تقول بشرى لموقع “سكاي نيوز عربية”، “لحظة دخولي الملعب، كان الضغط كبيرا و شعوري بالمسؤولية أكبر، لكن سرعان ما تحول إلى طاقة إيجابية مع إطلاقي لصافرة البداية، حيث كان تركيزي كله منصبا على الوصول بالمباراة إلى بر الأمان”.

وتابع المقابلة التي نقلت على شاشة القناة “الرياضية” بالمغرب يوم العاشر من أكتوبر، جمهور عريض أشاد عبر مواقع التواصل الاجتماعي باحترافية الحكمة المغربية خلال  اللقاء الذي جمع بين فريقي المغرب التطواني وأولمبيك خريبكة، وتداولوا صورلها وبعض اللقطات من المباراة، وعبروا عن إعجابهم بقوة شخصيتها وحزمها أمام اللاعبين الرجال.

وخلف صورة الحكمة القوية التي صفق لها الجمهور، حكاية لسيدة تحدت محيطها، ثابرت، وواجهت الصعاب لسنوات، للتثبت للجميع أن لا شيء يمكنه أن يقف أمام إرادة امرأة في الوصول إلى هدفها طالما تحلت بالعزيمة .

البداية بكرة القدم

قبل اقتحامها مجال التحكيم، لعبت الشابة الثلاثينية كرة القدم، وهو ما ساعدها في ما بعد في إدارة المباريات، لتتمكن بفضل اجتهادها وحبها للتحكيم من الحصول على الشارة الدولية سنة 2016، وتصبح ضمن الحكمات الإفريقيات الست المرشحات لإدارة بطولة كأس العالم للسيدات عام 2023.

تحكي بشرى ابنة مدينة تازة (شمال شرق المغرب) ” كنت أزاول كرة القدم قبل افتتاح أول مدرسة خاصة للتحكيم أبوابها في مدينة تازة عام 2001، إلا أنها لم تلق إقبالا كبيرا من طرف الفتيات، مما دفع إدارتها إلى عرض دراسة قواعد التحكيم على ممارسات كرة القدم في المدينة لمساعدتهن على اللعب بطريقة أكثر احترافية”.

تضيف بشرى ” كنت من بين الفتيات اللواتي التحقن بمدرسة التحكيم الجديدة، لاكتشف فيما بعد أن هذا المجال يوفر فرصا أفضل من لعب كرة القدم، وأوقف بعدها مسيرتي كلاعبة وأبدأ مسيرة أخرى في التحكيم الكروي”.

بشرى كربوبي

بشرى كربوبي.. لياقة عالية لسيدة دخلت التاريخ الكروي

رفض الأهل وانتقاد الجمهور

بعد قرارها دخول مجال التحكيم سنة 2001 وهي لم تتجاوز آنذاك 14 عاما، تدرجت بشرى في هذا المجال كحكمة بإحدى الدوريات المحلية، لتنتقل بعدها في عام 2007 إلى البطولة الوطنية النسوية، وفي سنة 2016 تمكنت بشرى من أن تصبح حكمة دولية تمثل المغرب في مباريات خارج المملكة.

تتذكر بشرى أن “عائلتها المحافظة لم ترحب مطلقا بفكرة ولوجها ميدان ممارسة كرة القدم أو التحكيم، لأن ذلك يدخل ضمن ثقافة “العيب” في مدينة صغيرة مثل تازة ، حيث كان ارتداء الفتاة لـ”الشورت” الذي تلبسه الحكمات أمرا مرفوضا” .

وأوضحت بشرى أنه “رغم الصعوبة التي وجهتها لإقناع العائلة في البداية، استطاعت تجاوز ذلك العائق بفضل النجاح الذي حققته في المجال، وصار إخواتها يشجعونها ويرافقونها للتدريب، خصوصا عندما ارتقت إلى حكمة وطنية “.

إلى جانب رفض أهلها، واجهت بشرى في بداية مسيرتها صعوبات من نوع آخر ” لم يتقبلني الجمهور وهو أمر كنت أتوقعه خاصة في مدينة صغيرة أهلها محافظون، و على عكس ذلك ساعدتني الانتقادات على تقوية شخصيتي، وكان تركيزي ينصب حينها على ما يجري في الملعب وكل هاجسي كان إدارة المباراة بشكل جيد”.

الشرطية الحكمة

تشتغل بشرى المتزوجة و الأم لطفلة كضابطة في الشرطة المغربية، المهنة التي كرست لها وقتا وجهدا كبيرين، ورغم ذلك نجحت في التوفيق بين عملها وهوايتها في التحكيم وبين دورها كربة بيت.

الوصول إلى الهدف يستلزم الكثير من التضحية، كما تقول بشرى و تضيف “في مهمتي كشرطية أقوم بتأدية عملي بشكل عادي جدا، وعندما أكمل ساعات العمل أتجه إلى التداريب البدنية مباشرة، لأعود إلى بيتي وأزيل قبعة الشرطية و صافرة الحكمة وأصبح تلك الزوجة التي ترعى بيتها كباقي النساء الأخريات وأقوم بدور ربة بيت بشكل طبيعي”.

و تستطرد بشرى قائلة ” أعمل وأتدرب طيلة أيام الأسبوع، ولا أخصص أي يوم للراحة، غير أنني لا أنكر أنني أجد راحتي داخل الملعب وفي عملي، وبرفقة ابنتي”.