مظاهر برودة السلام بين إسرائيل والأردن ما تفتأ تظهر إلى العلن مع كل خلاف يطرأ بين الطرفين، وآخر تلك الخلافات ما يجري حاليا بشأن زيارة ولي العهد الأردني التي كانت مقرّرة إلى الأماكن الإسلامية المقدّسة في مدينة القدس قبل أن يتمّ إلغاؤها، لتتسبّب في تأجيل زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى الإمارات بسبب تعذّر مرور طائرته بالأجواء الأردنية في الوقت الملائم لأجندة الزيارة.
القدس- تسبّب خلاف بين الأردن وإسرائيل، الطرفين الموقّعين سنة 1994 على معاهدة وادي عربة للسلام، بشأن زيارة كان ولي عهد الأردن الأمير الحسين بن عبدالله ينوي القيام بها إلى القدس، في تأجيل زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى دولة الإمارات.
وقال نتنياهو إن إلغاء زيارته، الخميس، إلى الإمارات كان بسبب سوء تفاهم مع المملكة الأردنية. وأضاف في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيريه الهنغاري فيكتور أوربان والتشيكي أندريه بابيس على هامش زيارة يجريانها لإسرائيل إن زيارته للإمارات “لم تكن ممكنة بسبب صعوبات في تنسيق الرحلات الجوية وسوء التفاهم بسبب حادثة وقعت الأربعاء في الحرم القدسي”.
وأشار إلى أنّه تحدّث مع ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان واتفقا على أن يقوم بزيارة إلى الإمارات قريبا.
وفي ذات السياق قالت وكالة الأنباء الإماراتية “وام” إنّ الشيخ محمد بن زايد تلقى اتصالا هاتفيا من نتنياهو جرى في إثره الإعلان عن إنشاء صندوق بقيمة 10 مليارات دولار يستهدف الاستثمار في قطاعات استراتيجية في إسرائيل.
أيمن الصفدي: إسرائيل فرضت ترتيبات غير مقبولة على زيارة ولي العهد إلى القدسومن الجانب الأردني تمّ الإعلان عن إلغاء ولي عهد المملكة زيارة كان من المقرّر أن يقوم بها إلى المسجد الأقصى في القدس، وذلك لمنع إسرائيل من تقويض أول زيارة له للمواقع المقدسة في المدينة.
وأكد وزير الخارجية أيمن الصفدي أنّ الزيارة كانت مقرّرة بالفعل ثم تمّ إلغاؤها، وذلك بعد أن أعلنت إسرائيل أنّ الزيارة كانت ستتم الأربعاء قبل أن تلغى “بسبب خلاف على الترتيبات الأمنية في الموقع”.
وتقول مصادر أردنية إنّ معسكر اليمين الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء نتنياهو يعمل منذ سنوات على فرض منظوره لقضية إشراف الأردن على المسجد الأقصى من زاوية أنّ هذه المنحة التي أسندها إسحاق رابين للمملكة مسألة تجاوزها الزمن، وأنّ التصرّف في المواقع الإسلامية في القدس يجب أن يتمّ على أساس الأمر الواقع.
ويبدو أن نتنياهو الذي يستعدّ لخوض انتخابات جديدة في الثالث والعشرين من الشهر الجاري لم يكن يرغب في أن تتم زيارة ولي العهد الأردني في هذا التوقيت مخافة أن يكون لها تأثير انتخابي سلبي.
ويرغب نتنياهو في استمالة الناخبين العرب في إسرائيل، لكنّه لا يستطيع في المقابل المجازفة بإغضاب الناخبين الإسرائيليين المتدينين. وقال الصفدي إن ولي العهد ألغى زيارة دينية كانت مقرّرة للمسجد الأقصى بعد أن حاولت إسرائيل فرض إجراءات غير مقبولة على برنامجه.
وجاء ذلك في معرض رده على سؤال خلال مؤتمر صحافي عقد الخميس عقب اجتماع وزاري رباعي جمعه بنظرائه المصري والفرنسي والألماني بالعاصمة باريس. وأوضح الوزير الأردني أن ولي العهد “أراد إجراء زيارة دينية للمسجد الأقصى لأداء الصلاة في ليلة الإسراء والمعراج”.
وأضاف “اتفقنا مع إسرائيل حول ترتيبات الزيارة وتفاجأنا في اللحظة الأخيرة بأن الجانب الإسرائيلي حاول فرض ترتيبات جديدة والتضييق على المقدسيين في هذه الليلة المباركة”. وتابع “ألغى ولي العهد الزيارة بعد تراجع إسرائيل عن ترتيبات اتفقنا عليها ومحاولة فرض ترتيبات جديدة لا يمكن أن نقبل بها”.
معسكر اليمين الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء نتنياهو يعمل على فرض منظوره لقضية إشراف الأردن على المسجد الأقصى من زاوية أنّ هذه المنحة مسألة تجاوزها الزمن
وجاء هذا الخلاف كمظهر على “برودة” السلام القائم بين المملكة الأردنية والدولة العبرية وعدم تمكّن الطرفين من تخليصه من تأثيرات العديد من الملفّات الخلافية التي ظلّت تظهر إلى العلن بين فترة وأخرى. وفي سنة 2019 أصرّ الأردن على استعادة أراضي الباقورة والغمر الواقعتين على طول الحدود المشتركة بين المملكة وإسرائيل إثر انتهاء اتفاق مبرم بشأنهما بموجب معاهدة السلام بين الجانبين والتي كان أحد ملاحقها قد نص على تمكين إسرائيل من استئجار تلك الأراضي الخصبة لمدة 25 عاما. وبذلت إسرائيل مساعي لتمديد التأجير لكنّ عمّان أصرّت على بسط سيادتها على المنطقتين الأمر الذي أسهم في تكريس حالة الفتور في العلاقات الإسرائيلية الأردنية.
وكانت زيارة نتنياهو فيما لو تمّت الخميس ستكون هي الأولى لرئيس وزراء إسرائيلي للإمارات. وقال بيان صادر عن مكتب نتنياهو إن تعطل منح عمّان تصريحا لطائرة رئيس الوزراء بالتحليق في المجال الجوي للأردن يتعلق بإلغاء زيارة ولي عهد الأردن إلى المسجد الأقصى. وأضاف البيان أن التصريح صدر في نهاية المطاف، لكنّه كان متأخرا بالنسبة إلى جدول أعمال زيارة نتنياهو إلى الإمارات.