة المصرية.

وتضم اللجنة العليا وزير المالية كمقرر، وعضوية وزراء الاستثمار، والتعاون الدولي، والبترول والثروة المعدنية، والتجارة والصناعة، وقطاع الأعمال العام، والتخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، ورئيس أمانة الشؤون التشريعية بمجلس الوزراء.

ويصل عدد الشركات التي تسعى الحكومة لطرح أسهمها في البورصة نحو 23 شركة، وتستهدف بعمليات الطرح جمع نحو 5.6 مليار دولار.

وتضم المرحلة الأولى من البرنامج طرح 5 شركات هي: الشرقية للدخان، والإسكندرية للزيوت، والإسكندرية لتداول الحاويات، وأبوقير للأسمدة، وشركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير.

وتكتسب البورصة المصرية أهمية خاصة خلال الفترة الحالية تزامنا مع إعلان صندوق مصر السيادي طرح أسهم شركتين مملوكتين لجهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة في البورصة الفترة المقبلة، وفق خطة تستهدف طرح أسهم 10 شركات في سوق المال.

محمد فريد: من الغبن الحكم على السوق بسبب هبوط البورصة لعدة جلسات

وعبر عمليات الطرح يتمكن القطاع الخاص والأفراد من المساهمة في رأسمال هذه الشركات، وتملك حصصا حاكمة في رأسمالها بحسب ملكيته في أسهم رأسمال هذه الشركات.

وتعد تلك الخطوة الأولى من نوعها على الساحة الاقتصادية المصرية، وتتوافق مع التلميحات الإيجابية المستمرة من جانب صندوق النقد الدولي التي أكد عليها في جميع مراجعته الدورية منذ انطلاق برنامج الإصلاح الاقتصادي في نوفمبر 2016.

وقال محمد فريد رئيس البورصة المصرية إن سوق الأوراق المالية جاهزة لاستقبل الطروحات الحكومية قريبا بما يتيح منتجات استثمارية أمام المصريين، والمتعاملين من الأفراد والمؤسسات الأجنبية.

وأضاف لـ”العرب” أنه “ليس من الإنصاف الحكم على أداء البورصة وتقييمها عبر هبوطها خلال أيام محدودة لكن لا بد أن يكون الحكم مبنيا على فترات وسلاسل زمنية”.

وسجل صافي مشتريات المستثمرين الأجانب في البورصة على الأسهم منذ عام 2016 نحو 1.2 مليار دولار، فضلا عن ملياري دولار في السندات.

وتعكف إدارة البورصة بالتعاون مع وزارة الهجرة على تنفيذ حملة ترويجية تستهدف جذب أموال المصريين في الخارج للاستثمار طويل الأجل في البورصة لتعزيز نجاح برنامج الطروحات الحكومية.

وأشار خبراء أسواق المال إلى أن الفترة الحالية تعد الأنسب لطرح أسهم الشركات الحكومية لتعزيز السيولة النقدية لهذه الشركات وتمويل توسعاتها الاستثمارية في ظل بوادر التعافي الاقتصادي المرتقبة.

ولفتوا إلى أن تواجد هذه الشركات على الساحة حاليا يدعم من تنافسيتها في الأسواق بدلا من الانتظار إلى حين دخول الاقتصاد في مرحلة التعافي التام.

وتستند حملة جذب انتباه المصريين في الخارج للاستثمار في سوق الأوراق المالية إلى ارتفاع حجم تحويلاتهم إلى مصر، حيث سجلت 27.1 مليار دولار، بزيادة قدرها 11.9 في المئة على أساس سنوي.

ويتوقف نجاح هذه الخطوة على مدى قدرة الحملة على إقناع المصريين في الخارج وتقديم منتجات مالية قادرة على تحويل قبلتهم من الاستثمار في العقارات إلى سوق المال، وسط تضاعف أسعار العقارات بمعدلات تفوق ربحيتها لأية منتجات مالية أخرى.

'