خلافات حكومة “الوفاق” على معركة طرابلس تخرج إلى العلن – مصدر24

خلافات حكومة “الوفاق” على معركة طرابلس تخرج إلى العلن

خلافات حكومة “الوفاق” على معركة طرابلس تخرج إلى العلن

الخلافات داخل حكومة الوفاق تحمل طابعا جهويا حيث تخشى الأطراف السياسية والعسكرية المحسوبة على السراج، من هيمنة مدينة مصراتة في صورة ما نجحت ميليشياتها في إلحاق هزيمة بالجيش
طرابلس- تعيش حكومة “الوفاق” الليبية على وقع خلافات داخلية بين تيار رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج وتيار وزير الداخلية المقرب من تنظيم الإخوان فتحي باشاغا، بشأن كيفية التعاطي مع الهجوم الذي ينفذه الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر لتحرير العاصمة من الميليشيات والجماعات الإرهابية المتحالفة معها.
وأخرج رئيس الحزب الديمقراطي الليبي أحمد الشيباني المقرب من تيار الإسلام السياسي، الخلافات داخل حكومة “الوفاق” إلى العلن حيث تحدث عن فتح مستشاري السراج لقنوات تواصل مع الجيش، وهو ما يبدو أنه أغضب الإسلاميين ومدينة مصراتة.
وأكد الشيباني في تصريحات صحافية محلية أن كبار مستشاري فايز السراج وهم تاج الدين الرزاقي والطاهر السني ومازن رمضان على تواصل يومي مع قيادات في الجيش، من بينهم صدام نجل حفتر في إطار مفاوضات تهدف إلى التوصل إلى تسوية. وأضاف أن الرزاقي الذي وصفه بـ”المحرك الرئيسي في المجلس الرئاسي” يرفض التعامل مع الدول الداعمة للحكومة بحجة أنها دول إخوانية وإسلامية، ويعرقل دعم جبهات القتال بالأموال.
ويبدو أن الإسلاميين غير راضين عن حجم الأموال التي أنفقها فايز السراج لدعم الحرب خلال الفترة الماضية والتي تجاوزت 2.5 مليار دينار ليبي أي حوالي مليار دولار. وأصدر السراج عقب أيام من إطلاق الجيش لمعركة تحرير طرابلس قرارين بشأن تخصيص مبلغ ملياريْ دينار (حوالي مليار دولار) لمعالجة الظروف الاستثنائية التي تمر بها الدولة ومعالجة آثار الاشتباكات بالعاصمة طرابلس، وكذلك تخصيص مبلغ 484 مليون دينار لوزارة الدفاع بحكومة “الوفاق” أي نحو 200 مليون دولار.
ونقل مدير إدارة السيولة بمصرف ليبيا المركزي في البيضاء (موازي) رمزي الأغا عن مصادر وصفها بـ”الموثوقة” نهاية أبريل الماضي، عزم “حكومة الوفاق” تخصيص مليار دولار آخر، لغرض استيراد أسلحة وذخائر وتمويل للميليشيات، وذلك تحت غطاء استيراد مواد غذائية خاصة بشهر رمضان.
وأضاف الشيباني “يجب أن يعلم السراج أن الثوار الذين يقاتلون في الجبهات لوقف زحف قوات حفتر وتحطيمها على أسوار العاصمة هم من سوف يقررون مستقبل ليبيا وليس السني أو الرزاقي”، مطالبًا إياه بضرورة إبعادهم قبل فوات الأوان.
وكان نشطاء تداولوا خلال الأيام الماضية أنباء عن عزل الإسلاميين للسراج بشكل غير رسمي وتكليف باشاغا بمهمة إدارة المعركة. وهيمن باشاغا المنحدر من مدينة مصراتة التي تشارك بقوة في التصدي لهجوم الجيش، خلال الأيام الماضية على المشهد على حساب فايز السراج، حيث عكست تحركاته الأخيرة اندفاعا نحو تركيا التي طالبها بدعم عسكري. ويتهم السراج منذ فترة بأنه تحول إلى واجهة منمقة للإسلاميين الذين يروّجون لوجود دولة مدنية في ليبيا يخشون عليها من حكم العسكر وليس مشهدا فوضويا يديرونه عبر ميليشياتهم.
وبالإضافة إلى الطابع الأيديولوجي تحمل الخلافات داخل حكومة الوفاق طابعا جهويا حيث تخشى الأطراف السياسية والعسكرية المحسوبة على السراج والتي تمثل طرابلس، من هيمنة مدينة مصراتة في صورة ما نجحت ميليشياتها في إلحاق هزيمة بالجيش. وتتضارب اتهامات الشيباني مع تصريحات لفايز السراج الخميس الماضي أكد خلالها رفضه لوقف إطلاق النار والعودة إلى المفاوضات قبل عودة “القوات الغازية من حيث أتت”.
وأوضح في تصريحات الخميس أن “جميع الأطراف الداخلية والخارجية متفقة أن أي حديث عن وقف إطلاق النار يجب أن يرتبط بانسحاب القوة المعتدية والعودة من حيث أتت، دون ذلك فالحديث يصبح نوعا من العبث”. وبدوره حث خليفة حفتر قوات الجيش التي تحاول انتزاع العاصمة طرابلس على الاستبسال في القتال وتلقين أعدائهم درسا أكبر، مشيرا إلى أن شهر رمضان الذي بدأ الاثنين شهر جهاد. وجاءت تصريحاته بعد ساعات من دعوة الأمم المتحدة إلى هدنة إنسانية لمدة أسبوع بعد شهر من القتال للسيطرة على العاصمة.

تحمل زيارة السراج المقررة إلى باريس أهمية خاصة لحكومة “الوفاق” التي اتهمت فرنسا أكثر من مرة بأنها تدعم، سياسياً على الأقل، المشير حفتر

وكان بيان للاتحاد الأوروبي اتهم حكومة الوفاق بالاستعانة بشخصيات وجماعات إرهابية للقتال في صفوفها، وهو ما أكدته تقارير صحافية نقلت عن مقاتلين في ميليشيات طرابلس مخاوفهم من انتقام أولئك المتطرفين الذين حاربوهم خلال السنوات الماضية. وضغطت فرنسا من أجل إضافة البند المتعلق بالإرهابيين في بيان الاتحاد الأوروبي وهو ما أجّج غضبا في صفوف الإسلاميين ترجمه إنهاء باشاغا تعامل وزارته مع فرنسا.
وأثار تصرف باشاغا تساؤل المراقبين بشأن إمكانية وجود خلافات داخل الحكومة واستغرابهم من توليه مهمة قطع العلاقات مع باريس، بينما التزمت وزارة الخارجية الصمت. ويبدأ فايز السراج الثلاثاء جولة إلى العواصم الأوروبية الرئيسية لحشد الدعم ضد عملية تحرير طرابلس.
ويلتقي رئيس حكومة الوفاق على التوالي رئيس الحكومة الإيطالي جوزيبي كونتي صباح الثلاثاء، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في برلين مساء الثلاثاء، ثم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء في باريس، بحسب بيان للمتحدث باسم الوزارة. ومن المقرر أيضا أن يزور السراج بريطانيا خلال جولته، بحسب البيان.
وانزلق هذا البلد، الذي يعيش رهينة الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011، في دوامة الحرب مع إطلاق المشير حفتر في أبريل عمليةً عسكريةً للسيطرة على طرابلس، مقر حكومة الوفاق الوطني التي يعترف بها المجتمع الدولي.
وبعد تقدّم سريع تتعثر قوات الجيش الوطني الليبي، على أبواب طرابلس، بمواجهة القوات الموالية لحكومة الوفاق، وهي تضم مجموعات مسلحة من مدينة مصراتة. وتدور معارك يومياً في الضاحية الجنوبية للعاصمة، وكذلك في جنوب المدينة. وتحمل زيارة السراج المقررة إلى باريس أهمية خاصة لحكومة “الوفاق” التي اتهمت فرنسا أكثر من مرة بأنها تدعم، سياسياً على الأقل، المشير حفتر. وتنفي السلطات الفرنسية ذلك، مؤكدةً معارضتها للعملية العسكرية والتزامها بـ“عملية سياسية برعاية الأمم المتحدة”.

'